6 ـ موقف ابن عدي:
قال ابن عدي ـ رحمه الله ـ:ِ
ذِكرُ من استجاز تكذيب من تَبَيَّن كذبه، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يومنا هذا، رجلاً رجلاً، ثم قال: فمن الصحابة: “عمر بن الخطاب” … “علي بن أبي طالب” … “عبد الله بن عباس”.
ثم روى بإسناده إلى سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: إن نوفاً البكالي يزعم أن موسى صاحب بني إسرائيل ليس صاحب الخضر، فقال: “كذب عدو الله …”.
وذَكَرَ قوله لبشير بن كعب: “كنا نحفظ الحديث، والحديث يحفظ عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا ركبتم الصعب والذلول”.
ثم قال: عبد الله بن سلام، وساق بإسناده إلى أبي هريرة – رضي الله عنه – أنه قال: أتيت الطور؛ فوجدت بها كعب الأحبار ـ فذكره بطوله ـ … فلقيت عبد الله بن سلام، فذكرت له أني قلت لكعب: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إن في الجمعة ساعة لا يصادفها مؤمن وهو في الصلاة يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه فقال: ذاك يوماً في كل سنة؟ فقال عبد الله بن سلام: “كذب كعب”، ثم ذكره إلى آخره.
ثم قال: عبادة بن الصامت، ثم روى بإسناده عن ابن محيريز: أن رجلاً من بني كنانة لقي رجلاً من الأنصار يقال له أبو محمد، فسأله عن الوتر؛ فقال: إنه واجب. فقال الكناني: فلقيت عبادة بن الصامت فذكرت ذلك له؛ فقال: “كذب أبو محمد”.
ثم قال: أنس بن مالك، ثم روى بإسناده إلى عاصم، قال: سألت أنس بن مالك عن القنوت، قلت: قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله. قال فإن فلاناً أخبرني عنك أنك قلت: بعد الركوع. قال: “كذب، إنما قنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعد الركوع شهراً فذكره”.
التعليق:
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فهذا موقف ابن عدي في نقد وجرح أهل الأهواء والأخطاء، ذكر رحمه الله أن من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين إلى زمانه يستجيزون وصف الكذاب لمن تبيَّن كذبُه.
فذكر ابن عدي من الصحابة عمرَ وعلي وابنَ عباس رضي الله عنهم، ثم روى بإسناده إلى سعيد بن جبير وسعيد بن جبير كوفي من كبار التابعين ثقة، قال يحيى بن معين سعيد بن جبير ثقة.
وروى عن عدد كبير من الصحابة رضي الله عنهم كابن عبَّاس، وعائشة، وعدي بن حاتم، وأبي موسى الأشعري، وأبي هريرة، وعن: ابن عمر، وأنس، وأبي سعيد الخدري وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.
قال سعيد بن جبير لابن عباس إن نوفاً البكالي يزعم أن موسى صاحب بني إسرائيل ليس صاحب الخضر، فقال ابن عباس: “كذب عدو الله هنا الشاهد أن ابن عباس وصفه بأنه كذب بل ووصفه بأنه عدو لله لأنه أنكر أن موسى عليه السلام هو موسى الذي جاء ذكره في قصة الخضر أي أن موسى الذي جاء ذكرُه في قصة الخضر ليس موسى بني إسرائيل إنما هو آخر.
*ويقول ابن عباس رضي الله عنه كنا نحفظ الحديث أي نأخذ الحديث ونحفظه اعتماداً على صدقهم ثم قال والحديث يُحفظ عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم أي والحديث حري أن يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حتى إذا ركبتم الصعب والذلول وهذا كناية عن الإفراط والتفريط في نقل الحديث، فلهذا لن يكون الاعتماد على نقلهم، حتى قال رضي الله عنه (فهيهات) أي هيهات هيهات أن يُنقل عنهم بعد هذا الإفراط والتفريط.
وقال عبد الله بن سلام كذب كعب أي أخطأ كعب يعني في مسألة الساعة التي في يوم الجمعة قال كعب الأحبار أنها مرة في كل سنة فقال عبد الله بن سلام كذب كعب أي أخطأ كعب.
