فضل قراءة القرآن

• June 18, 2020

• 643
• 
• 
• 
• 
• 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد: فالقرآن الكريم كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود تكلم الله به حقيقة بحرف وصوت ألقاه الله تعالى على جبريل فسمعه فنزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فالقرآن عباد الله فيه نبأ من قبلكم وخبر من بعدكم وحكم فيما بينكم كما قال الله تعالى: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)، فالقرآن هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قسمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم؛ هذا القرآن هو حبل الله المتين الممدود من السماء إلى الأرض طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبداً.

واعلموا عباد الله أن قراءة القرآن من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى، كما قال ابن الأرت رضي الله عنه: (تقرب ما استطعت، واعلم إنك لن تتقرب إلى الله بشيء أحب من كلامه)، فبكل حرف تقرأه من كتاب الله لك به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألف لام ميم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم، ويأتي هذا القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)، يقول القرآن أي ربي النوم بالليل فشفعني فيه فيشفع لصاحبه؛ أهل القرآن عباد الله أهل الله وخاصته، يقال لصاحب القرآن يوم القيامة اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها، فأهل القرآن لهم الرفعة في الآخرة، وكذلك في الدنيا (فخيركم من تعلم القرآن وعلمه) كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام البخاري من حديث عثمان رضي الله عنه، وأيضا روى الإمام مسلم عن عمر رضي الله عنه وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين) هذا الحديث قاله عمر رضي الله عنه لما التقى بنافع بن عبد الحارث بعسفان، فقال من استخلفت على أهل الوادي، قال: استخلفت على أهل الوادي ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى، قال: رجل من موالينا، قال استخلفت عليهم مولى، فقال: إنه قارئ للقرآن عالم بالفرائض قاض، فقال عمر رضي الله عنه: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين)، حتى في الصلاة يقدم صاحب القرآن على غيره كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم (يؤم القوم اقرأهم لكتاب الله)، حتى في دفن الموتى في المقابر الجماعية يقدم أكثرهم أخذاً للقرآن، فنسأله سبحانه وتعالى عباد الله بأسمائه الحسنى وصف العلى أن يجعلنا من أهل القرآن الذين يعملون به أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فالقرآن الكريم إما حجة لك وإما حجة عليك، إما أن يقودك إلى الجنان، وإما أن يسوقك إلى النيران، فإن قرأت هذا القرآن وعملت به مخلصاً لله سبحانه وتعالى قادك إلى الجنان، إما إن خالفت ما فيه بعدم امتثال أوامره وارتكاب نهيه ساقك هذا القرآن إلى النار، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (إن هذا القرآن شافع مشفع فمن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار)، يقول الله تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك آتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى)، فلابد من العمل بالقرآن بامتثال أوامره والابتعاد عن نواهيه، يقول ابن عباس رضي الله عنه: (تكفل الله لمن قرأ القرآن واتبع ما فيه ألا ظل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة)، ويؤتى بالقرآن وأهله يوم القيامة تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما كما بَيَّنَ النبي الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم، أما الذين يقرأون القرآن ولا يعملون به فتقرض شفاهم بمقاريض من نار كما رأى النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء الأقوام ليلة أسري به، فنسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أهل القرآن ومن خاصته يا رب العالمين الذين يقرؤون القرآن ويعملون به مخلصين لله تعالى اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ خليفة ونائبه وولي عهده والشيخ الدكتور سلطان القاسمي وسائر حكام الإمارات، وارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم وإخوانهما شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم احفظ الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها والأمن والأمان يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى ونعوذ بك من النار ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.

6 جمادى الآخرة 1441 ه  الموافق 30/1/2020