الإعلانات

التواصل الاجتماعي

الدرس الثاني عشر في التعليق على المحجة البيضاء

  • December 31, 2020

 

7 ـ موقف الدار قطني:

قال الإمام الحافظ الناقد علي بن عمر الدار قطني:

وقد أخبر الله نبيه بما يكون بعده في أمته من الروايات الكاذبة، والأحاديث الباطلة؛ فأمر النبي – صلى الله عليه وسلم – باجتناب رواتها، وحذر منهم، ونهى عن استماع أحاديثهم، وعن قبول أخبارهم؛ فقال – صلى الله عليه وسلم -: سيكون في آخر الزمان أناس من أمتي، يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم؛ فإياكم وإياهم أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة.

ثم أخرج الدارقطني بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم؛ فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم

وأخرج بسنده عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم.

قال الدارقطني:فحذرنا رسول الله من الكذابين، ونهانا عن قبول رواياتهم، وأمرنا باتقاء الرواية عنه- صلى الله عليه وسلم – إلا ما علمنا صحته.

ثم أخرج بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم.

قال الدارقطني: ومن سنته- صلى الله عليه وسلم -، وسنة الخلفاء الراشدين من بعده: الذب عن سنته، ونفي الأخبار الكاذبة عنها، والكشف عن ناقلها، وبيان تزوير الكاذبين؛ ليسلم من أن يكون خصمه رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه من روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم -حديثاً كاذباً وأقر عليه، كان النبي- صلى الله عليه وسلم – خصمه يوم القيامة

وقال الدارقطني في مقدمة كتاب “الضعفاء والمتروكين”: فإن ظن ظان أو توهم متوهم أن التكلم فيمن روى حديثاً مردوداً غيبة له، يقال له: ليس هذا كما ظننت، وذلك أن إجماع أهل العلم على أنه واجبٌ؛ ديانةً ونصيحةً للدين وللمسلمين.

وقد حدثنا القاضي أحمد بن كامل، قال حدثنا أبو سعيد الهروي، قال حدثنا أبو بكر بن خلاد، قال: قلت ليحيى بن سعيد القطان: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله ـ عز وجل ـ؟ قال: “لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلي من أن يكون النبي – صلى الله عليه وسلم – خصمي، يقول لي: لِمَ لَمْ تذب الكذب عن حديثي؟ ” قال: وإذا كان الشاهد بالزور في حقٍّ يسير تافه حقير يجب كشف حاله؛ فالكاذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -أحق وأولى؛ لأن الشاهد إذا كذب في شهادته لم يَعُد كذبه المشهودَ عليه، والكاذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يحل الحرام ويحرم الحلال، ويتبوأ مقعده من النار بكذبه على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟. ثم قال: حدثنا محمد بن خلف، قال حدثنا عمر بن محمد بن الحكم النسائي، قال حدثنا محمد بن يحيى، عن محمد بن يوسف قال: كان سفيان الثوري يقول: “فلان ضعيف: وفلان قوي، وفلان خذوا عنه، وفلان لا تأخذوا عنه” وكان لا يرى ذلك غيبة. قال: وحدثنا علي بن إبراهيم المستملي، قال: سمعت أبا الحسين محمد ابن إبراهيم بن شعيب الغازي، يقول: سمعت أبا حفص عمرو بن علي يقول: قال حدثنا عفان قال: كنت عند إسماعيل بن علية، فحدث رجل بحديث عن رجل؛ فقلت: لا تحدث عن هذا فإنه ليس بثبت. فقال الرجل: اغتبته. فقال إسماعيل: “ما اغتابه، ولكنه حكم أنه ليس بثبت”.

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

فهذا موقف الدار قطني في نقد أهل الأهواء والأخطاء، قال رحمه الله وقد أخبر الله نبيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هنا سيكون في آخر الزمان أناس من أمتي أي أن الله أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في آخر الزمان أناس من أمته ؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم هنا يخبر عن غيب مستقبل، والغيب لا يعلمه إلا الله، يقول الله تعالى (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) لكن الله قد يُعلم رسله بعض المغيبات يقول الله تعالى (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ).