وذُكر لعبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رجلاً يقال له أبو محمد يقول عن الوتر أنه واجب فقال عبادة رضي الله عنه كذب أبو محمد” أي أخطأ أبو محمد.
أيضا أنس رضي الله عنه سئل عن القنوت هل هو قبل الركوع أم بعده فقال رضي الله عنه قبله، فقيل له إن فلانا ينقل عنك أنك تقول بعد الركوع فقال أنس رضي الله عنه كذب أي هذا الذي نقل عني كذب ثم قال رضي الله عنه إنما قنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعد الركوع شهراً” الشاهد أن الصحابة والتابعين وصفوا البعض بأن فلان كذب أو فلان كذاب فهذا لا شيء فيه نعم.
ثم قال: ومن التابعين ممن تكلم فيهم: سعيد بن المسيب.
ثم روى بإسناده إلى القاسم، أنه قال لسعيد بن المسيب: أن عطاء ابن أبي رباح حدثني: أن عطاءً الخراساني حدثه في الرجل الذي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أفطر في رمضان: أنه أمره بعتق رقبة. فقال: لا أجدها؟ قال: فأهد جزوراً. قال: لا أجد. قال: فتصدق بعشرين صاعاً من تمر. فقال سعيد: “كذب الخراساني”. وذكر قصة أخرى كَذَّب فيها ابن المسيب عكرمة.
ثم ذكر: “سعيد بن جبير”، و”عطاء بن أبي رباح”، و”عبد الرحمن الأعرج”، و”أبا صالح ذكوان”، و”الحسن البصري”، و”محمد بن سيرين”، و”أنس بن سيرين”، و”أبا العالية الرياحي”، و”مالك بن دينار”، و”عامر الشعبي”، و”إبراهيم النخعي”، و”مسروق بن الأجدع”، و”الربيع ابن خثيم”، و”حماد بن أبي سلمة”، و”سعد بن إيراهيم”، و”محمد بن مسلم الزهري”.
وذكر لهم انتقادات، بعضهم يطلق في نقده الكذب، وبعضهم الجرح، وبعضهم للأفراد، وبعضهم للجماعات (2) لا رائحة فيها للموازنات.
ثم ساق إسناده إليه أنه ذكر ثويراً فقال: “لم يكن مستقيم اللسان”.
وذَكَرَ آخر فقال: “كان يزيد في الرقم”.
ثم ساق بعض فضائل “أيوب”.
ثم ذكر” الأعمش”، وتعديله لبعض الرواة، وتجريحه لبعضهم:
فمِن جرحه: أنه ذُكِرَ عنده بعض الرواة فقال: “طيار”.
وذكر عنده آخر فقال: “طبل مخرق، ليس له صوت”
ثم ذَكَرَ نقده لأهل الكوفة واتهامه إياهم بالكذب، ثم ذَكَرَ فضائله.
التعليق:
نعم أيضا هنا نقل عن التابعين أنهم قالوا كذب فلان أو فلان كذاب وما أشبه ذلك
سعيد بن المسيب قال كَذَبَ الخراساني أي الذي حدث أن الرجل الذي أفطر في رمضان الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بفطره فأمره بعتق رقبة فقال لا أجدها قال فأهد جزوراً، وهذا خطأ النبي صلى الله عليه وسلم أمر للذي أفطر بالجماع في نهار رمضان بعد العتق بالصيام أي أن يصوم شهرين متتابعين قال لا أستطيع ثم أمره بإطعام ستين مسكينا قال لا أجد، وليس فيه أنه أمره بأن يتصدق بعشرين صاعاً، ولهذا قال سعيد بن المسيب كذب الخراساني أي أخطأ عطاء الخرساني.
ثم ذكر بعض التابعين “سعيد بن جيبر” تابعي ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وذكر “عطاء بن أبي رباح” المكي تابعي أخذ من ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة وعائشة ومن غيرهم رضي الله عنهم أجمعين، أعلم الناس بمناسك الحج بعد وفاة ابن عباس رضي الله عنه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وذكر “عبد الرحمن الأعرج” هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ثقة ثبت قال أبو زرعة الرازي ثقة.
