الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فهده بعض القواعد المهمة في علم الجرح والتعديل.
أولاً: لابد أن نعلم أنه لا يجوز لأحدٍ أن يتكلم في أحد إلا بعلمٍ وعدلٍ وحق.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “لا يجوزُ أن يُتكلم في أحدٍ إلا بعلمٍ وعدل”.
أولاً إذا جرح العالم العارف بأسباب الجرح والتعديل قُبل جرحُه هذا لابُدَ أن نعلم، إذا جرح العالم العارف بأسباب الجرح والتعديل قُبل جرحُهُ هذه من القواعد، ولا يُشترط أن يُفسر جرحه، انتبه ولا يشترط أن يُفسر جرحهُ، يعني إذا لم تثبت عدالة فُلان فجاء العالم العارف بأسباب الجرح والتعديل فجرحه بجرحٍ مُجمل قُبل جرحُه.
يقول ابن حجر رحمه الله “والجرحُ مقدم على التعديل إن صدر مبيَّناً من عارفٍ بأسبابهِ فإن خلا عن التعديل” هنا الشاهد “فإن خلا عن التعديل قُبل مجملاً على المُختار”.
ويقول أبو بكر الخطيب في الكفاية “إن كان الذي يُرجع إليه في الجرح عدلاً مرضياً في اعتقادهِ وأفعالهِ عارفاً بصفة العدالة والجرح وأسبابهما عالماً باختلاف الفقهاء في ذلك قُبل قوله في من جرحه مجملاً ولا يُسئل عن سببه”.
وسُئل الشيخ ربيع حفظه الله هل يجب على العالم ذكر الجرح في شخصٍ مُعين أم أن الامرَ فيه تفصيل؟
فأجاب حفظه الله : “لا يجب لأن كثيراً من العلماء يتكلمون ولا يُبيِّنون السبب عالم بأسباب الجرح والتعديل وهو عالم وثقة وموضع ثقة عند الناس فقال فُلانٌ جهمي فُلانٌ مرجئ فُلانٌ سيئ الحفظ فُلانٌ كذاب فُلانٌ متهم فُلانٌ كذا فنُعطي له دائماً الحقّ فإن عارضهُ عالمٌ آخر حينئذٍ يُبين السبب سبب الجرح”.
هذا هو الفرق الحدادية يقولون لا. لا يُشترط ولو عارضهُ أحد واضح، أما الصحيح إذا عارضهُ عالمٌ أخر حينئذٍ يُبيِّن السبب سبب الجرح.
قال الشيخ: “فإذا بين سبب الجرح فلا يجوز لأحدٍ أن يُخالفهُ إذا بيِّن سبب الجرح فلا يُخالفهُ إلا مُعاند صاحب هوى وإن كثُرَ عدد المُخالفين وقد تكلم العلماء في هذا وفصلوا فيه”.
أيضاً من القواعد إذا صدر الجرح ممَن لم يكن عالماً بأسباب الجرح والتعديل
فلا بُدَ من بيان جرحه.
القاعدة الاولى: عالم بأسباب الجرح والتعديل فلو جرح من لم يكن عدلاً فلا
يُشترط في جرحه أن يُبيِّن السبب.
أما هنا إذا جرح من لم يكن عالماً بأسباب الجرح والتعديل فلابُدَ أن يُبيِّن سبب جرحهِ .
قال العراقي في شرح مُقدمة ابن صلاح: “إن الجمهور إنما يوجبون البيان في جرح من ليس عالماً بأسباب الجرح والتعديل، وأما العالم بأسبابهما فيقبلون جرحه من غير تفسير”.
وإذا جرح العالم العارف بأسباب الجرح والتعديل كما قلنا في من ثبتت عدالتُهُ فلابُدَ للعالم المجرح أن يُبيِّن سبب الجرح كما ذكر الشيخ ربيع حفظه الله في قولهِ “فإن عارضهُ عالمٌ أخر حينئذٍ يُبيِّن السبب سبب الجرح فإذا بين سبب الجرح فلا يجوز لأحدٍ أن يُخالفهُ”.
