الإعلانات

التواصل الاجتماعي

الدرس السابع في التعليق على المحجة البيضاء

  • November 21, 2020

 

قول النووي:

الأبواب التي تجوز فيها الغيبة قال النووي ـ رحمه الله ـ في: “رياض الصالحين”  باب ما يباح من الغيبة:

اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي، لا يمكن الوصول إليه إلا بها، وهو ستة أبواب:

1 ـ الأول: التَّظَلُّم: فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما، ممن له ولاية وقدرة على إنصافه من ظالمه؛ فيقول: ظلمني فلان

2 ـ الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر، ورد العاصي إلى الصواب: فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا فازجره عنه، ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر؛ فإن لم يقصد ذلك كان حراماً.

3 ـ الثالث: الاستفتاء: فيقول للمفتي: ظلمني أبي، أو أخي، أو زوجي، أو فلان بكذا؛ فهل له ذلك؟. وما طريقي في الخلاص منه، وتحصيل حقي، ودفع الظلم؟. ونحو ذلك؛ فهذا جائز للحاجة، ولكن الأحوط والأفضل أن يقول: ما تقول في رجل، أو شخص، أو زوج كان من أمره كذا؟. فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين، ومع ذلك فالتعيين جائز، كما سنذكره في حديث هند ـ إن شاء الله ـ.

4 ـ الرابع: تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم: وذلك من وجوه:

منها: جرح المجروحين من الرواة والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين، بل واجب للحاجة.

ومنها: المشاورة في مصاهرة إنسان أو مشاركته، أو إيداعه، أو معاملته، أو غير ذلك، أو مجاورته.

ويجب على المشاوَر أنه لا يخفي حاله، بل يذكر المساويء التي فيه بنية النصيحة.

ومنها: إذا رأى متفقهاً يتردَّد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم، وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك؛ فعليه نصيحته ببيان حاله، بشرط أن يقصد النصيحة، وهذا مما يُغلَط فيه، وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد، ويلبس الشيطان عليه ذلك ويخيل إليه أنه نصيحة؛ فليتفطن لذلك.

ومنها: أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها، إما أن لا يكون صالحاً لها، وإما أن يكون فاسقاً ومغفلاً، ونحو ذلك؛ فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة، ليزيل ويولي مَن يصلح، أو يعلم ذلك منه ليعامله بمقتضى حاله، ولا يغتر به، وأن يسعى في أن يحثه على الاستقامة، أو يستبدل به.

5 ـ الخامس: أن يكون مجاهراً بفسقه أو بدعته؛ كالمجاهر بشرب الخمر، ومصادرة الناس وأخذ المكس، وجباية الأموال ظلماً، وتولي الأمور الباطلة؛ فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب، إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه.

6 ـ السادس: التعريف؛ فإن كان الإنسان معروفاً بلقب، كالأعمش، والأعرج، والأصم، والأعمى، والأحول، وغيرهم؛ جاز تعريفهم بذلك، ويحرم إطلاقه على وجه التنقيص، ولو أمكن تعريفه بغير ذلك كان أولى.

فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء، وأكثرها مجمع عليها، دلائلها من الأحاديث الصحيحة المشهورة.

التعليق:

فالأصل في الغيبة أنها محرمة لقوله تعالى {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} ولقول النبي (أتدرون ما الغيبة؟» قالوا: الله ورسوله أعلم قال ذكر أخاك بما يكره) لكن الغيبة تجوز في ستة مواضع جمعهما الناظم في قوله القدح ليس بغيبة في ستة…. متظلم ومعرف ومحذر

ولمظهر فسقاً ومستفتٍ….. ومن طلب الإعانة في إزالة منكر

ذكر النووي رحمه الله ـ في: “رياض الصالحين” باب ما يباح من الغيبة:

وذكر إباحة الغيبة أنها تكون لغرض شرعي صحيح لا يمكن الوصول إلى هذا الغرض إلا بالغيبة وإباحة الغيبة تكون في ستة مواضع:

الموضع الأول: المتظلم أي المظلوم فيجوز له أن يذكر مظلمته عند القاضي أو الحاكم الذي له قدرة على إرجاع حقه، فيقول للقاضي مثلا فلان ظلمني فلان أخذ مالي فلان ضربني هذا لا بأس به لأنه مظلوم يذكر مظلمته لمن يقدر على إرجاع حقه.