وذكر “أبا صالح ذكوان”، المعروف بأبي صالح السمان ثقة ثبت، أخذ عن ابن عباس وابن عمر وجابر وأنس وغيرهم، قال عنه الإمام أحمد ثقة ثقة من أجل الناس وأوثقهم.
وذكر “الحسن البصري”، هو الحسن بن يسار البصري تابعي ثقة فقيه يرسل ويدلس عنده ارسال وعنده تدليس، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قال ابن حجر عنه ثقة فقيه فاضل مشهور وكان يرسل كثيراً ويدلس.
وذكر “محمد بن سيرين”، البصري تابعي أخذ عن أنس وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين، تابعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، قال ابن حجر عنه ثقة ثبت عابد كبير القدر لا يرى الرواية بالمعنى.
وذكر “أنس بن سيرين”، وهو أخو محمد بن سيرين تابعي أخذ عن أنس وابن عمر وأبي هريرة وعن أبي سعيد الخدري وغيرهم، تابعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. وثقه أبو حاتم الرازي وغيره.
وذكر “أبا العالية الرباحي” هو الرياحي الرياحي وذكر أبا العالية الرياحي هو رفيع بن مهران البصري تابعي أخذ عن ابن مسعود وابن عباس وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وعائشة، تابعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيين ويحيي بن معين.
وذكر أيضاً “مالك بن دينار”، البصري تابعي ثقة أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة، قال ابن حجر عنه صدوق زاهد.
وذكر “عامر الشعبي” عامر بن شراحيل الشعبي كوفي تابعي أخذ عن ابن عباس وجابر وعائشة وابن عمر وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين وعن غيرهم، تابعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، قال ابن حجر عنه ثقة مشهور فقيه فاضل وثقه أيضاً أبو زرعة الرازي.
وذكر أيضاً “إبراهيم النخعي”، هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، تابعي أخذ عن أنس وابن عمر وأبي سعيد الخدري وغيرهم، تابعي ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، قال ابن حجر ثقة فقيه إلا أنه يرسل كثيراً.
قال و”مسروق بن الأجدع”، تابعي أخذ عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وعائشة وجابر وأبي سعيد الخدري وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين تابعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، ووثقه ابن معين قال ثقة لا يسأل عن مثله وقال ابن حجر ثقة فقيه عابد.
وذكر أيضاً “الربيع ابن خثيم”، االربيع بن خيثم الثوري الكوفي تابعي أخذ عن ابن مسعود رضي الله عنه، تابعي ثقة قال ابن حجر ثقة عابد مخضرم وقال ابن معين لا يسأل عن مثله.
قال و”حماد بن أبي سلمة”، لا هذا حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة أخذ عن أنس رضي الله عنه، ثقة. أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، ووثقه الإمام أحمد وابن معين قال ابن حجر عنه ثقة عابد أثبت الناس في ثابت يعني في ثابت البناني لكن تغير حفظه في آخر حياته لما كبر.
قال و”سعد بن إيراهيم”، هذا سعد حفيد عبد الرحمن بن عوف، سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أخذ عن جده وعن ابن عباس وابن عمر وأنس وعائشة وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. ووثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم الرازي وقال ابن حجر ثقة فاضل عابد وقال الذهبي ثقة إمام.
وذكر “محمد بن مسلم الزهري”. محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، تابعي معروف أخذ عن أنس وعائشة وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وجابر وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين تابعي ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، قال عنه ابن حجر الفقيه الحافظ المتفق على جلالته وإتقانه.
ثم ذكر ابن عدي انتقاد أئمة التابعين في المجروحين فبعضهم يطلق الكذب وبعضهم الجرح يعني فلان ضعيف فلان سيء الحفظ فلان يخطئ للأفراد والجماعات، الجماعات كالقدرية والمرجئة والخوارج وغيرهم من الفرق الضالة ليس عندهم منهج الموازنات يذكرون الحسنات والسيئات لا إنما في حال بيان حال الرجل يذكرون الجرح لأن هذا الموطن موطن تحذير الآن يذكرون الجرح.