واضح فمن ثبتت عدالتُهُ لا يُقبل فيهِ إلا الجرح المفسر.
من ثبتت عدالتهُ لا يُقبل فيهِ إلا الجرح المفسر.
يقول البيهقي “باب لا يُقبل الجرح في من ثبتت عدالتُهُ إلا بإن يقفهُ على ما يُجرحهُ به”.
فالجارح إذا جرحَ بجرحٍ مُفسر فجرحهُ يُقَدم على التعديل؛ لأن معه زيادة علم.
وأيضاً من القواعد المهمة في علم الجرح والتعديل أنه لا يُشترط العدد في قبول الجرح والتعديل فضلاً عن الإجماع فلو زكى وعدل ألف عالم لفُلان أو علان ثم جاء عالم عارف بأسباب الجرح والتعديل فجرح هذا الذي عدلهُ ألف عالم لكن جرحه بجرحٍ مُفسر فإن جرحهُ يُقدم على تعديل ألف عالم له.
واضح ولا يُشترط الإجماع على جرحِ فُلان وعِلان واضح. وإنما يكفينا واحد لكن لابُد أن يكون جرحهُ جرحاً مُفسراً؛ لأنه معدل واضح لأنه معدل.
سُئل الشيخ ربيع حفظه الله: رجل بعض العلماء يُبدعهُ وبعضهم لا يبدعهُ وبعضُ الطلاب يتبعهُ اتباعاً لقول من لا يُبدعهُ فهل يجوز الإنكار عليه؟ قال حفظه الله: “هذا من الفتن الموجودة الآن على الساحة وقد طالت رغم أن كثيراً من الشباب يعرفون الحق وأنه لا يُشترط في تبديعِ أحدٍ أو الجرح فيهِ الإجماع، بل يكتفى الرجل الواحد في الجرح والتعديل فإذا جرحه جماعة وبدعوه فهذا يكفي المسلم الطالب للحق أما صاحب الهوى فلا يكفيه شيء ويتعلق بخيوط العنكبوت
فأناس ما علموا هذا الجرح ومشغولون وأُناس درسوا وعرفوا أن هذا رجلٌ مجروح ويستحق الجرح؛ لأنه كذاب ساقط العدالة؛ لأنه يطعن في العُلماء لأنه يؤصل أصولاً فاسدة لمُناهضة المنهج السلفي وأهلهِ عرفوا هذا كلهُ وبعد النصح الذي لا يلزمهم نصحوا وبيَّنوا وأبى هذا الإنسان فاضطروا إلى تبديعهِ فما هو العُذر لمن يبقى هكذا يتعلق بخيوط العنكبوت والله فلان زكاه والله ما أجمعوا على تبديعه” يعني يتكلم بلسان هولاء “والله فلان زكاه والله ما أجمعوا على تبديعه الذين ما بدعوه ينقسمون” الشيخ يقول: “ينقسمون أُناس ما درسوا وهم معذورون لعدم تبديعه وأُناس درسوا” يعني عرفوا الحق “ويدافعون عن الباطل أناس درسوا وعرفوا ما عندهُ من الباطل وأبو إلا المحاماة عن هذا المبتدع فهولاء لا قيمة لهم فهم أهل باطل وخِداع وساكِتون لا حجة في سكوتِهِم والذين جرحوا وبيَّنوا ما في هذا الإنسان من الجرح يجب على المُسلم أن يأخذَ بالحق؛ لأن الحُجة معهم ولو خالفهم من خالفهم، وليس لمن يتعلق بخيوط العنكبوت التي أشرت إليها ليس لهم أي عذر أمام الله عز وجل”، فالشاهد أن شيخ يقول: “من لم يبدع هذا المجروح” يعني إما أن يكون من القسم الذين لم يعرفوا هذا الرجل، وإما أن يكون من القسم الآخر من الذين يدافعون عنه واضح، فهؤلاء أصحاب أهواء طيب.
