الإعلانات

التواصل الاجتماعي

حق العلماء

  • April 8, 2020

 

الحمد الله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فإن الله عز وجل يقول في كتابه في حق العلماء (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)، فرفع الله عز وجل درجة العلماء في الدنيا والآخرة، وربنا جل وعلا قرن شهادته بالتوحيد مع شهادة الملائكة ومع شهادة العلماء قال جل وعلا: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط)، فالعلماء من أكثر الناس علماً بالله جل وعلا وهم أعرف الناس بأسماء الله عز وجل الحسنى وبصفات الله عز وجل العُلى، ولهذا العلماء هم أكثر الناس خشيةً لله عز وجل قال جل وعلا: (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، فالعلماء أفضل الناس ولا يقارنون بغيرهم قال الله عز وجل: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) لهم مكانة وفضل لأنهم ينشرون الخير ويبينون للناس دين الله عز وجل، فالعالم أفضل من غيره أفضل ممن لو قام الليل وصام النهار، فالعالم أفضل لأن نفعه متعدد، أما صائم النهار وقائم الليل فنفعه قاصر على نفسه، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام كما عند أبي داوود من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: (وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب)، وعند الترمذي( وفضل العالم على العابد كفضل على أدناكم)، فالعالم ينشر الخير بين الناس، فالمخلوقات تدعوا لهذا العالم الذي يبيِّن الحلال والحرام والخير والشر والهدى والضلال، فالمخلوقات تدعوا له كما جاء عند أبي داوود من حديت أبي الدرداء (وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء) كما قال عليه الصلاة والسلام، وأيضاً ثبت عنه عليه الصلاة والسلام عند الترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي أنه قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير)، يعني يدعون للذي الذي يعلم الناس الخير، فالعالم له فضل عظيم يقوم مقام الأنبياء والرسل، فالأنبياء والرسل يبلغون دين الله للناس، والنبي عليه الصلاة والسلام هو خاتم النبيين لا نبي بعده، لكن العلماء يقومون مقام الأنبياء يبيِّنون دين الله للناس، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر).

فما علينا إلا أن نرجع إلى العلماء إذا أردنا أن نعرف أمر ديننا، وإذا أردنا أن نعرف أيضاً في أمر دنيانا أهو حلال أم حرام، نرجع إلى أهل العلم هكذا أمرنا الله عز وجل قال جل وعلا: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) تسأل أهل العلم تسأل العلماء، لكن هنا سؤال من هم العلماء؟! كيف تميز بين العالم والمتشبه به؟! كيف تميز بين بالعالم ومن تزيا بزي العلماء؟! فلابد من معرفة العالم من غيره، فالعالم من أهم أوصافه أنه متصف بالإخلاص والصدق مع الله ورسوله ومع نفسه ومع الناس، تجد فيه الإخلاص يظهر الإخلاص على جوارحه وفي أقواله وأعماله، أما المتعالم فإنه من أبعد الناس عن الإخلاص بخلاف العالم فإنه من أبعد الناس عن السمعة والرياء، أما المتعالم عنده حب الظهور الذي يقصم الظهور، فالحذر من هذه الآفة، فالعالم عنده إخلاص، والإخلاص بأن تنوي بهذا العلم أن ترفع الجهل عن نفسك وعن غيرك قال الإمام أحمد رحمه الله العلم لا يعدله شيء لمن صلحت نيته، قالوا كيف تصلح النية قال إذا أراد أن يرفع الجهل عن نفسه وعن غيره، هكذا تصلح النية بأن ترفع الجهل عن نفسك وعن غيرك، فلابد من مجاهدة النفس على الإخلاص في كل الأعمال العالم والمتعلم لابد كل منهما أن يجاهد نفسه على الإخلاص، وأن يعالج نفسه وأن يفتش في قلبه هذه المسألة مسألة الإخلاص لابد من مجاهدة النفس، ولهذا يقول بعض السلف: (ما جاهدت نفسي على شيء ما جاهدته على الإخلاص)، يقول سهل بن عبدالله التستري: (ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب)، ليس للنفس نصيب في الإخلاص؛ لأن الإخلاص لله وحده، أما الظهور والتعالي وكذا وكذا وإظهار النفس هذه من حظوظ النفس؛ لأنه ليس لها أي للنفس فيه نصيب، وأيضاً يقول ابن أبي مليكة: (أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخافوا النفاق على نفسه)، فالحذر من السمعة والرياء في سائر الأعمال، فقد توعد النبي عليه الصلاة والسلام جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أول من تسعر بهم النار ثلاثة في يوم القيامة، وذكر عليه الصلاة والسلام (ورجل تعلم العلم وقرأ القرآن فأتيَ به فعُرف على نعم الله عز وجل فعرفها، فقيل له: فما عملت فيها، قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، فيقال له: كذبت وإنما تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل، ثم يؤمر به فيُسحب على وجهه حتى يُلقى في النار)، فالحذر وجاء عند ابن ماجة من حديث أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال: (من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء أو يصرف وجوه الناس إليه أدخله الله النار)، فلابد من الإخلاص علامة واضحة على من اتصف بها أنه من العلماء الربانيين الراسخين، والعالم لا يكون عالماً إلا بعلم عنده علم يعمل بعلم يُفتي بعلم يتكلم بعلم، وهكذا هذا هو العالم الراسخ الذي يدعوا الناس إلى توحيد الله إلى لا إله إلا الله إلى هذه الكلمة، ويحذر الناس من الشرك يدعوهم، أيضاً إلى السنة والتمسك بها، ويحذر الناس من الشرك والمحدثات، العالم يبيِّن للناس حق الصحابة وفضل الصحابة والتمسك بهدي الصحابة وأيضاً يدل الناس على العلماء، وهكذا بخلاف الجاهل والمتعالم فإنه لا يدعوا إلى التوحيد، ولا يحذر الناس من الشرك، ولا يدعوا الناس إلى السنة، ما يقول قال الله وقال الرسول وقال الصحابة، وإنما هو كلام.