ثم قال: أيوب بن أبي تميمة هو أيوب السختياني ذكر ثويراً قال عنه أنه لم يكن مستقيم اللسان” ثوير هذا هو ثوير بن سعيد بن علاقة المعروف ب ثوير بن أبي فاختة القرشي، قال عنه سفيان الثوري كان من أركان الكذب، وقال يحيى بن معين عنه ليس بشيء وقال عبد الرحمن بن مهدي ويحيي بن سعيد القطان لا يحدث عنه قال ابن حجر ضعيف رمي بالرفض.
وذكر أيوب رجلاً آخر كان يزيد في الرقم أي يزيد في السلعة فإذا كانت عشرين يقول ثلاثين هكذا يزيد في الرقم
ثم ساق بعض فضائل “أيوب”. قال الإمام مالك عن كان من العالمين العاملين الخاشعين وقال أيضاً الإمام مالك كان من عباد الناس وخيارهم، وقال الإمام أحمد عنه إمام أهل البصرة في عصره، وقال أبو حاتم الرازي ثقة لا يُسأل عن مثله، وقال ابن حجر ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد.
ثم ذكر تعديل الأعمش وتجريحه، والأعمش هو سليمان بن مهران الأعمش كوفي تابعي ثقة قال ابن حجر ثقة حافظ عارف بالقراءات ورع لكنه يدلس.
فمِن جرحه: أنه ذُكِرَ عنده بعض الرواة فقال: “طيار”. وهذا وصف شنيع له
وذكر عنده آخر فقال: “طبل مخرق، ليس له صوت”. كلمات قوية.
ثم ذكر ابن عدي نقد الأعمش لبعض أهل الكوفة بالكذب ثم ذكر فضائل الأعمش
قال سفيان بن عيينة عن الأعمش أنه فاق أصحابه بأربعة خصال كان أقرأَهم للقرآن وأحفظهم للحديث وأعلمهم بالفرائض.
وقال وكيع بقي قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى الله أكبر. نعم
ثم قال: ذِكْرُ تابعي التابعين من الأئمة الذين يُسمَع قولهم في الرجال، إذ هم أهل لذلك.
ثم روى بإسناده إلى يحيى بن سعيد القطان، قال: سألت الأوزاعي، وسفيان، ومالكاً ـ وأظنه قال: وشعبة ـ عن الرجل يهم في الحديث؟ فقالوا: “بَيِّن، بَيِّن”.
ثم روى بإسناده إلى أبي مسهر: أنه سئل عن رجل يغلط، ويتهم، ويصحف؟ قال: “بَيِّن أمره”؟ قلت له: أترى ذلك من الغيبة؟ قال: ” لا “.
ثم قال: شعبة بن الحجاج وذكر فضائله ومزاياه، وذكر من نقده، أنه قال: “لو حابيت أحداً حابيت هشام بن حسان، كان ختني، ولم يكن يحفظ.
ومنه قوله: “لا تأخذوا عن سفيان الثوري إلا عن رجل تعرفون؛ فإنه لا يبالي عمن حَصَّل الحديث.
ومنه عن النضر بن شميل، سمعت شعبة يقول: “تعالوا حتى نغتاب في الله”.
ووَصَف “شعبة” بأنه: قبان المحدثين لاطلاعه على أحوال الرجال، قويهم وضعيفهم.
ثم قال: سفيان الثوري.
وذَكَرَ فضائله، وتسليم الأئمة كلامه في الرجال
ثم رَوَى بإسناده إلى سفيان أنه قال: “لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التأريخ”
وذكر له نقداً مجملاً.
وفي كتاب: “الجرح والتعديل” له ترجمة، ذكر فيها مزاياه، وذكر من نقده قوله: “عجباً لمن يروي عن الكلبي”.