ثم سئل أيضاً الشيخ حفظه الله: هل يشترط في جرح أهل البدع إجماع أهل العصر أم يكفي عالمٌ واحد؟ فأجاب الشيخ ربيع حفظه الله: “هذه من القواعد المميعة الخبيثة بارك الله فيكم، أي عصر اشترط هذا الإجماع، وما الدليل على هذا الشرط، (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مئة شرط)، فإذا جرح أحمد بن حنبل ولا يحيى بن معين” يعني أو يحيى بن معين “جرحا مبتدعا أقول لابد أن يجمع أئمة السنة في العالم كلهم على أنه مبتدع”، يعني لابد أن يكون هناك إجماع في العالم على أن هذا مبتدع، فإذا قال أحمد، يقول الشيخ فإذا قال أحمد هذا مبتدع انتهى كل شيء، ولهذا كان إذا قال أحمد فلان مبتدع سلم الناس له كلهم ما ركبوا آرائهم، إذا قال ابن معين هذا مبتدع ما أحد ينازعه، يشترط الإجماع هذا مستحيل في كل الأحكام الشرعية مستحيل طيب”، يقول شيخ “طيب وإذا شهد شاهدان على فلان أنه قتل عند القاضي الشرعي يجب على الحاكم أن يحكم بشرع الله إما الدية وإما القصاص، هل يشترط الإجماع؟” يعني في مسألة القتل، يقول شيخ: “إذا شهد شاهدان على أن فلان قتل فلانا فإما الدية وإما القصاص، هل يشترط الإجماع في مثل هذه القضية؟ وهي أخطر من تبديع المبتدع، هؤلاء مميعون هؤلاء مميعون وأهل الباطل، ودعاة شر، وأهل الصيد في الماء العكر كما يقال، فلا تسمعوا لهذه الترهات، فإذا جرح عالم بصير شخصا يجب قبول هذا الجرح فإن عارضه عالم عدل المتقن حينئذ يدرس يعني ما قاله ما قاله الطرفان وينظر هذا الجرح وهذا تعديل، فإن كان جرحا مفسرا مبينا قُدم على تعديل ولو كثرة عدد المعدلين، إذا جرح عالم بجرح مفسر وعدله عشرون خمسون عالما ما عندهم أدلة، ما عندهم إلا حسن الظن والأخذ بالظاهر وعنده” يعني عند من جرح “وعنده الأدلة على جرح هذا الرجل، فإنه يُقدم الجرح لأن الجارح معه حجة والحجة هي المقدمة، وأحيانا تُقدم الحجة ولو خالفها أهل الأرض ملء الأرض خالفه، والحجة معه فالحق معه، والجماعة من كان على الحق ولو كان وحده. لو كان الإنسان على السنة وخالفه أهل مدينتين ثلاث مبتدعة”، قال شيخ: “الحق معه ويقدم ما عنده من الحجة، والحق على ما عند الآخرين من الأباطيل فيجب أن يحترم الحق ويحترم الحجة والبرهان{قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} (وإن تطيع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله)، يقول الشيخ: “فالكثرة لا قيمة لها إذا كان خليت من الحجة، فلو اجتمع أهل الأرض إلا عدد قليل على باطل وليس لهم حجة فلا قيمة لهم، ولا قيمة لموافقتهم ولو كان الذي يقابلهم شخص واحد أو عدد قليل، فالله الله في معرفة الحق وتمسك به وقبول الحق إذا كان يرافقه الحجة وفق الله الجميع”.
وأيضا من الأمور المهمة لابد أن نفرق بين البدعة الخفية والبدعة الظاهرة، لابد أن نفرق بين البدع الخفية والبدع الظاهرة، يقول الشيخ ربيع حفظه الله: القسم الأول أهل البدع الواضحة كالروافض والخوارج والمعتزلة والصوفية والقبورية والمرجئة ومن يُلحق بهم كالإخوان والتبليغ أمثالهم، فهؤلاء لم يشترط السلف إقامة الحجة من أجل الحكم عليهم بالبدعة، فالرافضي يقال عنه مبتدع والخارجي يقال عنه مبتدع وهكذا؛ سواء أقيمت عليهم الحجة أو لا.
