إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فيقول الله تعالى في كتابه العزيز: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) فهذه الآية العظيمة تدل على وحدانية الله، فالمتفرد بخلق السماوات والأرض هو المستحق للعبادة، والذي يعترف بربوبية الله جل وعلا، أي أن يعترف بأن الله هو المتفرد بالخلق والملك والتدبير يجب عليه أن يفرده أيضا في الألوهية بأن يعبد الله وحده دون سواه لا يصرف شيئا العبادة لغير الله؛ لأن العبادة حق خالص لله تعالى لا يشاركه فيها أحد كائنا من كان لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي صالح.
فالذي يخلق ويرزق ويدبر هو المستحق العبادة، أما من لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر فلا يستحق شيئا من العبادة، فهذه الآلهة الباطلة التي تعبد من دون الله لا تستحق شيئا من العبادة؛ لأنها لا تسمع ولا تبصر فضلا أن تخلق أو ترزق أو تدبر يقول الله تعالى: (واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا)، فهذه الآلهة لا تملك نفسها شيئا فضلا أن تملك لغيرها، فكيف تُعبد من دون الله؟! يقول الله تعالى: (الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون).
فالذي يخلق ويرزق ويدبر هو المستحق للعبادة؛ الذي خلق السماوات والأرض هو المستحق للعبادة يقول الله تعالى: (يا أيها الناس اعبدوا الذي خلقكم والذين من قبلكم) أي يا أيها الناس اعبدوا هذا الرب الذي خلقكم وخلق الذين قبلكم لعلكم تتقون، أي اعبدوا هذا الرب الذي جعل الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم، ثم قال: (فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون) أي لا تصرفوا شيئا من العبادة لغير الله وتساوونهم بالله، وأنتم تعلمون أن الله هو المتفرد بالخلق والملك والتدبير، وأنتم تعلمون أن الله هو الذي خلقكم، وأنتم تعلمون أن الله هو الذي خلق من كان قبلكم، وأنتم تعلمون أن هو الذي جعل الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم.
فنسأله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا من الموحدين، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فأهل الجاهلية كانوا لا يؤمنون بالبعث، ففي خلق السماوات والأرض أكبر الآيات الدالة على بعث الناس يقول الله تعالى: (أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير)، ويقول الله تعالى: (لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون) أي لخلق السماوات والأرض أكبر وأعظم من بعث الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
فلهذا على العبد أن يجتهد في الطاعة والعبادة ليوم البعث، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العبادة والطاعة؛ صلى ذات ليلة حتى بكى بكاء شديداً إلى أن جاءه بلال يؤذنه بالصلاة فرآه يبكي فقال بلال: لما تبكي يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك تأخر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أفلا اكون عبدا شكورا، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد نزلت علي الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب).
فنسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الذين يتدبرون القرآن يا رب العالمين اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ خليفة ونائبه وولي عهده والشيخ الدكتور سلطان القاسمي وسائر حكام الإمارات، وارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم وإخوانهما شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم احفظ الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها وعلى سائر بلاد الإسلام والأمن والأمان يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.
1 ربيع الأول 1443 ه الموافق 8/10/2021
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