قال الدار قطني وقد أخبر الله نبيه بما يكون بعده في أمته من الروايات الكاذبة، والأحاديث الباطلة أي من الناس من يروي الروايات الكاذبة والأحاديث الباطلة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس باجتنابها ونهى عن الاستماع إليها.

فقد بيَّن النبي أنه سيكون في آخر الزمان أناس من أمته دجالون وكذابون يحدثوننا بما لم نسمعه لا نحن ولا آباؤنا قال فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم، فهنا يحذرنا النبي منهم ومن الاستماع إليهم.

فالأحاديث الثلاثة الأولى في صحيح مسلم أما حديث اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فحديث ضعيف هذا الحديث حديث ضعيف في سنده عبد الأعلى بن عامر الثعلبي هذا ضعفه الإمام أحمد وأبو زرعة الرازي وقال ابن حجر عنه صدوق يهم.

ثم بيَّن بعد ذلك الدار قطني أن من السنة، وسنة الخلفاء الراشدين من بعده الدفاعَ عن السنة والذب عنها وبيانَ الأحاديث الضعيفة والموضوعة وبيانَ أحوال الكذابين والوضاعين قال والكشف عن ناقلها، وبيان تزوير الكذابين، لأن الكذابين والوضاعين خصمهم النبيُّ يوم القيامة.

وبيَّن الدارقطني في مقدمة كتابه “الضعفاء والمتروكين” يعني إذا ظن ظانٌ أو توهم متوهم يعني أن الكلام في الضعفاء الذين يروون الأحاديث المردودة والضعيفة أن هذا من الغيبة يقال لهم هذا ليس من الغيبة كما ظننتم لأن أهل العلم مجمعون على أن بيان أحوالهم واجبٌ وهو من باب الديانة والنصيحة لهذا الدين وللإسلام والمسلمين، وليس الكلام فيهم من باب التشهي وحظوظ النفس لا إنما هذا من باب النصيحة للإسلام والمسلمين.

ثم نقل عن أبي بكر بن خلاد، أبو بكر بن خلاد هو محمد بن خلاد بن كثير الباهلي ثقة، من تلاميذه الإمام أحمد.

قال محمد بن خلاد لشيخه يحيى بن سعيد القطان ألا تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك يعني عند الله فقال له يحيى بن سعيد القطان لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلي من أن يكون النبي – صلى الله عليه وسلم – خصمي، يقول لي النبي صلى الله عليه وسلم يا يحيى لِمَ لَمْ تذب الكذب عن حديثي وما يريد هذا لو هؤلاء خصماؤه أفضل من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خصمه.

ثم بيَّن الدار قطني أنه يجب أن يُبيَّن حالُ شاهد الزور يعني لو شهد زوراً في شيء حقير تافه لا قيمة له مع ذلك يجب بيانُ حالِه فكيف بالذي يكذب على النبي فهذا أولى وأحق أن يبين حاله لأن الذي يكذب على النبي يحل الحرام ويحرم الحلال، كما قال ويتبوأ مقعده من النار بكذبه هذا على النبي ﷺ كما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار رواه البخاري ومسلم.

وذكر الدار قطني أن سفيان الثوري كان يقول: “فلان ضعيف: وفلان قوي، وفلان خذوا عنه، وفلان لا تأخذوا عنه” وكان لا يرى ذلك غيبة.