القسم الثاني من هو من أهل السنة ووقع في بدعة واضحة كالقول بخلق القرآن أو القدر أو رأى يعني رأي الخوارج وغيرها فهذا يبدع وعليه عمل السلف، ومثال ذلك ما جاء عن ابن عمر (رضي الله عنهما) حين سئل عن القدرية قال فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني برئ منهم وأنهم براء مني (رواه مسلم). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء التعارض العقل والنقل، قال رحمه الله: “فطريقة السلف والأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل ويراعون أيضا الألفاظ الشرعية فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيل، ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه، ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقا وباطلا نسبوه إلى البدعة” هكذا قال، أيضا وقالوا إنما قابل بدعة ببدعة ورد باطلا بباطل.
القسم الثالث يقول الشيخ: “من كان من أهل السنة ومعروف بتحري الحق ووقع في بدعة خفية، فهذا إن كان قد مات فلا يجوز تبديعه كابن الحجر، والنووي بل يُذكر بالخير، وإن كان حيا فيناصح ويُبين له الحق ولا يتسرع في تبديعه فإن أصر فيُبدع. ثم ذكر الشيخ الإسلام ابن تيمية وكثير من مجتهدين السلف والخلف قد خالفوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما للأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما للآيات فهموا منها ما لم يرد منها، وإما لرأي رأوه في المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله {ربنا لا تؤخذنا إن نسينا أو أخطأنا} وفي الحديث إن الله قال [قد فعلت] وبسط هذا له موضع آخر، يقول الشيخ “وعلى كل حال لا يجوز إطلاق الاشتراط إقامة الحجة يعني على أهل البدع عموما ولا نفي ذلك، والأمر كما ذكرت” يعني فيه تفصيل.
وأيضا أيها الأخوة من الأمور المهمة لابد من التفريق بين الرواية عن أهل البدع وبين الدراسة عندهم، فقد روى السلف عن بعض أهل البدع الحديث لكن بضوابط وبشروط واضح.
فالرواية رواية الحديث تجوز بضوابط وشروط، أما الدراسة فلا؛ لأن بعض يستدل أن السلف يعني رووا عن أهل البدع الحديث، رووا بضوابط فيقول يجوز الدراسة عند أهل البدع فهذا ليس بصحيح.
فذكر ابن كثير بعض الضوابط في رواية الحديث عن أهل البدع، فقال رحمه الله: المبتدع إن كُفر ببدعته فلا إشكال في رد روايته هذا أولا، وإذا لم يُكفر فإن استحل الكذب ردت أيضا، وإن لم يستحل الكذب فهل يُقبل أو لا؟ أو يفرق بين كونه داعية أو غير داعية؟ نعم هذا هو الصحيح، يقول في ذلك نزاع قديم والحديث والذي عليه الأكثرون التفصيل بين الداعي وغيره يعني يُروى عن غير الداعية ويُرد رواية الداعية إلى بدعته، وقد حكى عن النص الشافعي وقد حكى ابن حبان عليه الاتفاق: وقال لا يجوز الاحتجاج بعند أئمتنا قاطبة لا أعلم بينهم فيه خلافا، قال من صلاح وهذا أعدل الأقوال وأولاها، والقول بالمنع مطلقا بعيد مباعد للشائع عن أئمة الأحاديث، فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة. ففي الصحيحين من حديث في الشواهد والأصول كثيرة والله أعلم”، يعني شاهد أن رواية الأحاديث عن بعض أهل البدع هذا موجود لكن بضوابط كما ذكرنا، لابد ألا يكون داعية، إما دراسة فلا تجوز الدراسة عند أهل البدع.
اكتفي بهذا، بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى صحبه وسلم.
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