الإعلانات

التواصل الاجتماعي

وأن سعيه سوف يرى

  • June 18, 2020

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد:

فيقول الله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى)، فالعبد عليه أن يستغل الأوقات ليعمل الأعمال الصالحة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك) ما دامت الروح في هذا الجسد فعلى الإنسان أن يجتهد في الطاعة والعبادة، أما إذا فارقت الروح الجسد فلا يستطيع أن يعمل شيئا بعد ذلك، إن جاءه الموت لا عمل فيندم أشد الندم ولا ينفع حينئذ الندم يقول الله تعالى: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)، ويقول تعالى: (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون)، فالدنيا ساعة فاجعلها طاعة يا عبد الله يقول الحسن البصري: (إنما أنت مجموعة أيام كلما مضى يوم مضى بعضك)، فلابد للعبد أن يستغل النعم ليعمل الأعمال الصالحة يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري من حديث ابن عباس: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)، يقول بعض العلماء من استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون، فالدنيا عباد الله مزرعة الآخرة الدنيا دار عمل والآخرة دار حساب روى البخاري عن علي رضي الله عنه أنه قال: (ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل)، فلابد من الاجتهاد في الأعمال الصالحة يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي)، ويقول الحسن البصري رحمه الله: (ما من يوم ينشق فجره إلا ينادي يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة)، ويقول رحمه الله أيضا: (الدنيا ثلاثة أيام، أما أمس فقد ذهب بما فيه، وأما غد فلعلك ألا تدركه، فاليوم لك فاعمل فيه)، فلابد من الاستغلال لهذه الأوقات في شيء ينفع العبد في آخرته؛ كان السلف يحافظون على أوقاتهم يقول الحسن البصري رحمه الله: (أدركت أقواما كان أحدهم أشح على عمره من درهمه وديناره)، فالسلف كانوا يواظبون على الأعمال الصالحة، سئل نافع ماذا كان يصنع ابن عمر في بيته فقال: (لا تطيقونه الوضوء لكل صلاة والمصحف بينهما) هذا هو شغله الشاغل كان يتوضأ لكل صلاة ويقرأ القرآن ما بين الصلاتين، أبو مسلم الخولاني لو قيل له أن جهنم تسعر ما استطاع أن يزيد في عمله شيئا؛ لأنه كان على عمل مستمر قال هشيم لو قيل في منصور بن زاذان إن ملك الموت على الباب ما كان عنده زيادة في العمل، قال عبد الرحمن بن مهدي: لو قيل لحماد ابن سلمة غداً ستموت ما قدر أن يزيد في عمله.

إذاً على العبد أولاً أن يحرص على تحقيق التوحيد، وأيضا أن يتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فيدور معها حيث دارت، وأيضا عليه أن يحافظ على هذه الصلوات الخمس في أوقاتها حيث ينادى بهن، ويكثر من النوافل يحافظ على السنن الرواتب فمن حافظ عليها بنى الله عز وجل له بيتا في الجنة، أيضا يكثر من صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين، أيضا يكثر من صلاة الليل فصلاة الليل أفضل الصلوات بعد المكتوبة كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة الله عنه، أيضا على العبد أن يحافظ على قراءة القرآن يجعل له ورداً في كل يوم يقرأه فإن له بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضا على العبد أن يكون على ذكر الله يذكر الله على كل أحيانه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع، فإن ذكر الله من أفضل الأعمال عند الله سبحانه وتعالى، أيضا على العبد أن يناجي ربه بالدعاء لاسيما في موضع السجود فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وأيضا لما ينزل ربنا إلى سماء الدنيا في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول الله تعالى: (من يسألني فأعطيه من يدعوني فأستجيب له من يستغفرني فأغفر له)، فعلينا عباد الله أن نجتهد في الطاعات حتى نكون من الفائزين يوم القيامة أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

 فعلى العبد أن يسارع في الخيرات وإلا يتباطئ وألا يقدم الدنيا على الآخرة يقول الله تعالى: (بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى) فالدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم، الدنيا بالنسبة للآخرة لا شيء كالقطرة بالنسبة لهذا البحر الهائج المائج كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه (والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم فلينظر بما يرجع)، ومر النبي صلى الله عليه سلم بشاة ألقاها أهلها فقال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده لا الدنيا أهون على الله من هذه على أهلها)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للضحاك يا ضحاك ما طعامك، قال: يا رسول الله اللحم واللبن، قال: ثم إلى ماذا يصير، قال: إلى ما قد علمت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فإن الله تعالى ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلا للدنيا، وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: (إن مطعم ابن آدم جعل مثلا في الدنيا وإن قزحه وملحه فانظر إلى ما يصير)، فعلينا عباد الله أن نسارع في الخيرات والطاعات وألا نغتر بهذه الدنيا وزخارفها ونلتهي بها، علينا أن نجتهد فالذي ينفع في الآخرة الإيمان والأعمال الصالحة؛ اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ خليفة ونائبه وولي عهده والشيخ الدكتور سلطان القاسمي وسائر حكام الإمارات، وارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم وإخوانهما شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم احفظ الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها وعلى سائر بلاد الإسلام والأمن والأمان يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى ونعوذ بك من النار، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.

15جمادى الأولى 1441   الموافق 10/1/2020