ومسألة الحجامة للصائم مسألة فيها أقوال كثيرة والخلاصة القول الأول من قال: بجواز الحجامة للصائم وهذا قول الجمهور قول مالك والشافعي وأبي حنيفة استدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما احتجم وهو الصائم وقالوا عن حديث شداد بن أوس أفطر الحاجم والمحجوم أنه منسوخ؛ لأنه جاء في بعض طرقه أن ذلك في حجة الوداع وسبق إلى ذلك الشافعي وحديث شداد في عام الفتح فيكون حديث ابن عباس ناسخاً لحديث شداد بن أوس وذكروا مما يؤيد هذا حديث أنس هذا الذي مر علينا ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم بعد أن قال: أفطر هاذان ولهذا قال في أول الحديث أول ما كُرهت الحجامة للصائم هذا في أول أمر لكن قلنا أن هذا الحديث ضعيف عند العلماء، وأما بالنسبة للنسخ فإنه لا يُسلم لهم دعوى النسخ رد ذلك ابن القيم وذكر أنه لابد من معرفة التاريخ المتأخر والمتقدم ولم يثبت صيام النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لعله صام في حال لم يكن محرماً، وبعضهم قال: بالكراهة خشية الجهد هذا القول الثاني القول الأول الجواز واحتجوا بحديث ابن عباس وبعضهم حمل حديث أفطر الحاجم والمحجوم أي: تعرضا للإفطار أي: أوشكا وكادا أن يفطرا أما المحجوم فللضعف الذي سيلحقه أما الحاجم كما ذكرنا لمص الدم من الأنبوب فقد يحتمل أن يدخل شيء في جوفه، وبعضهم قال: أفطر الحاجم والمحجوم هذا على التغليظ والدعاء عليهما على الحاجم والمحجوم أي: بطل أجر صيامهما فكأنما صارا مفطرين غير صائمين، وبعضهم قال أفطر الحاجم والمحجوم أي: جاز لهم أن يفطرا وبعضهم قال: أنهم سيفطران أي إلى ما يؤول سيصابان بالضعف ويشعران بالجوع والعطش وبعد ذلك سيفطران أي: ما يؤول إليه ولا شك في الحقيقة أن هذه التأويلات فيها تكلف، وبعضهم قال بالكراهة خشية الجهد هذا القول الثاني واحتجوا بحديث أنس في البخاري ما كنا ندع الحجام للصائم إلا كراهية الجهد وأيضاً جاء عن ثابت البناني أنه قال: لأنس أكنتم تكرهون الحجام للصائم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا إلا من أجل الصعف، والقول الثالث أن الحجامة من المفطرات تحريم الحجامة على الصائم إلا إذا احتاج لا شيء عليه لكن يكون مفطراً واستدل أصحاب هذا القول بحديث شداد أفطر الحاجم والمحجوم وهذا القول قول الإمام أحمد وإسحاق والأوزاعي وابن المنذر وابن خزيمة وهو أيضاً اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ومن المعاصرين الشيخ ابن عثيمين وصحح هذا الحديث أفطر الحاجم والمحجوم أئمة الإمام احمد والبخاري وابن المديني شيح البخاري ونُقل عن الشافعي أنه علق القول بالفطر به على صحة هذا الحديث فهذا أقرب هذا القول أقرب أن الحجامة من المفطرات وأرجح والله أعلم لأن حديث ابن عباس فيه فقط إثبات الحجامة أثناء الصيام وليس فيه ما يدل على الاستمرار في الصيام وأيضاً كثير من الحفاظ ضعف حديث ابن عباس احتجم وهو صائم الإمام احمد وغيره أحد الرواة وهم هكذا يقولون أحد الرواة وانفرد به عن ابن عباس وأن غيره خالفه فيها فالشاهد أن حديث ابن عباس فقط فيه إثبات الحجامة أثناء الصيام وليس فيه ما يدل على الاستمرار في الصيام وأنه لم يفطر هكذا هذا اقرب والله اعلم فهذه المسألة إذا الراجح فيها ان من احتجم يكون مفطرا والله اعلم.
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