الموضع الثاني الذي تجوز الغيبةُ فيه من طلب الإعانة في إزالة منكر ورد العاصي إلى الصواب، فمثلاً يقول يعني للذي يغلب على ظنه أنه إذا نصح فلانا أنه سيقلع عن المعصية ويترك والمنكر، فلان يكذب أو فلان يسرق أو فلان يسب ويشتم ويلعن فانصحه بارك الله فيك ليترك ذلك فإنه يجلك ويقدرك وسيَنتصح بنصيحتِك بإذن الله، لكن لابد أن يكون مقصوده من ذكره يعني بهذه الأوصاف ترك المعصية لا أن ينال منه ويتنقصه لا. فإن كان هذا مراده فهذا لا يجوز.

الموضع الثالث إذا استفتى فيجوز أن يذكر للمفتي أن فلان فعل به كذا وكذا أو قال له كذا وكذا فما هو الحكم يسأل عن حكم المسألة يعني حتى لو ذكره بسوء ذكره بما يكرهه ليعرف حكم المسألة.

الموضع الرابع وهو الشاهد ومحذرٍ أي التحذير من فلان وفلان من أهل البدع والأهواء أو من المخالفين والمحذر منهم كابن هادي وغيره فلا بأس بذكر ما قالوا في كتبهم أو في أشرطتهم، يقول النووي رحمه الله جرح المجروحين من الرواة والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين، بل هو واجب للحاجة يعني ليس بجائز فقط وإنما هو واجب للحاجة.

وقال في مقدمة صحيح مسلم اعْلَمْ أَنَّ جَرْحَ الرُّوَاةِ جَائِزٌ بَلْ وَاجِبٌ بِالِاتِّفَاقِ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ لِصِيَانَةِ الشَّرِيعَةِ الْمُكَرَّمَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بَلْ مِنَ النَّصِيحَةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَزَلْ فُضَلَاءُ الْأَئِمَّةِ وَأَخْيَارُهُمْ وَأَهْلُ الْوَرَعِ مِنْهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ جَمَاعَاتٍ انتهى كلام النووي رحمه الله.

فالتحذير من هؤلاء المنحرفين يجوز لمصلحة المسلمين لأن هذا من باب النصيحة وليس من باب الغيبة والتشفي والنيل منهم لا. وإنما هذا من باب الذب عن السنة ومن باب حماية الدين من البدع والمحدثات.

قال رجل لابن المبارك: ” يا أبا الرحمن تغتاب فقال: “اسكت إذا لم نَبيِّن كيف يُعرف الحق من الباطل”.

وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: جاء أبو تراب يعني عسكر بن حصين إلى أبي فجعل أبي يقول فلان ضعيف وفلان ثقة فقال أبو تراب يا شيخ لا تغتب العلماء قال فالتفت أبي إليه فقال “ويحك هذا نصيحة هذا ليس بغيبة”.

فالتحذير من أهل البدع هو في الحقيقة لصالح أهل البدع كيف ذلك لأن بعد التحذير منهم وبيان وبدعهم وأخطائهم سيرجع عن هذا المحذر منه الكثير والكثير لن يتبعه فستقل بالتالي أوزاره، قال أبو صالح الفراء ذكرت ليوسف ابن اسباط عن وكيع شيئا من أمر الفتن فقال “ذلك يشبه استاذه يعني الحسن بن صالح فقال ليوسف أَمَا تخاف أن تكون هذه غيبة فقال لم يا أحمق أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتتبَعهم أوزارهم”.