قال ابن أبي حاتم: فقلت لأبي: إن الثوري يروي عن الكلبي. قال: ” لا يقصد الرواية عنه، ويحكي حكاية تعجباً؛ فيعلقه من حضره، ويجعلونه رواية عنه”.
ومن نقده قوله: عبد الوهاب بن مجاهد كذاب.
وقوله في أبان بن أبي عياش: “كان نسياً”.
ثم قال: عبد الرحمن بن عمرو الأوازاعي.
وذَكَرَ محاسنه، ومزاياه، وجلالته، “لا تأخذ العلم إلا من أهله”.
التعليق:
نعم ذكر ابن عدي أئمة أتباع التابعين في الجرح والتعديل ذكر أقوالهم في الرجال
فروى ابن عدي بإسناده إلى يحيى بن سعيد القطان، قال: سألت الأوزاعي، وسفيان، ومالكاً وأظنه قال: شعبة ــ
يحي بن سعيد القطان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، قال عنه الإمام أحمد ما رأت عيناي مثلَه، وقال ابن حجر ثقة متقن حافظ إمام قدوة.
فسأل يحيى بن سعيد القطان هؤلاء الأئمة الأوزاعي وسفيان ومالك وشعبة عن الرجل يهم في الحديث؟ فقالوا: “بَيِّن، بَيِّن” أي بيِّن حاله ولا تكتم حاله.
وذكر أن أبا مسهر سئل، وأبو مسهر هذا هو عبد الأعلى بن مسهر الغساني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، قال ابن حجر عنه ثقة فاضل.
سئل أبو مسهر عن رجل يغلط، ويهم، قال: “بَيِّن أمره” أي لا تكتم أمره؟ قلت له: أترى ذلك من الغيبة؟ قال: ” لا، أي ليس هذا من الغيبة إذا بيَّنت حاله.
ثم قال: شعبة بن الحجاج شعبة بصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة،.
قال الإمام أحمد عنه لم يكن في زمنه مثلُه في الحديث، وقال ابن حجر ثقة حافظ متقن عابد وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة هكذا قال ابن حجر رحمه الله.
قال شعبة: “لو حابيت أحداً حابيت هشام بن حسان، كان ختني ولم يكن يحفظ”، كان ختني الختن زوج البنت أو زوج الأخت أو أب الزوجة وأخيها، ولم يكن يحفظ”.
يعني كان لا يجامل فلو أراد أن يجامل لجامل لكن حاشاه أن يجامل، لم يجامل ختنه فكيف بغيره، قال في ختنه لم يكن يحفظ.
وقال شعبة: “لا تأخذوا عن سفيان الثوري إلا عن رجل تعرفون؛ فإنه لا يبالي عمن حَصَّل الحديث”.
أي لا تأخذوا من سفيان الثوري إلا إذا كنتم تعرفون الرجل الذي حدث عنه فإذا كان ثقة فخذوا وإلا فلا، قال فإنه لا يبالي عمن حَصَّل الحديث” أي تأكدوا قال إنه لا يبالي عمن يأخذا الحديث إذا عرفتم الرجل الذي حدث عنه حدثوا عنه وانقلوا عنه الرواية وإلا فلا.
وقال شعبة أيضا “تعالوا حتى نغتاب في الله ساعة” أي نتكلم في الرجال فلان ضعيف وفلان كذاب وفلان يهم إلى آخره فهذا ليس من الغيبة وإنما هذا بيان أجوال الرجال لحفظ السنة.
ثم وَصَف ابن عدي “شعبة” بأنه: قبان المحدثين لاطلاعه على أحوال الرجال، قويهم وضعيفهم.
ثم قال: سفيان الثوري.
وذكر فضائله وتسليم الأئمة لكلامه في الرجال.
وسفيان الثوري ثقة حافظ فقيه إمام حجة ربما دلس كما قال ابن حجر، وقال يحيى بن معين أمير المؤمنين في الحديث، وقال مرة ما خالف أحد سفيان في شيء إلا كان القول قول سفيان.
