الإعلانات

التواصل الاجتماعي

حق الوطن

  • April 8, 2020

 

الحمد الله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فنحن نعيش على أرض هذا الوطن الغالي، وهذا الوطن له حق علينا فلابد أن نؤدي الحق الذي علينا تجاه هذا الوطن، فربنا جل وعلا أنعم علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى كما قال جل وعلا: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، وقال جل وعلا: (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة)، فهذه النعم التي نحن فيها من الله وحده دون سواه فنحن نتقلل في نعم الله عز وجل على أرض هذا الوطن ليل نهار صباح مساء، فينبغي علينا أن نحافظ على هذه النعم حتى تدوم ولا تزول، وأيضاً أن نؤدي الحقوق وحق هذا الوطن حتى نكون من الشاكرين، فالأعداء يتربصون بنا وبوطننا وأمننا غاظهم الأمن والاستقرار ورغد العيش والرخاء فهم يعيشون في حسد ويعملون ليل نهار وصباح مساء على سلب هذه النعم من هذا الوطن، فلابد أن نؤدي الحقوق وأن نكون من الشاكرين لا من الجاحدين والناكرين، والشكر يكون بالعمل (اعملوا آل داوود شكراً وقليل من عبادي الشكور).

فمن أعظم أسباب المحافظة على وطننا وعلى أمن وطننا وعلى المحافظة على هذه النعم التي نعيش على أرض هذا الوطن في الحقيقة تحقيق التوحيد ونبذ الشرك؛ هذا من أعظم أسباب الأمن في الأوطان والأبدان، فربنا جل وعلا يقول: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)، وربنا جل وعلا يقول: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئا)، وأيضاً قال ربنا جل وعلا: (وضرب الله مثلا قريةً آمنةً مطمئنة يأتيها رزقها من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون)، فالتوحيد سبب عظيم من أسباب الاستقرار والطمأنينة والأمن والأمان والرخاء ورغد العيش بتحقيق التوحيد ونبذ الشرك.

والأمر الثاني أيضاً من أسباب المحافظة على وطننا وأمننا التمسك بالسنة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، والحذر من البدع والمضلات والمحدثات، فإن سائر الفرق إلا أهل السنة والجماعة فسائر الفرق تجتمع على السيف تجتمع على الخروج على هذه الأمة، لماذا؟! لأنهم فقدوا العلم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، قال الإمام مالك: (إن أقواماً ابتغوا العبادة وأضاعوا العلم فخرجوا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأسيافهم، ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن ذلك)، فمثلاً الخوارج أخذوا بظواهر نصوص القرآن، أخذوا بعض النصوص وتركوا نصوصاً كثيرة، تركوا السنة وأخذوا بظواهر نصوص القرآن فضلوا ضلالاً بعيداً.

إذاً من أسباب المحافظة على وطننا وأمننا التمسك بالسنة، والحذر من البدع والمحدثات والمضلات، وأيضاً من أسباب المحافظة على وطننا وأمننا ورغد عيشنا وهذا الرخاء والنعم الذي نحن فيه تحقيق التقوى والبعد واجتناب المعاصي والذنوب قال جل وعلا: (وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً) بالذنوب والمعاصي يكون الدمار والهلاك والزوال زوال النعم وزوال الأوطان، كذلك فلابد أن نأخذ على أيدي سفهائنا قال تعالى: (واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واتقوا الله إن الله شديد العقاب)؛ لابد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن نأخذ على يد الظالم، ما نترك النصيحة ننصح لله ولكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ما نكون من الغاشين الذين يسكتون عن بيان الباطل ونسكت عن الحق لا، بل نُبَيِّن الباطل حتى يجتنب هؤلاء الباطل ونأمر بالمعروف ونُبَيِّن الحق وهكذا؛ إذاً من أعظم أسباب المحافظة على الوطن تحقيق التقوى والبعد عن المعاصي والذنوب.

وأيضاً من أعظم أسباب المحافظة على الوطن وعلى أمننا أمن هذا الوطن السمع والطاعة لولاة الأمر هذا من حق الوطن ومن حق ولاة أمرنا أن نسمع لهم ونطيع، فهذا في الحقيقة أمر رباني، وكذلك أمر نبوي فالله عز وجل يقول في كتابه: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، ويقول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعصي الأمير فقد عصاني)، ويقول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث بن عمر: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية) في كل الأحوال تسمع وتطيع إلا أن تؤمر بمعصية، وأيضاً ثبت في الصحيحين من حديث عبادة رضي الله عنه قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر  والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله)، وأيضاً قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث حذيفة رضي الله عنه: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) تكون مع الإمام مع حاكمك مع ولاة الأمر ما تنزع يد الطاعة، فمن نزع يد الطاعة مبايعة هذه الجماعات؛ تبايع ولي أمرك حتى لو قلت أنا ما بايعت وأنا ما باشرت، فقد بايع أهل الحل والعقد لولي الأمر فتلزمك هذه البيعة في عنقك هذه بيعة الاعتقاد بيعة في القلب فتسمع وتطيع لولي أمرك، أما أن تبايع الجماعة الفلانية وفلان وفلان وهذه المنظمات، فهذا من الخروج هذا ما لا يرضاه الله سبحانه وتعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما روى الإمام مسلم من حديث بن عمر: (من خلع يدٍ من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعه مات ميتةً جاهلية)، إذاً الحذر من نزع يد الطاعة قال صلى الله عليه وسلم: (ولا تنزعوا يداً من طاعة) كما عند مسلم من حديث عوف بن مالك، وقال صلى الله عليه وسلم: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات ميتةً جاهلية) كما روى الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

