سيد الاستغفار

• June 18, 2020

• 443
• 
• 
• 
• 
• 

 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد:

فالاستغفار عبادة من العبادات الجليلة التي يتقرب بها العبد إلى سبحانه وتعالى، والاستغفار عبادة يحبها الله تعالى، ولهذا أمرنا بالاستغفار في مواطن كثيرة من كتابه كقوله تعالى: (وأن نستغفروا ربكم ثم توبوا إليه)، وأيضا النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نستغفر الله تعالى وأن نتوب إليه كما خرج الإمام مسلم: (يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه)، فيا عبد الله أكثر من الاستغفار، ولا تيأس ولا تقنط، ولا تقل ذنوبي كثيرة وذنوبي عظيمة، فاعلم يا عبدالله أن الله عز وجل واسع المغفرة يغفر الذنوب كلها صغيرها وكبيرها ودقيقها وجليلها يقول الله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم)، ويقول الله تعالى في الحديث القدسي الذي رواه الإمام الترمذي من حديث أنس: (يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي)، ويقول الله تعالى في الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم من حديث أبي ذر رضي الله: (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم)، فأكثر يا عبد الله من الاستغفار، فطوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً، والنبي صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا وأسوتنا، وكان صلى الله عليه وسلم يستغفر في اليوم أكثر من سبعين مرة كما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

عباد الله هناك مواطن كثيرة تشرع فيها الاستغفار، فمن هذه المواطن الصلاة كما في الركوع والسجود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الركنين: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، فيشرع هذا الذكر في الركوع والسجود، فإذا قلت يا عبد الله في ركوعك (سبحان ربي العظيم) ثلاثاً، فلك أن تقول (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، وكذلك في السجود بعد أن تقول (سبحان ربي الأعلى) ثلاثاً تقول (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين تقول كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي).

عباد الله اعلموا أن السجود موطن إجابة فأكثروا من الدعاء، ومن طلب المغفرة فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، ولهذا قال صلى عليه وسلم فأكثروا فيه الدعاء، وأيضا قال صلى الله عليه وسلم كما رواه الإمام مسلم من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: (أما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)، أي حري وحقيق وجدير أن يستجاب لكم، فاطلبوا المغفرة في هذا الركن العظيم.

عباد الله أيضاً من المواطن بين السجدتين تقول (رب اغفر لي رب اغفر لي)، وكذلك هناك ذكر آخر بين السجدتين (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وعافني وارزقني وارفعني).

وكذلك عباد الله بعد التشهد قبل السلام بعد أن تستعيذ بالله من أربع من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال، تسأل الله سبحانه وتعالى من خيري الدنيا والآخرة، فاطلب من الله عز وجل المغفرة في هذا الموطن؛ لأن هذا موطن إجابة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في هذا الموطن (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)، وأيضا ثبت في هذا الموطن (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت)، وكذلك عباد الله إذا سلمت عن يمينك وعن شمالك يشرع أن تستغفر ثلاثاً تقول (استغفر الله استغفر الله استغفر الله).

عباد الله نسأله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنوبنا أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

فيا عبد الله أكثر من الاستغفار في وقت السحر حين يبقى ثلث الليل الآخر وذلك في كل ليلة لما ينزل ربنا إلى سماء الدنيا يقول: (من يستغفرني فأغفر له)، وفي روايه مسلم (هل من مستغفر فأغفر له) هذا وقت استغفار، وكذلك سيد الاستغفار هذا ذكر عظيم ودعاء عظيم يشرع في كل صباح ومساء أن تقول (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)، فهذا دعاء عظيم وذكر عظيم يشرع في كل صباح ومساء، فهذا ذكر من أذكار الصباح والمساء عباد الله.

عباد الله من قال في الصباح والمساء (سبحان الله وبحمده) مئة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، فحافظوا على هذه الأذكار، أيضا بعد الصلاة الله من سبح لله دبر كل صلاة مكتوبة ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين وكبر الله ثلاثاً وثلاثين وختم تمام المئة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، فأكثروا عباد الله من الاستغفار فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر في اليوم أكثر من سبعين مرة.

فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر ذنوبنا اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ خليفة ونائبه وولي عهده والشيخ الدكتور سلطان القاسمي وسائر حكام الإمارات، وارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم وإخوانهما شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى ونعوذ بك من النار، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.

7 ربيع الآخر 1440 ه  الموافق 14/12/2018