ذكر سفيان الثوري أن الكذب لما بدأ يدخل في رواية الأحاديث بدأ النقاد يؤرخون قال” لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التأريخ.
وصف سفيان الثوري عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر أنه كذاب قال ابن حجر متروك وقد كذبه سفيان.
وقال سفيان في أبان بن أبي عياش أنه كان نسياً
هذا أبان بن فيروز المعروف أبان بن أبي عياش العبدي قال الإمام أحمد متروك الحديث وكذلك قال ابن حجر متروك الحديث.
ثم ذكر: عبد الرحمن بن عمرو الأوازاعي.
وذَكَرَ المحاسن الأوزاعي وجلالته، فهو إمام أهلِ الشام في زمانه في الحديث والفقه كما قال عنه المزي.
ثم نقل ابن عدي عن الأوزاعي أنه قال: “لا تأخذ العلم إلا من أهله”. نعم
ثم قال: مالك بن أنس.
وذكر فضائله، وذكر قوله: “لا يؤخذ العلم من أربعة، وخذوا ممن سوى ذلك:
لا يؤخذ من سفيه مُعْلِنٍ بالسفه، وإن كان أروى الناس.
ومن صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه.
ولا من كذاب يكذب في أحاديث الناس، وإن كنت لا تتهم أن يكذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
ولا من شيخ له عبادة وفضل إذا كان لا يعرف ما يحدث”.
وقوله: “أدركت هذا المسجد وفيه سبعون شيخاً ممن أدرك أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وروى عن التابعين؛ فلم يحمل الحديث إلا من أهله”.
وذكر ابن أبي حاتم في ترجمة الإمام مالك: سمعت أبي يقول: سمعت عبد العزيز الأويسي يقول: “لما خرج إسماعيل بن أبي أويس إلى حسين بن عبد الله بن ضميرة وبَلَغَ مالكاً؛ هَجَرَه أربعين يوماً؛ لأنه لم يرضاه”.
وبإسناد ابن أبي حاتم إلى عبد الرحمن بن القاسم قال: سألت مالكاً عن ابن سمعان، فقال: “كذاب”.
وأنكر على شعبة روايته عن عاصم بن عبيد الله.
وقال ابن أبي حاتم: نا صالح، نا علي، قال: سمعت يحيى يقول: سألت مالك بن أنس عن “جابر البياضي” فقال: “لم يكن برضا”.
وسئل عن خمسة من الرواة، منهم: حرام بن عثمان، فقال: “ليسوا بثقة”.
ثم ذكر ابن عدي عدداً كثيراً من أئمة النقد بعد هؤلاء، منهم: “هشيم بن بشير”، و”سفيان بن عيينة”، و”ابن المبارك”: ومن أقواله في الجرح ما قاله الطالقاني: سمعت ابن المبارك يقول: لو خُيِّرت بين أن أدخل الجنة وبين أن ألقى عبد الله بن محرر لاخترت أن ألقاه ثم أدخل الجنة؛ فلما رأيته كانت بعرة أحب إلي منه، و”يحيى بن سعيد القطان”، و”جرير بن عبد الحميد”، و”الفضل بن موسى السيناني”، و”وكيع بن الجراح”، و”عبد الرحمن بن مهدي”، و”المظفر بن مدرك”، و”الإمام الشافعي”، و”أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر”، و”سعيد بن منصور”، و”الإمام أحمد بن حنبل”، و”علي بن المديني”، و “يحيى بن معين” ، و”عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم”، و”إبراهيم بن محمد بن عررة”، و”خلف بن سالم”، و”إسحاق بن راهويه”، و”محمد بن عبد الله بن نمير”، و”أبو بكر بن أبي شيبة”، و”عمرو بن علي الفلاس”، و”محمد ابن إسماعيل البخاري”، و”أبو زرعة الرازي”، و”أبو حاتم الرازي”، و”محمد ابن مسلم بن وارة الرازي”، و”محمد بن عوف الحمصي” .
ثم ذكر آخرين ممن يقبل كلامهم في الجرح والتعديل، لا نريد الإطالة بذكرهم ولا بذكر أقوالهم المدونة في كتب الجرح والتعديل.
