الإعلانات

التواصل الاجتماعي

ليلة القدر خير من ألف شهر عام 1440

  • June 18, 2020

 

 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد:

فقد مضى الكثير من هذا الشهر المبارك ولم يبق إلا القليل، والعبرة عباد الله بالخواتيم وما أدراكم لعل ليلة القدر تكون في هذه الليالي القادمة، فينبغي علينا ألا نضيع هذه الليالي القادمة في الأسواق وغير ذلك؛ لأن من يصنع ذلك يحرم خير هذه الليلة، ومن يحرم خير هذه الليلة فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم، كما بَيَّنّ النبي صلى الله عليه وسلم، فينبغي علينا أن نجتهد اجتهاداً عظيماً في الليالي القادمة؛ لأن من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه كما بَيَّنّ النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، هذه الليلة عباد الله ليلة عظيمة أنزل الله عز وجل فيها القرآن كما قال: (إنا أنزلنه في ليلة القدر)، وهي ليلة مباركة يقدر الله عز وجل فيها ما هو كائن من أمره في تلك السنة، يقول الله عز وجل: (حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم) أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة ما هو كائن من أمر الله عز وجل في تلك السنة من الآجال والأرزاق والخير والشر، والله عز وجل أنزل بشأن هذه الليلة العظيمة سورة كاملة تتلى، وقد عظم الله عز وجل أيضاً هذه الليلة بقوله؛ (وما أدراك ما ليلة القدر)، فالعبادة عباد الله فيها أفضل من العبادة في ألف شهر والملائكة تنزل إلى الأرض أكثر من عدد الحصى كما بَيَّنّ النبي صلى الله عليه وسلم؛ تنزل الملائكة بالرحمة والمغفرة والخير والبركة يقول الله تعالى: (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر)، هذه الليلة عباد الله سلام، فالله عز وجل يعتق فيها من يشاء من عباده من النيران، فيسلم العبد من العقاب والعذاب بقيامه تلك الليلة.

إذاً علينا عباد الله أن نجتهد وأن نتحرى هذه الليلة فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نلتمس هذه الليلة وأن نتحرى هذه الليلة بالعبادة والطاعة فقال: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان)، يقول ابن القيم رحمه الله: (لو كانت ليلة القدر بالسنة ليلة واحدة لقمت السنة حتى أدركها فما بالك بعشر ليالي)، أكثروا عباد الله من الطاعة والعبادة ولاسيما من دعاء اللهم إنك عفو تحب العفو تحب العفو فاعف عني، فقد روى الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة هي ليلة القدر ما أقول فيها قال قولي (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني).

اعلموا عباد الله أن لليلة القدر علامات، ومن علاماتها عباد الله قوة الإضاءة فيها والنور والرياح فيها ساكنة فليس فيها عواصف ولا قواصف ولا يرمى فيها بنجم، فهي ليلة سمحة طلقة لا باردة ولا حارة، بل هي معتدلة متناسبة في الحرارة والبرودة، والعبد يشعر فيها بطمأنينة فيطمئن قلبه وينشرح صدره ويجد لذة وراحة في الطاعة والعبادة لا يجد في غيرها من الليالي، والعبد قد يريه الله عز وجل هذه الليلة في منامه كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وفي صبيحة هذه الليلة تطلع الشمس ضعيفة ليس لها شعاع بيضاء كأنها طست حتى ترتفع كما بَيَّنّ النبي صلى الله عليه وسلم، عباد الله علينا بالاجتهاد بالطاعة والعبادة في الليالي القادمة حتى ندرك هذه الليلة العظيمة، فنقوم هذه الليلة إيمانا واحتسابا فيغفر الله عز وجل ما تقدم من ذنوبنا أقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

فإذاً علينا عباد الله أن نجتهد في الليالي القادمة القلائل الباقية، نجتهد بالطاعة والعبادة فلعل ليلة القدر تكون في ليلة سبع وعشرين أو تسع وعشرين، وكان أبي رضي الله عنه يقسم أنها في ليلة سبع وعشرين كما روى مسلم عنه أنه قال: (والله إني لأعلم أي ليلة هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة سبع وعشرين)، والراجح عباد الله في تعيين ليلة القدر أنها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان وهي تتنقل، فلهذا علينا أن نجتهد وهذا القول رجحه الحافظ في الفتح.

إذاً عباد الله علينا أن نجتهد اجتهاداً عظيماً في الليالي القادمة بالطاعة والعبادة فنكثر من ذكر الله عز وجل من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار، علينا أن نكثر من قراءة القرآن وأن نقوم الليل وأن نكثر من الدعاء لاسيما في السجود فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فحري أن يستجاب له؛ عباد الله أكثروا من قول اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، فنسأله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ندرك ليلة القدر فنقومها إيمانا واحتسابا فتغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا يا رب العالمين اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين يا رب العالمين وأذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ خليفة ونائبه وولي عهده والشيخ الدكتور سلطان القاسمي وسائر حكام الإمارات، وارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم وإخوانهما شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم احفظ الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها وعلى سائر بلاد الإسلام والأمن والأمان يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى ونعوذ بك من النار ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.

26 رمضان 1440 ه  الموافق 31/5/2019