 قال النووي

ومنها: المشاورة في مصاهرة إنسان أو مشاركته، أو إيداعه، أو معاملته، أو غير ذلك، أو مجاورته.

المشاورة في مصاهرة إنسان فلان يعني من الناس تقدم لخطبة فلانه فالأب يعني الولي سيسأل عن هذا الرجل، فهنا من النصيحة بيان حاله وهذا ليس من الغيبة جاءت فاطمة بنت قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أبا جهم ومعاوية خطبها فقال النبي أما أبو جهم فرجل لا يرفع عصاه عن النساء وأما معاوية فصعلوك لا مال له ولكن انكحي أسامة.

قال أو مشاركته في يعني مثلاً في تجارة فلان يستشيرك في فلان هل يشاركه في تجارة ما؟ فتقول له مثلاً فلان هذا نصاب نصب على فلان وفلان احذر منه لا تشاركه، فهذا ليس بغيبة هذا من النصيحة.

قال: إيداعه أي لعل المراد أن تجعل عنده وديعة، لعل هذا هو المراد يستشير هل أودع مالي عند فلان فيقول الناصح لا هذا معروف عنه أنه يجحد المال الذي يودع عنده هذا كذاب احذر أن تجعل مالك عنده هذا ليس من الغيبة هذا من النصيحة.

قال أو معاملته يعني يقول لك أخ ناصح احذر أن تتعامل مع فلان ببيع أو شراء هذا الشخص كذاب لا تتعامل معه هذا غشاش لا تشتري منه شيئاً ولا تبع عليه شيئاً.

هذا التحذير ليس من الغيبة وإنما من النصح إن سكت فأنت غاش لهم.

قال أو مجاورته يعني مثلاً يقال لفلان احذر أن تجاور فلان في السكن فالرجل مثلاً لا يتقي الله السب والشتم واللعن على لسانه أو هذا الرجل لا يصلي أو فلان هذا يشرب الخمر لا تجاوره، فهذا ليس من الغيبة هذا من النصيحة.

قال النووي بعد ذلك

ومنها: إذا رأى متفقهاً يتردَّد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم، وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك؛ فعليه نصيحته ببيان حاله، بشرط أن يقصد النصيحة، أي إذا رأيت طالب العلم يتردد على مبتدع أو فاسق فلا بأس أن تحذر منه هذا ليس من الغيبة أما أن تسكت وأنت تعلم أن فلان يذهب إلى هذا المنحرف أو المخالف أو الذي عنده  البدع والأهواء وتسكت هذا من الغش هذا ليس من النصح في شيء، الناصح دائما عليه أن يراقب قلبه يريد بنصيحته وجه الله ويريد أن يبتعد هذا المنصوح عن أهل الأهواء والبدع يعني يريد ألا يتبع هذا المنصوح هذا الضال أو هذا المبتدع فيضل مثله، لا يريد بتحذيره وجه الله لا يريد بحذيره شيء من حظوظ النفس لا وإنما يريد يعني إنقاذ هذا المتعلم ويريد ما عند الله من الأجر ودار الآخرة.

قال النووي ـ الخامس: أن يكون مجاهراً بفسقه أو بدعته؛ كالمجاهر يعني بشرب الخمر إلى آخره فيجوز ذكر ما فيهم من العيوب ولا يجوز ذكر ما ليس فيه من العيوب يعني المجاهر بالفسق أو بالبدعة يجوز أن تذكر عيوبه لكن ما ليس فيه هذا الأمر الذي لا يجوز.

