إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد:
فيقول الله تعالى في كتابه العزيز: (إليه يصعد الكلم الطيب)، ويقول: (واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون)، فالذكر عباد الله من أعظم الأعمال وأجل العبادات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: (ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفع في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله)، وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله)، فبالذكر عباد الله تنشرح الصدور وتطمئن القلوب كما قال الله تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، فالذي يذكر الله عز وجل والذي لا يذكر الله عز وجل مثل الحي والميت كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا ذكرت الله ذكرك الله تعالى فالجزاء من جنس العمل يقول الله تعالى: (فاذكروني أذكركم)، وأيضا يقول الله تعالى في الحديث القدسي: (وإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه)، إذا ذكرت الله عز وجل كان الله عز وجل معك يسددك ويوفقك في كل أمر يقول الله تعالى في الحديث القدسي: (وأنا معه إذا ذكرني)، إذا ذكرت الله عز وجل حفتك الملائكة ونزلت عليك السكينة وغشيتك الرحمة كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (ما قعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة ونزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده)، الذكر سبب لمغفرة الذنوب يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما جلس قوم يذكرون الله إلا ناداهم مناد من السماء قوموا مغفوراً لكم)، فاذكروا الله عز وجل كثيراً لاسيما التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، فأحب الكلام إلى الله تعالى أربع كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)، أكثروا من قول سبحان الله وبحمده، فمن قال: (سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة)، ومن قال: (سبحان الله وبحمده في يوم مائة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم ومن قال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتي أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه) كما روى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
عباد الله حافظوا على أذكار الصباح وأذكار المساء وأذكار النوم والأذكار التي بعد الصلوات الخمس، أكثروا من ذكر الله أكثروا من الاستغفار فطوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً يوم القيامة كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم.
عباد الله احفظوا ألسنتكم من لغو الكلام والقيل والقال وسوء الكلام، فإن على الإنسان ملكين يكتبان ما يقول وما يفعل (وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون)، (ما يلفظ من إلا لديه رقيب عتيد) إن كانت عندك كلمة طيبة فقل بها، وإلا فالزم الصمت والسكوت يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، وجاء عنه في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، فاحفظوا بارك الله فيكم ألسنتكم واذكروا الله عز وجل ذكرا كثيرا أقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فعلى العبد أن يحرص على ذكر الله عز وجل وعلى كل قول من رضوان الله عز وجل، وأن يحذر كل الحذر من كل قول من سخط الله عز وجل، فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وإن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم)، معاذ رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخله الجنة ويباعده من النار، فذكر له النبي صلى الله عليه وسلم أركان الإسلام ودله على أبواب الخير وبَيَّنَ له رأس الأمر وعموده وذروة سنامه، ثم قال له: (ألا أخبرك بملاك ذلك كله)، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسانه، وقال: (كف عليك هذا)، فقال معاذ رضي الله عنه: (وإنا لمؤاخذون بما نتكلم يا رسول الله)، قال: (ثكلتك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)، ودخل عمر رضي الله عنه على الصديق فرآه يجبذ لسانه أي يمد لسانه فقال: (مه غفر الله لك ما تصنع يا خليفة رسول الله)، قال: (إن هذا أوردني شر الموارد)، ويقول ابن بريدة: رأيت ابن عباس آخذاً بلسانه، وهو يقول: (قل خيراً تغنم أو اسكت عن سوء تسلم وإلا فاعلم إنك ستندم)، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (طوبى لمن ملك لسانه)، ويقول أيضا (أمسك عليك لسانك)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من صمت نجا)؛ عباد الله ومن الكلم الطيب الذي يريح نفس سامعه ويواسي قلبه كلمات العزاء، فنتوجه من أعماق قلوبنا إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة بخالص التعازي وصدق المواساة، ونسأل الله تعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويشمله بكريم عفوه وفضله إنه هو البر الرحيم، هذا وصلوا وسلموا على نبينا الكريم محمد صلى الله وسلم، اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ خليفة ونائبه وولي عهده والشيخ الدكتور سلطان القاسمي وسائر حكام الإمارات، وارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم وإخوانهما شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم احفظ الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها وعلى سائر بلاد الإسلام والأمن والأمان يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى ونعوذ بك من النار ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.
2 ذو القعدة 1440 ه الموافق 5/7/2019
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