وحدث رجل عند رجل عند إسماعيل بن علية وعفان، وإسماعيل بن علية هذا هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري قال الإمام أحمد عنه إليه المنتهى في التثبت بالبصرة وقال أبو داود ما أحد من المحدثين إلا قد أخطأ إلا إسماعيل بن علية وبشر بن المفضل وقال ابن حجر عنه ثقة حافظ، فقال عفان، عفان هذا هو عفان بن مسلم بن عبدالله، قال الإمام أحمد عنه مثبت هو أثبت من عبدالرحمن بن مهدي وأيضاً قال أبو حاتم الرازي ثقة متقن متين وقال ابن حجر من كبار الثقات الأثبات، فقال عفان لما سمع هذا الرجل يحدث عن رجل قال لا تحدث عن هذا فإنه ليس بثبت. فقال الرجل: اغتبته. فقال إسماعيل بن علية: “ما اغتابه يعني عفان ما اغتاب ذاك الرجل الذي قال أنه ليس بثبت قال ابن علية: ولكنه حكم أنه ليس بثبت” يعني هذا ليس بغيبة هذا بيانٌ لأحوال الرجال هذا ليس فيه شيء.     نعم

 

8 ـ موقف الحافظ أبي نعيم:

وذكر أبو نعيم في مقدمة كتابه: “الضعفاء”:

وجوب طاعة الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم -، واستشهد لذلك بالآيات الحاثة على طاعة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، والتحذير من مخالفته، مثل قول الله ـ تعالى ـ:

{من يطع الرسول فقد أطاع الله} .

{ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً}.

{فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} .

ثم قال ((فلما وجبت طاعته ومتابعته لزم كل عاقل ومخاطب الاجتهاد في التمييز بين صحيح أخباره وسقيم آثاره، وأن يبذل مجهوده في معرفة ذلك، واقتباس سنته وشريعته من الطرق المرضية، والأئمة المهدية.

وكان الوصول إلى ذلك متعذراً إلا بمعرفة الرواة، والفحص عن أحوالهم وأديانهم، والكشف والبحث عن صدقهم، وكذبهم، وإتقانهم، وضبطهم، وضعفهم، ووهائهم، وخطئهم.

وذلك أن الله ـ عز وجل ـ جعل أهل العلم درجات، ورفع بعضهم على بعض، ولم يرفع بعضهم إلا وخص من رفعه من دونه بمنزلة سنية، ومرتبة بهية؛ فالمراتب والمنازل منه مواهب، اختصهم بها دون الآخرين؛ فلذلك وجب التمييز بينهم، والبحث عن أحوالهم؛ ليعطى كل ذي فضل فضله، ويُنَزَّل كل واحد منهم منزلته التي أنزله بها الممتن عليه، والمنعم لديه.

 

التعليق:

نعم ثم ذكر موقف الحافظ أبي نعيم في نقد أهل الأهواء والأخطاء ذكر أبو نعيم في مقدمة كتابه : “الضعفاء” وجوبَ طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والتحذيرَ من مخالفته واستدل بالآيات كقوله تعالى (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَرَسُوله) وطاعة الرسول من طاعة الله تعالى كما قال الله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله) وحذرنا الله تعالى من معصيته ومعصية رسوله وبيَّن أن العاقبة هي الضلال المبين فقال (ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً) وبيَّن أن مخالف الرسول سيقع في الفتنة أو يصيبه عذاب أليم قال الله تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة) قال الإمام أحمد: أتدرى ما الفتنة؟ الفتنة الشرك. لعله إذا رد بعض قوله أن يقع فى قلبه شيء من الزيغ فيهلك.  

ثم بيَّن أبو نعيم رحمه الله لما وجبت طاعة النبي ومتابعته وجب التمييز بين الصحيح والسقيم في السنة وهذا لا يمكن إلا بمعرفة أحوال الرجال.

يقول مُحَمَّد بن بنْدَار للإمام أَحْمَد يَا أَبَا عبد الله إنه ليشتد عَليّ أَن أَقُول فلَان كَذَّاب، وَفُلَان ضَعِيف، فَقَال الإمامَ أحمد: إِذا سكت أَنْت وَسكت أَنا فَمَتَى يعرف الْجَاهِل الصَّحِيح من السقيم لابد من بيان أحوال الرواة حتى نعرف الحديث الصحيح من السقيم.