قال النووي السادس التعريف؛ فإن كان هذا الإنسان معروفاً بلقب، كالأعمش، والأعرج، والأصم، والأعمى، والأحول، وغيرهم؛ جاز تعريفهم بذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت أم مكتوم، قال لها انتقلي عند ابن أم مكتوم الأعمى، فيجوز ذكر هذا الوصف من باب التعريف لا من باب التنقص منه والنيل منه لا، إنما من باب التعريف وإن استطعت أن لا تذكر هذا الرجل بهذا الوصف فهذا أفضل لكن إن كان هذا الرجل لا يعرف إلا بهذا الوصف فلا بأس حينئذ تقول فلان ابن فلان الأعمى أو الأعرج أو الأعمش إلى آخره لا بأس إن كان من باب التعريف.

يقول شيخنا ربيع حفظه الله هذه ستة أبواب كلها يجوز فيها الكلام لكن بشرط التجرد لله عز وجل من الهوى، والبعد عن الأغراض الشخصية، وقصد النصيحة النافعة للمسلمين التي تنفعهم وتدفع عنهم الضرر، بهذه الشروط وبهذه المواصفات لا يكون الكلام غيبة، كما تدل على ذلك النصوص، وقرره العلماء، ومن هذا الباب كتب الجرح والتعديل تراها من الكلام لمصلحة الحفاظ على السنة، والحفاظ على دين الله تبارك وتعالى، وبهذا القصد كتبها أئمة الإسلام لا رغبة في الطعن في الناس وإنما من باب النصيحة والحماية لدين الله تبارك وتعالى. انتهى كلام شيخنا ربيع حفظه الله نعم.

6 ـ قول الشاطبي:

وقال الشاطبي ـ رحمه الله ـ:

)) فإن فِرْقَة النجاة ـ وهم أهل السنة ـ مأمورون بعداوة أهل البدع، والتشريد بهم، والتنكيل بمن انحاش إلى جهتهم بالقتل فما دونه.

وقد حذر العلماء من مصاحبتهم ومجالستهم، وذلك مظنة إلقاء العداوة والبغضاء.

لكن الدرك فيها على من تسبب في الخروج عن الجماعة بما أحدثه من اتباع غير سبيل المؤمنين، لا على التعادي مطلقاً؛ فكيف ونحن مأمورون بمعاداتهم، وهم مأمورون بموالاتنا والرجوع إلى الجماعة.

وقال ـ أيضاً ـ: حين تكون الفِرقة تدعو إلى ضلالتها، وتزينها في قلوب العوام، ومن لا علم عنده؛ فإن ضرر هؤلاء على المسلمين كضرر إبليس، وهم من شياطين الإنس؛ فلا بد من التصريح بأنهم من أهل البدع والضلالة، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت الشهود على أنهم منهم.

فمثل هؤلاء لابد من ذكرهم، والتشريد بهم؛ لأن ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تُرِكوا أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير منهم؛ إذا كان سبب ترك التعيين والخوف من التفرق والعداوة.

ولا شك أن التفرق بين المسلمين، وبين الداعين إلى البدعة وحدهم ـ إذا أقيم عليهم ـ أسهل من التفرق بين المسلمين وبين الداعين، ومن شايعهم واتبعهم.

وإذا تعارض الضرران فالمرتكب أخفهما وأسهلهما، وبعض الشر أهون من جميعه، كقطع اليد المتآكلة؛ إتلافها أسهل من إتلاف النفس.

وهذا حكم الشرع أبداً: يطرح حكم الأخف وقاية من الأثقل.

التعليق:

نعم ذكر الشاطبي رحمه الله أن أهل السنة عليهم أي أنهم مأمورون بعداء أهل البدع أما التشريد بهم أي طردهم والتنكيل بهم بالقتل فما دون ذلك مثل الحبس مثلاً فهذا لولي الأمر وليس لأفراد الناس وعوام الناس.

 وأفراد الناس عليهم ألا يجالسوا أهل البدع ولا يصاحبوهم فإن العلماء حذروا منهم ومن بدعهم. 

