ثم بعد الشفاعة هذا المشهد العظيم في نشر الدواوين وتتطاير الكتب والصحف،
فالناس ينقسمون إلى قسمين: إلى أهل السعادة وأهل الشقاوة، فمن أخذ كتابه بيده اليمنى فقد فاز وربح ومنهم من يأخذ كتابه بشماله فقد خاب وخسر، وقد ذكر الله عز وجل هذا المشهد في كتابه في سورة الحاقة والانشقاق قال الله تعالى في سورة الحاقة: {فأما من أُوتيَ كتابه بيمينه فيقول ها هم اقرأوا كتابيه} أي هلموا وتعالوا اقرأوا هذا الكتاب الذي فيه الأعمال الصالحات من صلاة وصيام وصدقة وبر وإحسان وذكر لله عز وجل وقراءة القرآن وتسبيح وتحميد وتهليل وتكبير {ها هم اقرأوا كتابيه إني ظننتُ إني مُلاقٍ حسابيه}، أي لما عملتُ هذه الأعمال كنت موقنًا على أن الله عز وجل سيجازيني الجزاء الحسن {إني ظننتُ إني مُلاقٍ حسابيه فهو في عيشة راضية} يرضى بما أعطاه الله عز وجل من نعيم مقيم في جنة عالية في المنازل الرفيعة والقصور العالية في أعلى الجنان قطوفها دانية يقطف ثمار الجنة من غير تعب ولا عناء فثمارها دانية قريبة {كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيام الخالية} أي بما قدمتم من الأعمال الصالحة في الأيام الماضية التي كانت في الدنيا.
ثم ذكر الله عز وجل الفريق الثاني وأما من أوتيَ كتابه بشماله فيقول {يا ليتني لم أؤتى كتابيه} يتمنى أنه لو لم يعطى هذا الكتاب لماذا؟ لما فيه من الخزي والعار والفضيحة في هذا الكتاب هذه الذنوب والآثام الكذب الغش الغيبة النميمة السب الشتم اللعن شرب الدخان سماع الأغاني أكل الربا الزنا كذا وكذا {يا ليتني لم أُوتى كتابيه ولم أدر ما حسابيه} عندما كان يرتكب المحرمات لم يدرِ أنه سيحاسب وأنه سيقف بين يدي الله عز وجل يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم {ولم أدرِ ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية} يتمنى أنه لو لم يبعث ولم يحاسب ولم يعذب على ما ارتكبه في الدنيا من الذنوب والمعاصي {ما أغنى عني ماليه فماله لن ينفعه في هذا اليوم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم {هلك عني سلطانية} أين الجنود؟ أين الأتباع؟ أين الخدم؟ أين الحشم؟ أين المناصب؟ كل ذلك تلاشى في هذا اليوم العظيم في يوم القيامة {خذوه فغلوه} تأخذه الزبانية وتغله بالسلاسل ثم إلى النار {ثم الجحيم صلُّوه} كما قال الله عز وجل: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يُسحبون في الحميم ثم في النار يُسجرون} هكذا ثم الجحيم صلّوه يُصلى في نار جهنم كما تُصلى الشاة على النار لماذا كل هذا العذاب أتدرون لماذا؟ لأنه {كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين فليس له اليوم ها هنا حميم} ليس له قريب أو صديق يشفع له فينجو من عذاب الله ولا طعام إلا من غسلين هذا هو طعامه هذا هو طعامه صديد أهل النار لا يأكله إلا الخاطئون يعني الذين أخطأوا الصراط المستقيم.
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