ثم ذكر الحافظ أبو نعيم أن الله جعل أهل العلم درجات ورفع بعضهم فوق بعض يعني ميَّز بعضهم عن بعض فالناس منازل، هناك من العلماء أئمة يقتدى بهم جهابذة نقاد فلابد من التمييز وأن ننزل كلَّ أحد منزلتَه من غير زيادة ولا نقصان ولا زيادة هكذا تعطي كلَّ ذي حق حقه وكل ذي فضل فضله فيجب التمييز بينهم والبحث عن أحوالهم.   نعم

 

9ـ موقف ابن الجوزي                                                 

وقال ابن الجوزي:

((ومن التغفيل قول المتزهد عند سماع القدح في الكذابين: “هذا غيبة”. وإنما هو نصيحة للإسلام؛ فإن الخبر يحتمل الصدق والكذب، ولا بد من النظر في حال الراوي.

قال يحيى بن سعيد: سألت مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وشعبة، وسفيان بن عيينة؛ عن الرجل يكذب في الحديث أو يَهِم، أُبَيِّنُ أمره؟ قالوا: “نعم.. بَيِّن أمره للناس”.

وكان شعبة يقول: “تعالوا حتى نغتاب في الله ـ عز وجل ـ”.

وسئل أن يكف عن أبان؛ فقال: “لا يحل الكف عنه؛ لأن الأمر دين”.

قال ابن مهدي: مررت مع سفيان الثوري برجل؛ فقال: “كذاب، والله لولا أنه لا يحل لي أن أسكت لسكت”.

وقال الشافعي: “إذا علم رجل من محدث الكذب ما يسعه السكوت عنه، ولا يكون ذلك غيبة؛ لأن العلماء كالنقاد، ولا يسع الناقد في دينه أن لا يبين الزيوف وغيرها”.

التعليق:

نعم ثم ذكر بعد ذلك موقف ابن الجوزي في نقد أهل الأهواء والأخطاء قال ابن الجوزي ((ومن التغفيل يعني من الغفلة أن تقول في بيان أحوال المجروحين هذا من الغيبة وبيَّن رحمه الله أن هذا قول المتزهد عند سماع القدح في الكذابين يقول “هذا غيبة” المتزهد يقول هذا غيبة لما يسمع القدح في الكذابين يقول هذا غيبة. هذا ورع بارد وورع كاذب لما يقول العالم في فلان بعلم وحق وعدل أنه كذاب أو فلان مبتدع أو فلان ضال مضل أو فلان ضعيف إلى آخره هذا ليس من الغيبة في شيء وإنما هذا من نصيحةٌ للإسلام والمسلمين؛ فالكلام والخبر قد يكون صدقاً وقد يكون كذبا فلابد إذاً من النظر في أحوال الرجال لنعلم الثقةَ الثبتَ من المجروحِ الكذاب.

وذكر أثر يحي بن سعيد القطان هذا الأثر قد مر بنا أنه سأل الإمام مالك، وسفيان الثوري، وشعبة، وسفيان بن عيينة؛ عن الرجل يكذب في الحديث أو يَهِم، أُبَيِّنُ أمره؟ قالوا: “نعم.. بَيِّن أمره للناس” يعني لا تكتم حاله بل بيِّن حاله.

ومر بنا أيضاً أثر شعبة لما قال تعالوا نغتاب في الله عز وجل لأن الكلام في المجروحين ليس من الغيبة المحرمة.

وسئل شعبة عن أبان، أبان هذا هو أبان بن أبي عياش البصري قال الإمام أحمد عنه متروك الحديث وقال ابن حجر أيضاً متروك الحديث، فسئل شعبة عن أبان بن أبي عياش فقال لا يحل الكف عنه؛ سئُل شعبة أن يكف عن أبان يعني أن يسكت عن أبان طلبوا منه أن يسكت عن أبان لا يتكلم فيه فقال لا يحل الكف عنه يعني لا يجوز السكوت عنه بل يجب أن يُبيَّن حالُه ويجب الكلام فيه لأن الأمر دين. يعني هذا البيان من أجل الذب عن السنة ومن أجل الحفاظ على هذا الدين من أن يدخل فيه شيء ما ليس منه.

