الإعلانات

التواصل الاجتماعي

هدي النبي ﷺ في شعبان

  • April 8, 2020

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان الصيام والإكثار منه في هذا الشهر، كان يكثر الصيام في شعبان، كانت تقول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم)، تقول عائشة رضي الله عنها: (وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل شهراً قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان كان يصومه إلا قليلا، بل كان يصومه كله) من كثرة ما كان يصوم شعبان عليه الصلاة والسلام كان يصوم كله إلا قليلاً، فأحب الصيام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان كما جاء عند أحمد من حديث أنس رضي الله عنه (وكان أحب الصوم إليه في شعبان)، بل الصوم في شعبان يعدل يومين عن غيره كما جاء في الصحيحين من حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل رجلاً فقال: (يا أبا فلان أما صمت من سرر شعبان)، فقال: لا، فقال عليه الصلاة والسلام له: (فإذا أفطرت فصم يومين)، ذكر ابن حجر في الفتح من فوائد هذا الحديث فضيلة الصيام في شهر شعبان هذا أولاً، وصوم يوم واحد من شعبان يعدل يومين من غيره فالأجر عظيم، وروى النسائي عن أسامة رضي الله عنه قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصومه في شعبان، فقال الصلاة والسلام: (ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع الأعمال فيه فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم).

هذا الحديث يدل أولاً على فضل الصيام في شعبان حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر الصيام في شعبان عن سائر الشهور كما قال أسامة: (لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصومه في شعبان).

وأيضاً في هذا الحديث بيان للحكمة من صيام شعبان، لماذا كان يصوم عليه الصلاة والسلام شعبان؟! الحكمة الأولى غفلة الناس في شهر شعبان كما قال عليه الصلاة والسلام: (ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان) الغفلة.

أيضاً الحكمة الثانية أن الأعمال ترفع وذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وهو شهر ترفع الأعمال فيه إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)، فالأجر يضاعف عند غفلة الناس على سبيل المثال عندما ينام الناس بالليل الناس في غفلة وفي سكون وفي نومهم وسباتهم وراحتهم وأنت تقوم آخر الليل تقوم بين يدي الله عز وجل تقرأ القرآن فالفضل عظيم (تتجافى جنوبهم عن المضاجع)، وأيضاً قال الله عز وجل: (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون)، والنبي صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ كما عند الترمذي من حديث عبدالله بن سلام (يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام)، وأيضاً في السوق حيث يكثر اللغط الناس في غفلة يكثر اللغط والسخب وترتفع الأصوات وتجد في السوق السب والشتم هذا يماكس هذا وهذا يكاسر هذا وتجد ما تجد من الغش والكذب والخداع والمكر وكذا وكذا، وفلان يذكر الله بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الترمذي من حديث عمر أنه عليه الصلاة والسلام قال: (من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحى عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة)، الأجر يضاعف في مواطن الغفلة، ولهذا أيضاً بَيَّنَ عليه الصلاة والسلام فضل العبادة في الهرج والمرج في أوقات الفتن كما في صحيح مسلم من حديث معقل بن يسار أنه قال صلى الله عليه وسلم: (العبادة في الهرج كهجرة إلي) الله أكبر.

إذاً الحكمة الأولى لأن الناس يغفلون عن شهر شعبان وهو شهر بين رجب ورمضان.

والحكمة الثانية أن الأعمال ترفع إلى الله عز وجل في شهر شعبان.

وعرض الأعمال على مراتب العرض اليومي والعرض الأسبوعي والعرض الحولي، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا في العرض اليومي قال: (إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور)، فالأعمال ترفع في كل يوم.

وأيضاً الأعمال ترفع وتعرض في كل أسبوع من كل اثنين وخميس كما جاء عند الترمذي من حديث أبي هريرة (تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم).

وهذا الحديث العرض الحولي قال (وهو شهر يرفع إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)، فشهر شعبان شهر الصيام الإكثار فيه من الصيام.

أما بالنسبة لليلة النصف من شعبان فلا يشرع لا صيام ولا قيام ولا عبادة من أي نوع من انواع العبادات، وإنما الأحاديث التي وردت في ليلة النصف من شعبان وفي النصف من شعبان كلها ضعيفة وبعضها موضوعة أي مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام بعض الأحاديث أن الله عز وجل يغفر لجميع خلقه، لكن هذه المغفرة ليست معلقة على عبادة معينة لا على قيام ولا على صيام ولا على إطعام طعام، وإنما على تحقيق التوحيد وتحقيق الإخوة الإيمانية، فقد روى الطبراني عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يطلع الله ليلة النصف من شعبان إلى خلقه فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن)، وجاء أيضاً في البيهقي في شعب الإيمان عن أبي ثعلبة الخشني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يَدَعُوا)، فالشاهد أن هذه المغفرة في ليلة النصف من شعبان ليست معلقة على عبادة معينة لا على صيام ولا على قيام ولا على إطعام طعام ولا على توزيع حلوى، وإنما هذه المغفرة معلقة على تحقيق التوحيد وعلى تحقيق الإخوة الإيمانية، معلقة إذا أصلحت ما بينك وبين ربك، إذا أصلحت ما بينك وبين إخوانك، معلقة إذا قمت بحق الله عز وجل، وإذا قمت بحق إخوانك، كما قال: (يغفر للمؤمنين ويملي للكافرين)، قال: (إلا لمشرك أو مشاحن)، فالإنسان يصلح ما بينه وبين ربه وما بينه وبين إخوانه، فينال بإذن الله عز وجل هذه المغفرة.

أما أن تحدث عبادة ما أنزل الله بها من سلطان، فالبعض يأتي بعبادات يصلي ليلة النصف من شعبان صلاة غريبة عجيبة ما أنزل الله بها من سلطان، يعني يصلي هذه الصلاة التي يسمونها بالألفية من مئة ركعة يقرأ يعني الإخلاص عشر مرات، والبعض يصلي ست ركعات يعني بنية دفع البلاء أو الاستغناء عن الناس أو يعني غير ذلك من النيات فهذه الأمور ما أنزل الله عز وجل بها من سلطان، يخصص دعاء مخصوص يأتي بأدعية مخصوصة أو يقرأ سورة يس فهذه الأمور يعني ما تشرع، وإنما تكثر الصيام في شهر شعبان عليه الصلاة والسلام قال: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) ما تخصص النصف الثاني بصيام وإنما تبدأ الصيام من أول شعبان وتواصل، أما أن تخصص النصف الثاني بصيام فلا، وأيضاً في تمام شعبان وفي نهاية وآخر شعبان ما تصوم يعني آخر شعبان من باب الاحتياط لرمضان لا، جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصم)، يعني ما تصوم من باب الاحتياط، وإنما من كان له عادة في صيام يوم وترك يوم أو من كان يصوم الاثنين والخميس فوافق يعني هذا الصوم آخر شعبان فلا بأس ولا حرج.

إذاً ما نخصص ليلة النصف بصيام ولا بقيام ولا بأي عبادة، وأيضاً إذا انتصف شعبان يعني ما نخصص النصف الثاني يعني بصيام وأيضاً في تمام الصيام إلا من كان له عادة من كان يصوم الاثنين والخميس أو كان يصوم يوماً ويفطر يوماً فهذا لا حرج هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان أنه كان يكثر الصيام في شعبان، أما أن تخصص عبادة من العبادات فلا، وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وأيضاً قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا على السنة سنة النبي صلى الله عليه وسلم بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.