وأهل البدع يزينون ضلالهم في قلوب العوام ومن لا علم عنده لكن لا تنطلي بدعهم وضلالهم على العلماء أو على طلاب العلم المنتبهين لمخالفات المندسين في صفوف السلفين فضلا عن هؤلاء يعني عن أهل البدع والأهواء فإن ضلال أهل البدع واضح لا يخفى إلا على من قل علمه.

فضرر أهل البدع على المسلمين كضرر إبليس، إبليس من شياطين الجن وهؤلاء من شياطين الإنس فلا بأس بالتصريح بأنهم مبتدعه هذا أمر واجب إذا كانوا كذلك.

إذا كنت لا تستطيع أن تصرح بأسماء أهل البدع خشية الضرر فصرح برؤوس أهل البدع وحذر من طريقتهم ومذهبهم الباطل، إذا تعارض ضرران ولابد من الوقوع في أحدها فارتكب أخف الضررين يعني كاليد المتآكلة فإنها تتلف حتى لا تتلف النفس وتهلك نعم 

.

7 ـ قول العلامة الشوكاني:

وقال العلامة محمد بن علي الشوكاني ـ رحمه الله ـ، في تفسير قول الله ـ تعالى ـ:

{ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذاً من الظالمين}

فيه من التهديد العظيم، والزجر البليغ، ما تقشعر له الجلود، وترجف له الأفئدة.

وإذا كان الميل إلى أهوية المخالفين لهذه الشريعة الغراء، والملة الشريفة؛ من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو سيد ولد آدم؛ يوجب عليه أن يكون ـ وحاشاه ـ من الظالمين؛ فما ظنك بغيره من أمته؟ وقد صان الله هذه الفرقة الإسلامية بعد ثبوت قدم الإسلام، وارتفاع مناره؛ أن يميلوا إلى شيء من أهل الكتاب، ولم تبقَ إلا دسيسة شيطانية، ووسيلة طاغوتية؛ وهي:

ميل بعض من تحمل حجج الله إلى هوى بعض طوائف المبتدعة، لما يرجوه من الحطام العاجل من أيديهم، أو الجاه لديهم؛ إن كان لهم في الناس دولة، أو كانوا من ذوي الصولة.

وهذا الميل ليس بدون ذلك الميل، بل اتباع أهوية المبتدعة تشبه اتباع أهوية أهل الكتاب، كما يشبه الماء الماء، والبيضة البيضة، والتمرة التمرة.

وقد تكون مفسدة اتباع أهوية المبتدعة أشد على هذه الملة من مفسدة اتباع أهوية أهل الملل؛ لأن المبتدعة ينتمون إلى الإسلام، ويظهرون للناس أنهم ينصرون الدين، ويتبعون أحسنه، وهم على العكس من ذلك، والضد لما هنالك، فلا يزالون ينقلون من يميل إلى أهويتهم من بدعة إلى بدعة، ويدفعونه من شنعة إلى شنعة، حتى يسلخوه من الدين، ويخرجوه منه، وهو يظن أنه منه في الصميم، وأن الصراط الذي عليه هو الصراط المستقيم.

هذا إن كان في عداد المقصرين، ومن جملة الجاهلين.

وإن كان من أهل العلم والفهم المميزين بين الحق والباطل؛ كان في اتباعه لأهويتهم ممن أضله الله على علم، وختم على قلبه، وصار نقمة على عباد الله، ومصيبة صبها الله على المقصرين؛ لأنهم يعتقدون أنه في علمه وفهمه لا يميل إلا إلى الحق، ولا يتبع إلا الصواب؛ فيضلون بضلاله، فيكون عليه إثمه، وإثم من اقتدى به إلى يوم القيامة.

نسأل الله اللطف والسلامة والهداية.

فانظر أخي كيف اتفقت كلمة هؤلاء العلماء، الذين تعمقوا في معرفة البدع، ودراستها، ومعرفة أضرارها، وأخطارها؛ فأدركوا بثاقب بصرهم وذكائهم أن أهل البدع أشد ضرراً على المسلمين في دينهم من أعداء الله الكفار الصرحاء، ومن الملاحدة، وأشد ضرراً من إبليس، وأنهم من شياطين الإنس، كما يقول الشاطبي ـ رحمه الله ـ.

