إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد:
فالصلاة عباد الله لها منزلة عظيمة في ديننا، فهي عماد الدين، وهي الركن الثاني من أركان الاسلام بعد الشهادتين، كما ثبت في البخاري ومسلم من حديث بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان)، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن كما في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال له: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإنهم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليك خمس صلوات في اليوم والليلة)، وفي حديث أنس الطويل أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فجثى بين يديه، فقال: يا محمد إن رسولك أتانا فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، فقال الأعرابي: فإن رسولك أتانا فزعم لنا أنك تزعم أن علينا خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، فقال الأعرابي: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، فقال الأعرابي: هل علي غيرهن؟ فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: لا إلا أن تتطوع، فيقول الأعرابي والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، ثم وثب فلما ولى، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: إن صدق الأعرابي دخل الجنة، وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر الى هذا.
عباد الله أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة يحاسب على صلاته، فإن صلحت صلح له سائر عمله، وان فسدت فسد سائر عمله، فخمس صلوات كتبهن الله عز وجل على العباد من جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة؛ عباد الله من حافظ على هذه الصلوات الخمس كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها فليس له نور ولا برهان ولا نجاة يوم القيامة.
إذاً فالذي يتهاون بهذه الصلوات الخمس ويضيعها فهو على خطر عظيم، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وعند أهل السنن إلا النسائي من حديث بريدة قال صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، ويقول عبدالله بن شقيق العقيلي التابعي المتفق على جلالته: (كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة)، ويقول عمر رضي الله عنه وهو في النزع الأخير لما طُعن (لا حظ في الاسلام لمن ترك الصلاة)، ويقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (من ترك الصلاة فلا دين له)، ويقول أبو الدرداء رضي الله عنه: (لا إيمان لمن ترك الصلاة).
عباد الله علينا أن نحافظ على هذه الصلوات الخمس لاسيما صلاة الفجر، فإنها صلاة مشهودة تشهدها الملائكة كما قال الله تعالى: (إن قرآن الفجر كان مشهوداً)، إذاً علينا عباد الله أن نحافظ على هذه الصلوات الخمس حتى نكون من المفلحين نفوز بالجنان وننجو من النيران؛ أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فصلاة الفجر كما قلنا صلاة مشهودة تشهدها الملائكة كما قال الله تعالى في كتابه: (إن قرآن الفجر كان مشهوداً)، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العشاء، ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون)، فمن صلى عباد الله العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم، (ومن صلى البردين دخل الجنة) أي صلى صلاة العصر وصلاة الفجر دخل الجنة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى الصبح فهو في ذمة الله)، أي في عهده وحفظه.
عباد الله الذي يتهاون بالصلوات الخمس ويضيعها فيه شبه من المنافقين، فأثقل الصلوات على المنافقين كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة صلاة الفجر وصلاة العشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا أي زحفاً، ويقول ابن عمر رضي الله عنه إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء وصلاة الفجر أسأنا به الظن؛ إذاً علينا عباد الله أن نحافظ على هذه الصلوات الخمس ولاسيما صلاة الفجر؛ نسأله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا إلى المحافظة على هذه الصلوات الخمس ولاسيما صلاة الفجر اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ خليفة ونائبه وولي عهده والشيخ الدكتور سلطان القاسمي وسائر حكام الإمارات، وارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم وإخوانهما شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم احفظ الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها وعلى سائر بلاد الإسلام والأمن والأمان يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى ونعوذ بك من النار ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.
14 شعبان 1440 ه الموافق 19/4/2019
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