الإعلانات

التواصل الاجتماعي

حق ولاة الأمر

  • April 8, 2020

 

الحمد الله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فإن العباد في هذه الدار لهم حقوق وعليهم واجبات حتى ولاة الأمر، كما أن عليهم واجبات لهم حقوق، فمن أعظم حقوق ولاة الأمر السمع والطاعة، فالله عز وجل أمرنا بأن نسمع لهم ونطيع فقال جل وعلا: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، وأيضاً ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن عليه الصلاة والسلام قال: (ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصي الأمير فقد عصاني)، وأيضاً ثبت في الصحيحين من حديث بن عمر رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية)، وأيضاً ثبت في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه والسلام على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله)، وأيضاً جاء عنه في الصحيحين من حديث حذيفة قال عليه الصلاة والسلام: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)، وأيضاً قال: (يد الله مع الجماعة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة)، وقال صلى اله عليه وسلم: (الجماعة رحمة والفرقة عذاب)، فالأحاديث في هذا الباب في باب السمع والطاعة لولاة الأمر كثيرة؛ البعض يرى السمع والطاعة لولي المسلمين عموماً، فما يرى السمع والطاعة لولي أمره على قطرٍ من الأقطار ما يعترف يظن أن السمع الطاعة لولي الأمر المراد من كان ولياً على عموم المسلمين؛ نعم ولي الأمر قد يكون على عموم البلاد وعموم المسلمين، وقد يكون على قطر من أقطار المسلمين فله السمع والطاعة تماماً لا فرق.

والولاية تكون بأمور أيها الإخوة الولاية تكون بأمور:

أولاً: بالبيعة ببيعة أهل الحل والعقد له، كما حصل لأبي بكر رضي الله عنه حيث بايعه أهل الحل والعقد، وكذلك بايع أهل الحل والعقد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وأيضاً تكون الولاية وتثبت الولاية بالوصية يوصي إمام المسلمين لمن بعده، كما فعل أبو بكر رضي الله عنه حيث أوصى الولاية والخلافة لعمر رضي الله عنه.

وأيضاً بأن ينصب ولي الأمر عدداً ممن يصلحون للولاية، كما فعل عمر جعل أهل الشورى جعل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نفراً جعل عثمان رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وطلحة رضي الله عنهم جميعاً فاختار أهل الحل والعقد واحداً من هؤلاء من أهل الشورى.

وأيضاً تكون الولاية بأن يتنازل الإمام لفلان فيأخذ الولاية بتنازل من قبله، كما حصل لحسن حيث تنازل بالولاية والخلافة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.

وهكذا أيضاً باجتماع أهل العصر، وهكذا أيضاً في الغلبة والقهر إذا استبب له الأمر ومسك بزمام الأمور وأصبح زمام الأمور في يده فله السمع والطاعة حتى لو أخذ الولاية والخلافة والإمارة بالقوة بالقهر بالغلبة له السمع والطاعة، كما أخذ العباسيون الولاية والخلافة من الامويين فتجب الطاعة لولاة الأمر، والنبي عليه الصلاة والسلام نوه على ذلك قال: (عليكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي) مع أن العبد ليس أهلً للولاية، قال: (وإن تأمر عليكم عبد حبشي رأسه كأنه زبيبة)، وفي رواية (مجدع الأطراف) تسمع وتطيع في كل الأحوال، تسمع وتطيع إن كان عبداً مع أن العبد ليس أهلاً للولاية، تسمع وتطيع هذا هو أمر النبي عليه الصلاة والسلام، تسمع وتطيع وإن تأمر عليكم عبد حبشي، تسمع وتطيع لولي الأمر في كل الأحوال، تسمع وتطيع في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرةٍ علينا، تسمع وتطيع وإن آثروا الدنيا وإذا أخذوا الأموال والمناصب والوظائف والأعمال والعقارات والأراضي وكذا وكذا من حطام الدنيا الزائل تسمع وتطيع في كل الأحوال في حال الرخاء في حال الشدة في حال الغنى في حال الفقر في حال كذا وكذا وفي حال كذا وكذا، تسمع وتطيع في كل الأحوال ما نكون كما قال صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)، وذكر رجلاً فقال: (ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها ما يريد وفى له، وإن لم يعطه لم يف له) خطأ تبايع الإمام من أجل الدنيا من أجل دراهم ودنانير معدودة، وإذا ما وجدت الدنيا خرجت من الطاعة هذا الأمر لا يجوز.