وكان شعبة يحلف على أن أبان بن أبي عياش كذاب وقال فيه أيضاً لأن يزني الرجل خير له من أن يروي عنه، وقال أيضاً لأن أشرب من بول حماري حتى أروى أحب إلي من أن أقول حدثني أبان بن أبي عياش وقال أيضاً لولا الحياء من الناس ما صليت على أبان.

لكن الذي يظهر من ترجمة أبان بن أبي عياش أنه كان سيء الحفظ كما قال أبو حاتم الرازي متروك الحديث صالح بُلي بسوء حفظه، وقال أبو الفتح الأزدي عن أبان كان رجلا صالحاً سخيا فيه غفلة يهم في الحديث ويخطئ.

وقال أبو حاتم بن حبان البستي كان من العباد يسهر الليل بالقيام ويطوى النهار بالصيام سمع من أنس أحاديث وجالس الحسن فكان يسمع من كلامه فإذا حدث به جعل كلام الحسن عن أنس مرفوعا وهو لا يعلم.

يقول الشيخ الألباني في السلسة الضعيفة ولكن الظاهر من عموم ترجمته أنه لم يكن يتعمد الكذب، وإنما يقع ذلك منه؛ لأنه كان من العباد، فأصابته غفلةُ الصالحين.

وقال الشيخ الألباني عنه في موضع آخر في السلسلة الضعيفة: ” أبان بن أبي عياش لا يصح حديثه، لأنه كان نهما بالعبادة، والحديث ليس من شأنه “. انتهى كلامه رحمه الله.

فالحاصل أن أبان بن أبي عياش متهمٌ بالكذب كذبه شعبة والإمام أحمد ويحيى بن معين.

لما مر سفيان الثوري برجل مع عبد الرحمن بن مهدي قال سفيان “كذاب، والله لولا أنه لا يحل لي أن أسكت لسكت”. يعني لا يجوز لي أن أسكت عنه، فبيَّن حاله رحمه الله فقال عنه كذاب

وذكر الشافعي رحمه الله أن العالم إذا علم أن الراوي الفلاني يكذب لا يسعه السكوت عنه لابد من الكلام فيه وأن هذا الكلام الذي يكون فيه ليس من الغيبة ثم قال لأن العلماء كالنقاد، ولا يسع الناقد في دينه أن لا يبين الزيوف وغيرها.  نعم

 

أقول: هذا هو المحك الصحيح

فمن سلك مسلك هؤلاء في خدمة السنة، والذب عنها، وفي التعديل لمن يستحق التعديل والجرح والطعن لمن يستحق ذلك، وقمع أهل البدع، وفضحهم، وكشف عوارهم، ودمغ باطلهم بالحق والبراهين؛ فهو منهم.

ومن خالفهم في هذا المنهج، وناصب منهجهم، ومن تابعهم الخصومة والعداء، وتولى أهل الزيغ، والضلال، والبدع، والخداع، يستميت عنهم في الدفاع، ويتلاعب بعقول أهل الجهالة من الرعاع؛ يوهمهم كذباً، وزوراً، وغشاً، وفجوراً؛ أنه من أهل السنة والاتباع.

فإن هذا اللون قد فضحه الله، وكشف عواره، وهتك أستاره:

1 ـ بمخالفة هذا المنهج الفذ العظيم، الذي حمى الله به الدين، ونفى به وبأهله تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين.

2 ـ وبتولي أهل البدع، والدفاع عنهم بالزور والباطل، والدفاع عن بدعهم الكبرى، الهادمة للدين، والمنابذة لشرع سيد الأنبياء والمرسلين، وما عليه السلف الصالحون من دين قويم، ومنهج سليم مستقيم.

3 ـ ومناصبة العداء الوقح الظالم الفاجر لمن تمسك بهذا المنهج السلفي الصحيح، الذي عَرَفْتَ أصالته، وأحقيته، وآثاره العظيمة في حماية دين الله الحق فلينظر من تجمعت فيه هذه البوائق أين مكانه من الدين والنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأمة المسلمين وعامتهم.