فلابد أن نعرف العالم من غيره، فنتمسك بغرز العلماء، فالعالم تتمسك به ترجع إليه النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البركة مع أكابركم)، وقال بن مسعود: (لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وأمنائهم وعلمائهم، فإذا أخذوا من صغارهم وشرارهم هلكوا)، قال سهل بن عبدالله التستري: (لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دينهم ودنياهم، وإن استخفوا بهذين أفسدوا دينهم ودنياهم) تنتظم الأمور بالرجوع إلى أهل العلم، أما الرجوع إلى الجهال وأنصاف المتعلمين وإلى الرويبضة فهذا علامة من علامات الهلاك، فالناس يحتاجون إلى العلم أكثر من حاجتهم الطعام والشراب، في كل لحظة تحتاج إلى العلم في كل قول وفي كل عمل وفي كل قرار، بخلاف الطعام والشراب فإنك تحتاج في اليوم مرة أو مرتين، فلابد أن ترجع إلى العلماء وما ترجع إلى الجهال، فالجهال يفسدون أكثر مما يصلحون قال بن القيم: (فما خراب العالم إلا بالجهل ولا عمارته إلا بالعلم) الذي يفوته العلم يتخبط؛ هذه الفتن وازهاق الأرواح وإسالة الدماء، وهذه الأمور التي نراها اليوم من وراء الجهل والجهال دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فأضلوا وأضلوا)، فالحذر من الجهال عليك بالعلماء الراسخين الربانيين الذين يعلمون الناس صغار العلم قبل كباره، فالعالم هو الذي يعمل بعلمه، بخلاف الجاهل والمتعالم لا يعمل بعلمه، وقد حذر النبي عليه الصلاة والسلام أن لا يعمل العالم بعلمه فهذا علم وبال وحجة عليه يوم القيامة جاء في صحيح مسلم من حديث أسامة أنه عليه الصلاة والسلام قال: (يجاء بالرجل فيُلقى في النار يوم القيامة، فتندلق أقتابه يعني أمعائه فيدور بها كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع عليه أهل النار يقول يا فلان ما شأنك أليس كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فيقول بلى كنت أمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه)، وبَيَّنَ عليه الصلاة والسلام في ذلك المثل كما جاء عند الطبراني من حديث جندب بن عبدالله الأزدي قال عليه الصلاة والسلام (مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه، كالسراج يضيء للناس ويحرق نفسه)، وقد قال الشاعر وعالم بعلمه لم يعملن مُعذب من قبل عباد الوثن، فالحذر قال الفضيل: (لا يزال العالم جاهلاً حتى يعمل بعلمه وإذا عمل بعلمه صار عالماً)، وقال أيضاً سفيان بن عيينة رحمه الله: (ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر، وإنما الذي إذا رأى الخير اتبعه وإذا رأى الشر اجتنبه)، فلابد من العمل بالعلم كما قال الشعبي: (كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به)، هكذا هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل.

فينبغي أن نعرف العلماء فنلزم غرس العلماء ونرجع إليهم حتى ما نتخبط في أمور ديننا ودنيانا، فبالرجوع إلى أهل العلم تنتظم الأمور الدنيوية والأخروية، والعلماء هم الصحابة رضي الله عنهم، فمن علماء الصحابة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وبقية العشرة، وأيضاً أهل بدر كما قال سعيد بن جبير: (ما لم يعرفه البدريون فليس من الدين)، وكذلك ابن عباس وعائشة وأنس وبقية الصحابة رضي الله عنهم، وأيضاً من التابعين سعيد بن مسيب وسعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة، وأيضاً من بعدهم كالأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والأوزاعي والليث وسفيانين سفيان بن عيينة وسفيان الثوري والحمادين حماد بن سلمة وحماد بن زيد وهكذا إلى يومنا هذا الأئمة الأعلام، وفي هذا الزمان من العلماء كالشيخ بن باز رحمه الله والشيخ بن عثيمين والشيخ الألباني والشيخ أحمد النجمي والشيخ مقبل الوادعي والشيخ زيد المدخلي علماء أجلاء رحمهم الله رحمةً واسعة، وأيضاً من الأحياء منهم في هذا الزمان الشيخ الفوزان والشيخ العباد والشيخ اللحيدان والشيخ عبد العزيز آل الشيخ والشيخ ربيع والشيخ عبيد وعلماء كثر في هذا الزمان نرجع إلى أهل العلم حتى ما نتخبط في ديننا نسأل الله عز وجل أن يوفقنا بأداء الحقوق، فمن حق العلماء علينا أن ندعوا لهم وأن نرجع إليهم وأن نربط الناس بأهل العلم، وأيضاً أن نوقر وأن نحترم أهل العلم وأن لا نقع فيهم بسوء، أما أهل البدع فلا بأس من الرد عليهم وبيان حالهم، وهذا ليس من الغيبة، فلا يجوز التكلم في أهل العلم، أما في أهل البدع فنعم ولا يعد هذا من الغيبة، أما في العلماء فلا يجوز الكلام فيهم أو أن نتنقص أهل العلم فهذا لا يجوز بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.