البعض يقول أنا ما بايعت فلا يلزمني السمع والطاعة لا؛ البيعة بيعتان بيعة أهل الحل والعقد وبيعة الرعية، كيف بيعة أهل الحل والعقد؟ تكون بالمباشرة بالمصافحة بصفقة اليد بالقول، أما بيعة الرعية تكون في العنق بيعة اعتقاد بيعة قلب أنت ما باشرت ولم تضع يدك على يد الإمام ولا قلت له أبايعك، لكن في قلبك بيعة في عنقك بيعة تلزمك بيعة أهل الحل والعقد للإمام حتى لو لم تباشر البيعة؛ لأن البعض يقول أنا ما بايعت إذاً لا تلزمني البيعة تلزمك البيعة إن كنت من الرعية؛ لأن أهل الحل والعقد بايعوا هذا الإمام فلابد أن تبايع، والنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من الخروج على الإمام فقال كما في صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك (ولا تنزعوا يداً من طاعة)، وأيضاً ثبت في صحيح مسلم من حديث بن عمر رضي الله عنهما أنه قال صلى الله عليه وسلم: (من خلع يداً من طاعة لقيَ الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات ليس في عنقه بيعة مات ميتةً جاهلية)، وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتةً جاهلية) إذاً لابد السمع والطاعة لولاة الأمر في كل الأحوال تسمع وتطيع إلا في حالة واحدة في المعصية، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (على المرء المسلم السمع والطاعة في ما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية إلا أن يؤمر بمعصية)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة بالمعروف)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، لكن تنبه في هذه المعصية في هذا الأمر الذي فيه معصية، أما السمع الطاعة في أعناقنا لهذا الحاكم ولولي أمرنا، لكن في هذه المسألة فقط، ولهذا ما يصدر من ولاة الأمر على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يكون طاعة لله فهنا نحن نسمع ونطيع امتثالاً لأمر ربنا ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم هذه قربة من أجل القربات سواء كان أمراً واجباً أو أمراً مستحباً أو أمراً مباحاً.

ثم ما يقابل هذا في المعصية لا تجوز طاعة أي مخلوق في معصية الخالق.

ثم في الأمور الاجتهادية في المسائل الاجتهادية إذا كانت هناك مسألة فيها خلاف وهذه المسألة من المسائل الاجتهادية فذهب ولي الأمر إلى أحد القولين في هذه المسألة ومعه من أهل العلم والفضل في ذلك فعلينا أن نطيع ولي أمرنا درءاً للخلاف ودرءاً للفرقة، كما صنع بن مسعود لما صلىَ خلف عثمان رضي الله عنه، وقال الخلاف شر مع أنه كان يرى بخلاف ما يرى عثمان رضي الله عنه، لكن صلىَ خلفه وقال الخلاف شر.

إذاً أن يكون الصادر من ولي الأمر في طاعة الله لابد من السمع له والطاعة وهذا من القربة إلى الله عز وجل، وأيضاً في المسائل الاجتهادية إذا اختار الإمام أحد القولين أيضاً نسمع ونطيع في ذلك درءاً للمفاسد ودرءاً للخلاف لأن الخلاف شر، أما في معصية الله فلا لا سمع ولا طاعة لأي مخلوق في المعصية وتبقى في بقية الأمور السمع والطاعة لولاة أمرنا تلزمنا الطاعة وتكون الطاعة في أعناقنا لهذا الولي لولي أمرنا، لكن في هذه المسألة في هذه الجزئية فقط، ثم ما موقفنا تجاه هذه المعصية نحن نبغض المعصية ولا نرضى بالمعصية ونكره وننكر المعصية بقلوبنا، لكن ما نشنع على ولاة الأمر ولا نشهر بهم ولا نشيع غلط ولاة الأمر ما نصنع كما تصنع الخوارج القعدية يجلسون خلف الشاشات ويكتبون في الصحف ويكتبون في وسائل التواصل الاجتماعي أن ولي الأمر فعل كذا وكذا ينقمون على ولاة الأمر، كما نقم الخوارج قديماً على عثمان رضي الله عنه وعلى علي وقبل ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم؛ هذا من فعل الخوارج القعدية الذين يزينون للناس الخروج ويحرضون الناس على الخروج فلنحذر هذا.

الموقف الأول أننا نبغض المعصية نكره المعصية وننكر المعصية في قلوبنا، ثم لا نشيع غلط الإمام ولا نشهر به ولا نشنع عليه واضح.