ومن منطلق الحفاظ على الدين، وعلى سنة خاتم النبيين – صلى الله عليه وسلم -، وتمييز صحيحها من سقيمها، ومعوجها من مستقيمها، أَلَّفَ علماء السنة كتباً في بيان أحوال الرواة، من: عدالة، وضبط، أو جرح من كذب، أو غلط، أو بدعة، أو سوء حفظ.

من تلكم المؤلفات: المؤلفات الجامعة للثقات، وغيرهم، كـ “التأريخ الكبير” للبخاري، و”الجرح والتعديل” لابن أبي حاتم، وكتاب: “الكمال” لعبد الغني المقدسي و”تهذيبه”، و”التذهيب” للذهبي، و”تهذيب التهذيب” لابن حجر.

ومنها ما يختص بالثقات، ككتاب: “الثقات” للعجلي، و”الثقات” لابن حبان، و”الثقات” لابن شاهين.

ومنها ما يختص بالضعفاء والمجروحين، مثل : كتاب “الضعفاء الكبير” للإمام البخاري، و”الضعفاء الصغير” له، و”الضعفاء والمتروكين” للنسائي، و”أحوال الرجال” للجوزجاني، و”الضعفاء والكذابين والمتروكين” لأبي زرعة الرازي، وكتاب : “المجروحين” لابن حبان، و”الضعفاء” للعقيلي، و”الضعفاء” للفلاس، و”الكامل” لابن عدي، و”الضعفاء” للأزدي، و”الضعفاء والمتروكين” للدارقطني، و”الضعفاء” للحاكم، و”الضعفاء” لأبي نعيم، و”الضعفاء” لابن البرقي، و”الضعفاء” لابن السكن، و”الضعفاء” لابن الجوزي، و”ميزان الاعتدال” للذهبي، و”المغني” له، و”الديوان في الضعفاء” له، و”الذيل على الضعفاء”، و”ذيل الميزان” لأبي الفضل العراقي، و”لسان الميزان” لابن حجر العسقلاني .

هذه الكتب وغيرها خصصت للمجروحين، والمتكلم فيهم، ولو كان مذهب الموازنات بين الحسنات والسيئات واجباً أو مشروعاً؛ لكانت هذه الكتب وما حوته تحتوي على أعظم الظلم وأقبحه.

ولكن الحقيقة خلاف ذلك.

فهذه الكتب تتربع قمة النصيحة والعدل والإنصاف، وعملها لون من ألوان الجهاد العظيم؛ إذ دافعها الذب عن الإسلام، وعن سنة خير الأنام.

فبها وبالأئمة الذين ألَّفُوها حفظ الله هذا الدين، ولولاهم لهدم الدين.

فعلى عقول من يدعو إلى منهج الموازنات العفاء؛ إذ هم يدافعون بهذا المنهج الفاسد عن: الكذابين، والمجروحين، والمبتدعين الضالين من حيث يشعرون أو لا يشعرون.

ويطعنون في أئمة الإسلام وجنوده العظام، الذين أَلَّفُوا هذه الكتب في هذه الأصناف ذياداً وذباً عن حياض الإسلام.

رحم الله أسلافنا من أئمة الدين وحفاظه، والذابين عنه، والمحافظين عليه.

وهدى الله المسلمين ـ ولا سيما المغررين بأهل البدع ـ، وكشف عنهم الغمة، ورزقهم التمسك بالكتاب والسنة، والتأسي بالأئمة، وسادة الأمة، إن ربي لسميع الدعاء.