ولبعضهم تأليف في ذلك، وبعضهم تناقلت الأئمة أقواله في ذلك.
وأنصح القراء أن يرجعوا إلى “مقدمة صحيح مسلم” إذ فيها علم ونقد قوي بالبدعة، وبالكذب، وبالوهم والغلط
التعليق:
وذكر أولاً الإمام مالك أنه لا يؤخذ العلم من أربعة أصناف ويؤخذ ما سوى ذلك
أولاً: من السفيه والسفيه هو الذي لا يحسن التصرف حتى لو كان أروى الناس وأحفظ لكنه سفيه عنده أفعال فيها سفه وطيش وما شابه ذلك لا هذا لا يؤخذ عنه.
ثانياً: ذكر أنه لا يؤخذ من صاحب هوى يدعو الناس إلى بدعته.
ثالثاً: لا يؤخذ من الكذاب الذي يكذب على الناس في حديثه حتى لو كان لا يكذب في رواية الحديث لكنه يكذب في حديثه مع الناس فإنه لا يؤخذ منه.
رابعاً: لا يؤخذ من صاحب عبادة وفضل لكنه لا يعرف ما يحدث، هذا أيضاً لا يؤخذ منه ولو كان فاضلاً عابداً لكنه لا يعرف ما يحدث فإنه لا يؤخذ منه.
أيضا هجر الإمام مالك إسماعيل بن أبي أويس أربعين يوماً لما بلغه أنه خرج إلى حسين بن عبد الله بن ضميرة كذبه الإمام مالك، وقال الإمام أحمد عنه متروك الحديث.
وأيضاً وصف الإمام مالك ابن سمعان بأنه كذاب وقال أبو داوود عنه انه من الكذابين.
وأنكر الإمام مالك على شعبة روايته عن عاصم بن عبيد الله لأنه كان ضعيفاً كان سيء الحفظ، قال أبو حاتم بن حبان البستي سيء الحفظ عاصم بن عبيد الله سيء الحفظ كثير الوهم فاحش الخطأ فتُرك من أجل كثرة خطئه.
وكان الإمام مالك لا يرتضي أبو جابر البياضي هذا اسمه محمد بن عبد الرحمن البياضي كنيته أبو جابر متروك الحديث كما قال أبو حاتم الرازي والدار قطني عنه وقال الإمام أحمد عنه منكر الحديث جداً، فكان الإمام مالك لا يرتضيه لضعفه.
وسئل الأمام مالك عن خمسة من ضمنهم حرام بن عثمان الأنصاري المدني السلمي قال ليس بثقة لضعفه وقال ابن حجر ضعيف جداً.
وذكر ابن عدي عددا كثيراً من أئمة الجرح والتعديل بعد هؤلاء “هشيم بن بشير”، و”سفيان بن عيينة”، و”ابن المبارك” وقد مر بنا أثر ابن المبارك أنه يقول: لو خُيِّرت بين أن أدخل الجنة وبين أن ألقى عبد الله بن محرر لاخترت أن ألقاه ثم أدخل الجنة؛ فلما رأيته كانت بعرة أحب إلي منه عبد الله بن محرر هذا ضعيف ليس بثقة كما قال يحيى بن معين
وذكر أئمة في هذا العلم يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي والإمام الشافعي والإمام احمد وعلي بن المديني وعلي بن المديني ويحيى بن معين واسحاق بن راهويه وأبو بكر بن أبي شيبة والبخاري وأبو زرعة الرازي وأبو حاتم الرازي وغيرَهم.
ونصح شيخنا ربيع القراء بالرجوع إلى مقدمة صحيح مسلم ففي هذه المقدمة من العلم العظيم والنقد القوي الواضح بوصف المجروحين بالبدعة والكذب والوهم والخطأ وبهذا يعلم طالب العلم أن هذا ليس فيه شيء إذا وصفنا من يستحق الجرح لهذه الأوصاف فإن هذا ليس فيه شيء وليس من الغيبة في شيء بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