والسر في خطورتهم أنهم يلبسون لباس الإسلام؛ فيسهل عليهم اصطياد المسلمين ومخادعتهم، وإيقاعهم في هوة البدع، وتقليب الأمور والحقائق عليهم؛ بجعل الحق باطلاً والباطل حقاً، والبدعة سنة والسنة بدعة.

وقد يتسبّبُون في إدخال أناس في الكفر والنفاق والزندقة، كما هو واقع كثير من أصناف المبتدعة، لاسيما الروافض وغلاة الصوفية، بخلاف الكفار؛ فإن نفوس المسلمين تنفر منهم، ولا تنخدع بحيلهم ودعاياتهم، اللهم إلا أهل البدع؛ فإنهم بحكم انحرافهم وزيفهم تميل نفوسهم إلى الكفار، ولا سيما الروافض، وغلاة الصوفية، والتأريخ والواقع يشهدان بذلك.

اللهم احفظ المسلمين من مكايد الكفار والزنادقة والملاحدة، ومن مكايد المبتدعة، واكلأهم برعايتك وحفظك، إنك لسميع الدعاء.

التعليق:

نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتبع أهواء المخالفين لما جاء به من عند ربه فكيف بغيره.

وقد حفظ الله تعالى الأمة من الميل إلى أهل الكتاب يعني في عقائدهم أما في التقليد والتشبه فنجد من بعض شباب هذه الأمة من يقلد الكفار ويتشبه بهم فنسأل الله تعالى أن يهديهم.

  لكن البعض مال إلى الفرق والطوائف الضالة يعني يرجو شيء من حطام الدنيا الزائل يعني يرجو المال أو الجاه.

وأهل البدع والضلال أشد على هذه من اليهود والنصارى لأنهم ينتسبون إلى الإسلام وينسبون ما عندهم من الضلال والبدع إلى هذا الدين، والإسلام والدين بريئان من هذه البدع والضلالات التي جاؤوا بها.

لكن الواحد منهم يعني من بدعة إلى بدعة ومن ضلالة إلى ضلالة حتى يخرج وينسلخ من هذا الدين ويظن المسكين أنه على خير وأنه على الصراط المستقيم هذا إن كان من العوام المقصرين أو من مبتدئين الجهال.

أما إن كان ممن تصدر وله باع في العلم ثم يعني اتبعه الناس فخطر هذا الصنف أعظم بكثير من الصنف الأول لأن هذا داعية فالناس يعتقدون أنه على الحق وعلى الهدى وهذا يأتي بالنصوص فيلوي النصوص إلى ما يدعو إليه، فهذا شر من الأول لأنه يدعو طلاب العلم والناس إلى ضلاله وبدعه، فعليه إثم وإثم تبعه إلى يوم القيامة

العلماء أجمعوا أن ضرر أهل البدع والأهواء أشدُّ من ضرر الكفار لماذا؟ لأن أمر الكفار ظاهر يعني نحن نحذر هؤلاء الكفار أما أهل البدع كما قلنا يلبسون على الناس وهم يلبسون لباس الإسلام ولباس السنة ويعني يقلبون الحقائق بألسنتهم المعسولة فيجعلون الحق باطلا والباطل حقا والسنة بدعة والبدعة سنة، فالناس ينخدعون بهم فيتبعون ضلالهم، وقد يصل الأمر إلى الكفر والنفاق والزندقة، فنسأل الله أن يحفظ المسلمين من مكايد الكفار والزنادقة والملاحدة وأهل البدع والأهواء والمخالفين والمنحرفين يا رب العالمين بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدرس السابع كان في يوم الأربعاء 25ربيع الأول 1442ه الموافق 11/11/2020م