التعليق:

نعم وذكر شيخنا ربيع حفظه الله أن هذا هو المحك الصحيح

فالذي يسير في درب العلماء فيدافع عن السنة ويذب عنها ببيان أحوال الرجال، فمن كان عدلاً ثقة حافظاً صدوقاً قبلت روايتُه أما من لم يكن عدلا أو لم يكن ضابطاً مثلاً يهم ويخطئ هذا يُبيَّن حالُه وتُردُّ روايتُه وهكذا يقال فيمن تصدر فمن كان على الجادة وعلى السنة ومع العلماء الكبار يقال أنه على السنة ويؤخذ منه العلم فهو أهلٌّ ليؤخذ منه العلم أما من كان مع المحذر منهم يدافع عنهم أو يثني عليهم فضلاً أن يدافع أو يثني على أهل البدع والأهواء فهذا لا كرامة له، هذا ليس أهلا ليُؤخذ العلمَ منه. فمن كان منهجه هذا فهو مع العلماء ولم يخالف منهج الأئمة الذي يبين أحوال الضعفاء والمحذر منهم.

أما من حارب منهج العلماء ومنهج الأئمة، يرد جرح العلماء في فلان وعلان هذا في حقيقته ليس على منهج الأئمة والعلماء.

لما يقول العالم في فلان بعلم وحق وعدل فلان فيه كذا وكذا وفلان فيه كذا وكذا أو فلان كذاب أو فلان حيال أو فلان يجالس المنحرفين وأهل البدع لا تجلسوا إليه لا تؤخذوا العلم منه لما يقول لك هذا لا يجوز هذا غيبة يقول العالم الفلاني أثروا عليه هكذا يرد الجرح، هذا في الحقيقة ليس على منهج الأئمة والعلماء.

فالذي يدافع عن أهل البدع والأهواء ويثني عليهم فهذا ليس على منهج العلماء ولو صرخ بأعلى صوته ليل نهار أنا مع العلماء هذا ليس في حقيقة الأمر مع العلماء ولا على منهج العلماء لأنه يدافع عن المنحرفين والمحذر منهم ويثني عليهم فكيف هو مع العلماء هذه دعاوي مجرد عن البينات.

قال شيخنا ربيع حفظه الله عن هذا الصنف

فإن هذا اللون قد فضحه الله، وكشف عواره، وهتك أستاره:

قال أولاً بمخالفة هذا المنهج الفذ العظيم.

ثانياً: بتولي أهل البدع، والدفاع عنهم بالزور والباطل.

ثالثا: ومناصبة العداء الوقح الظالم الفاجر لمن تمسك بهذا المنهج السلفي الصحيح

ثم قال حفظه الله فلينظر من تجمعت فيه هذه البوائق هذه شرور أين مكانه من الدين، والنصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله، وأئمة المسلمين، وعامتهم، هذا في الحقيقة غاش للناس لأنه نصب العداء للذين تمسكوا بمنهج العلماء.

ثم بيَّن حفظه الله أن فضح هؤلاء من منطلق الذب عن السنة والحفاظ على هذا الدين من أن يدخل فيه شيء ما ليس منه، ولهذا ألف العلماء هذه المصنفات وهذه الكتب في بيان أحوال الرجال.

ثم ذكر حفظه الله هذه المصنفات العظيمة ثم بيَّن أنه ليس فيها منهج الموازنات في هذه المصنفات ليس فيها منهج الموازنات هذا المنهج العفن الذي جاء به كل من خالف الحق ليحمي بهذا المنهج الأعوج أهل البدع والأهواء والذي يرى بهذا المنهج هو في الحقيقة الأمر يطعن في أئمة السلف وفي كتبهم التي ألفوها في أحوال الرجال.

فكتب السلف فيها الجرح والتعديل فالمجروح يقال أنه مجروح فلان كذاب فلان متروك أو فلان سيء الحفظ والمعدل يقال فلان ثقة فلان حافظ فلان ثبت وهذا كله من باب النصيحة للإسلام والمسلمين.

فكتب السلف وكتب العلماء ولله الحمد فيها النصيحة وفيها العلم والحق والعدل وهذا والله من الجهاد فالجهاد باللسان والقلم أفضل بكثير من الجهاد بالرمح والسنان.

فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يرد هؤلاء المغرر بهم والمغترين بأهل البدع والأهواء إلى منهج الحق وإلى منهج العلماء يا رب العالمين بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.