إذاً من الخروج بالكلمة من نزع يد الطاعة بالكلمة ليس بالسيف فقط أيضاً بالكلمة، فدعاة السوء ودعاة الفتنة هؤلاء الذين يحرضون الناس على الخروج ويذكرون المعائب والمساوئ وينقمون على ولاة الأمر كذا وكذا، فهذا في الحقيقة ما أدوا حق وطنهم ضيعوا هذا الحق هؤلاء من الخونة هؤلاء من الخونة خائن لوطنه؛ لأنه يحرض على هذا الوطن ويريد الخراب والدمار لوطنه بالخروج، فمن حث الناس وشجع الناس وحرض الناس وهيج الناس على ولاة الأمر وحثهم على الخروج إلى المظاهرات والمسيرات والاعتصامات ورفع رايات الاحتجاج واللافتات فهذا من الخروج ومن الخيانة، والنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من ذلك.

وأيضاً من خيانة الوطن وعدم أداء حق هذا الوطن الالتحاق بالمنظمات السرية والإرهابية والالتحاق بالجماعات الضالة والمنحرفة، كالقاعدة وجبهة النصرة وداعش وغيرها من هذه الجماعات الضالة، وهذه الفرق الهالكة في الحقيقة فهي فرق خارجية خرجوا على ولاة الأمر يقتلون أهل الإسلام، كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم (يمرقون من الإسلام ويقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان).

وأيضاً من صور عدم أداء حق الوطن وتضييع حق الوطن والخيانة لهذا الوطن هذه العمليات الانتحارية والتفجيرية والتخريبية والتدميرية، فكل من سولت له نفسه بهذه الأمور فهو خارجي فهو خائن لوطنه ما أدى حق وطنه، يعيش على أرض هذا الوطن الغالي ويأكل ويشرب ويتنعم من خيرات هذا الوطن ثم يجحد هذه النعمة بفعل هذه الأفاعيل المنكرة فالحذر فلهذا من حق هذا الوطن في الحقيقة أن من سمع _ على كل واحد منا _ من سمع أو رأى شيئاً مريباً من هذه الأمور فعليه أن يبلغ الجهات الرسمية لاسيما هؤلاء الذين يريدون التخريب والتدمير والتفجير؛ هذه العمليات التي قلناها ولو كان من أقرب قريب لك فأنت تأخذ على يده لو تركته لقتل نفسه وقتل غيره بكذا وكذا وكذا، فأنت تريد له الخير فتبلغ عليه فهذا والله من النصح ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا من التعاون على البر والتقوى، أما إن سكت فأنت متعاون معه أنت من المتعاونين على الإثم والعدوان أنت من الغاشين، فالحذر أنت تسكت عن الباطل وما تُبَيِّن بلغ عليه إن رأيت شيئاً هذا من حق الوطن؛ لأن بهذا الشخص الواحد يفسد البلاد والعباد فالحذر.

إذاً أيها الإخوة من حق وطننا أن ننشر فيه الخير والخير كما ذكرنا يكون بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، ومن أعظم الأوامر التوحيد واجتناب النواهي، ومن أعظم النواهي الشرك بالله عز وجل، وأيضاً بالالتفاف حول ولاة أمورنا أن نسمع ونطيع لهم، ما نسمع لغيرهم نسمع من هنا وهنا وهنا وهنا ونسمع لأعداء أوطاننا فهم يتربصون بنا، وأيضاً نلتف حول أهل العلم نأخذ العلم من العلماء الربانيين، فهكذا أيها الإخوة نحافظ على وطننا وأمننا فالأعداء يتربصون بنا والله ليل نهار يريدون منا أن نكون في فرقة، والنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالجماعة يد الله مع الجماعة قال: (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (الجماعة رحمة والفرقة عذاب)، فلا دين إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمامة ولا إمامة إلا بسمع وطاعة؛ تخيل ما تستطيع أن تأتي إلى هذه الصلوات إلى صلاة الجمعة ما تستطيع أن تشهد الجمعة والجماعات ولا أن تستطيع أن تحضر درساً ولا أن تجلس في المسجد إذا لم يكن هناك أمن وأمان، فلابد أن نحافظ على أمننا حتى نستطيع أن نعبد الله عز وجل؛ الآن أنت تذهب إلى العمل تترك أهلك وأولادك ومالك وتترك باب بيتك مفتوحاً، لماذا تذهب إلى العمل وأنت مطمئن، بل تسافر بالأيام والأسابيع تترك أهلك وأولادك ومالك وبيتك مفتوح ولا تخشى شيئاً، لماذا؟! لوجود الأمن والأمان، فالإنسان ما يسعى في الاخلال بالأمن، وإنما يسعى بالمحافظة على الأمن والأمان، ومن الأعظم كما قلنا أسباب الأمن والأمان التوحيد والتمسك بالسنة والالتفاف حول ولاة أمرنا؛ بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.