أيضاً المناصحة من حق ولاة الأمر المناصحة ننصح، لكن هذه المناصحة تكون سراً بينك وبينهم سراً، أما التشهير فلا يجوز حتى لو كان هناك خواص ولي الأمر لا تناصحه مع خواصه، وإنما سراً بينك وبينهم فقط، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ذلك من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، وليأخذ بيده وليخلوا به، فإن قبلها قبلها، وإلا فقد أدى الذي عليه)، فالسمع والطاعة لولاة الأمر هذا الذي أمره الله عز وجل وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من حقوقهم، ثم عدم الخروج ليس المقصود من الخروج على ولاة الأمر الخروج بالسيف؛ نعم هذا خروج ما نشك أنه خروج، لكن هناك خروج أيضاً آخر باللسان بالقول بالكلمة؛ البعض يخرج بأن يتكلم على ولاة الأمر في المجالس وفي الخطب والمحاضرات والندوات وفي وسائل التواصل الاجتماعي وفي المجالس وفي كذا وكذا؛ يتكلم على ولي الأمر وينقم عليه هذا من الخروج؛ الذي خرج على النبي عليه الصلاة والسلام خرج بكلمة هذا أول الخارجي في الإسلام ذو الخويصرة قال للنبي صلى الله عليه وسلم اعدل، خرج من أجل ماذا؟! من أجل الدرهم والدينار، كما يحصل الآن يخرجون لأجل الدنيا لأجل المال ورغد العيش؛ الخروج ما يجلب إلا الدمار والفساد وسلب الأموال وانتهاك الأعراض وإسالة الدماء وازهاق الأرواح، ذكر شيخ الإسلام بن تيمية ذلك على مر العصور والقرون، فلهذا لا يجوز الخروج على الإمام بتاتاً، قال عباد بن الصامت رضي الله عنه: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان)، يعني الخروج يجوز لكن في حالة ضيقة، ولابد أن تجتمع الشروط، والشروط هذه تصعب اجتماعها؛ هذه الشروط ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم (إلا أن تروا) ما قال تسمع من هنا وهناك، ما قال تسمع الاشاعات، (إلا أن تروا كفراً) ما قال ظلماً، ما قال فسقاً، ما قال جوراً، ما قال معصيةً، ما قال كبيرةً من الكبائر زنا ربا سرقة كذا وكذا، (كفراً إلا أن تروا كفراً بواحاً)، ليس هذا الكفر في الخفاء إنما هو بواح ظاهر بَيَّن لكل أحد غير خاف واضح وضوح الشمس يفوح هذا الكفر، (إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان) عندكم حجة أن هذا كفر، ما يختلف فيه اثنان ولا يشك فيه أحد أن هذا كفر، أيضاً قال العلماء أيضاً لابد من الاستطاعة ومن القدرة، أيضاً هناك شرط آخر لابد من وجود البديل، أما أن نترك البلاد هكذا فوضى من غير ولي الأمر، فهذه الشروط تصعب اجتماعها.

فمن حقوق ولاة الأمر علينا السمع والطاعة، من حقوق ولاة أمرنا في الحقيقة ذكر المحاسن وكف المساوئ، وأيضاً من حقوق ولاة أمرنا أن ندعوا لهم، ولهذا قال الفضيل (لو كانت لي دعوه مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان) ما قال لنفسي في كذا وكذا، وكذا وكذا في أمر الدنيا قال: (في السلطان)، لماذا؟! لأن الخير سيعم على الناس وعلى الرعية الله أكبر؛ إذاً الدعاء لولاة الأمر من حقوقهم، لكن إذا رأيت الرجل يدعوا على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، كما ذكر البربهاري رحمه الله (إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة) الله أكبر إذاً ذكر المحاسن والكف عن المساوئ والدعاء لهم، وأيضاً الالتفاف حولهم وجمع الكلمة ما يحرص على الفرقة وتفريق الكلمة وشق العصا هذا من حقوق ولاة الأمر وعدم نزع يد الطاعة.

من صور الخروج  قلنا بالكلمة، وأيضاً من صور الخروج النزول إلى الساحات والميادين؛ هذه الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات من صور الخروج، رفع الرايات واللافتات التي تدل على الاعتراض، من الخروج ذكر المساوئ من الخروج، الكف عن المحاسن ما يجوز فلابد أن نتنبه، أيضاً الالتحاق بالجماعات الخارجية بهذه التنظيمات التي خرجت على ولاة الأمر كداعش وجبهة النصرة والقاعدة؛ هذه جماعات خارجية فلا يجوز لأحد أن يلتحق بها، وأيضاً هذه البيعات التي تعقد لغير ولي الأمر من الخروج، وأيضاً هذه المجالس السرية والتنظيمات السرية والالتحاق بها من الخروج؛ لهذا قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: (إذا رأيت قوماً يتناجون في دينهم بشيء دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة) المسلم واضح ما يخفي شيء، وأيضاً من الخروج هذه العمليات التدميرية التفجيرية الانتحارية التخريبية، فلا يجوز لمسلم أن يقتل نفسه ولا أن يقتل غيره لا من المسلمين ولا من الكفار حتى الكفار ما يجوز الكفار، كما قلنا مراراً وتكراراً إما أنهم ذميون وإما أنهم معاهدون وإما أنهم مستأمنون؛ هؤلاء لا يجوز هؤلاء لهم ذمة دفعوا الجزية عن يدهم وهم صاغرون، هؤلاء معاهدون عندهم عهد مع ولي أمرنا فلا يجوز الاعتداء عليهم، وكذلك المستأمنون لا يجوز أن نعتدي عليهم، أما الحربيون فنعم هذا بإذن ولي الأمر واضح، فمن حقوق ولاة الأمر كما ذكرنا السمع والطاعة والدعاء لهم وذكر المحاسن والكف عن المساوئ، وأيضاً أن نصلي خلفهم الصلوات الخمس والجمع والعيدين ونحج معهم وأن نجاهد معهم نكون مع ولاة أمرنا هذا من حقوقهم بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعي