الإعلانات

التواصل الاجتماعي

كيفية النجاة من الوباء والفتن

  • July 18, 2020

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: {يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ﱠ} [سورة آل عمران:102]؛ {يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ﱟ} [سورة النساء:1]؛ {يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ﲝ يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيماً ﲭ} [سورة الأحزاب 70-71]؛ أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار؛ أما بعد:

فالنجاة الأعظم إنما هو في الآخرة هذا هو النجاة الأهم والأكبر، لكن على كل حال النجاة في الدارين إنما يكون أولاً: بتحقيق التوحيد فالله عز وجل لم يخلق الخلق إلا لغاية عظيمة ألا وهي عبادته وتوحيده كما قال الله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، أي إلا ليوحدوني ويفردوني بالعبادة، فعليك أيها العبد أن تحققَ هذه غاية العظيمة التي من أجلها خُلقت ولكن لابد أن تعلم أن توحيدَ ينقسم إلى ثلاثة الأقسام توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، ويتم تحقيق توحيد الربوبية بأن يفرد العبد ربه بالخلق والملك والتدبير أي أن تفرده بأفعاله سبحانه وتعالى وتوحيد الربوبية مستلزمٌ لتوحيد الألوهية، وتحقيقُ توحيد الألوهية بأن يفرد العبد ربه بالعبادة فلا يعبد غيره ولا يصرفُ شيئاً من العباداتِ لغير الله عز وجل؛ لأن العبادة حق خالصٌ لله تعالى لا يشاركه فيها أحد، وتحقيق توحيد الأسماء والصفات يكون بإثبات الأسماء والصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه في كتابه وكذلك ما أثبته النبي صلى الله عليه وسلم لربه من أسماء وصفات في سنته فنثبت الأسماء الحسنى وصفات العلى لله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تأويل.

فالتوحيد أيها الإخوة هو أساس دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته بالتوحيد ومات وهو يدعو إلى التوحيد فالتوحيد هو أول الواجبات وهو أول أركان الإسلام فلا يقبل الله عز وجل عملا ًإلا بالتوحيد لا يقبل صلاةً ولا صياماً ولا زكاةً ولا حجاً إلا بالتوحيد لهذا بدأ النبي صلى الله عليه وسلم أركان الإسلام بالتوحيد فقال (بُنيَ الإسلام على خمس) فبدأ بالتوحيد فقال (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) ثم قال (وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان) فالتوحيد قبل الصلاة وقبل الصيام وقبل الزكاة وقبل كل شيء؛ عندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ إلى اليمن قال له (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله) وفي الرواية (وإلى أن يوحدوا الله) ثم قال لهم (فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلواتٍ في اليوم والليلة فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم).

فالتوحيد هو أيضا أول الحقوق ففي كتاب الله آية تسمى عند العلماء بآية حقوق العشرة ذكر الله تعالى في هذه الآية عشرة حقوق وبدأ بحقهِ أولاً قبل سائر الحقوق قال الله تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) ثم قال و(َبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُوراً) أيضا يعنى لو تأملت كتاب الله لوجدت أن أول أمر يأمرك الله في كتابه العزيز يأمرك بالتوحيد الفاتحة ليس فيها أوامر ولا نواهي تأمل سورة البقرة فأول آياتها في ذكر أوصاف المتقين ثم ذكر آيتينِ عن الكفار ثم ذكر آيات كثيرة عن أوصاف المنافقين ثم قال آمراً الناس بالتوحيد (يأيها الناس أعبدوا ربكم) اعبدوا ربكم هذا أول أمر في كتاب الله (اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)، وفي مقابل هذا أيضا أول نهيٍ ينهاك الله تعالى في كتابه ينهاك عن الشرك يعنى ينهاك عن الشيء الذي يضاد التوحيد ويصادمه وهذا تجده في قوله تعالى (فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون) فالشرك أكبر المحرمات كما بين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالها ثلاثاً ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالو بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله) بدأ بهذا الذنب العظيم ثم قال (وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، قالوا فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت)

جاء أيضا في صحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات يعني المهلكات قالوا وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله) بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بذكر هذا الذنب العظيم ثم قال (والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات). وأيضا في الصحيحين أن ابن مسعود رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أيُّ الذنبِ أعظمُ قال : أن تجعلَ للهِ نِدًّا وهو خلقكَ) فالشرك أمرهُ خطير حذرنا الله تعالى من وقوع فيه، وهذا الذنب الوحيد الذي لا يغفره الله عز وجل لمن جاء به يوم القيامة يقول الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ) والشرك أيضا محبط للأعمال كما قال تعالى (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا) وقال أيضا (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ) وقال أيضاً (وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الشرك ‏أيها  الإخوة سبب في دخول العبد النار وحرمانه من الجنة كما قال الله تعالى(إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) جاء في الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود أن النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: (مَن مَاتَ وهْوَ يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّا)رَ  وجاء عند مسلم من حديث جابر رضي الله ان  النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: (من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار) إذاً لابد من تحقيق التوحيد.

والأمر الثاني: بعد تحقيق التوحيد لزوم السنة فالله عز وجل أمرنا في كتابه ان نطيع نبي صلى الله عليه وسلم كما قال (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)

وطاعة نبي صلى الله عليه وسلم من طاعة الله تعالى كما  قال الله تعالى (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (أطَاعَنِي فقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، ومَن عَصَانِي فقَدْ عَصَى اللَّهَ) ولقد قرن الله تعالى طاعة النبي صلى الله عليه وسلم مع طاعته في مواضع كثيرة من كتابه كقوله (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) وأيضا قوله (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فالعبد عليه بطاعة الله ورسوله وأن يتبع السنة ويتحراها في كل صغيرة وكبيرة لا يحيد عنها قدر أنملة يقول الله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) فالله تعالى أكمل هذا الدين بالنبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم بلغ الرسالة وأدَّ الأمانة ونصح الأمة وجاهد فالله حق جهاده حتى أتاه اليقين وتركنا النبي صلى الله عليه وسلم على البيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، يقول الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم بالإسلام دينا) فليس في الدين شيء يقربنا إلى الله تعالى وإلى جنته إلى وقد أمرنا به النبي صلى الله عليه وسلم وحثنا عليه وليس شيء يبعدنا عن ربنا ويقربنا إلى النار إلا وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عنه وحذرنا منه، يقول أبو ذر رضي الله عنه: (تركنا رسول الله صلى عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علماً) وقيل لسلمان رضي الله عنه قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة فقال رضي الله عنه أجل وذكر شيئاً من أداب قضاء الحاجة، فالسبيل إلى الله تعالى وإلى جنته ورضوانه يكون باتباع كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم بفهم سلف هذه الأمة، يقول ابن القيم: “ومن فارق الدليل ضل” فالنبي صلى الله عليه وسلم أيها الإخوة أمرنا بأن نتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده وحذرنا من البدع والمضلات وقد وصف البدع بأنها من شر الأمور وأن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وابن عمر رضي الله عنهما يقول: “كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنه”، يقول ابن ماجشون “سمعت مالكاً يقول من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنه فقد زعم أن محمداً خان الرسالة لأن الله يقول اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم دينا”، يقول ابن مسعود رضي الله عنه “اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق” يعني بالأمر الأول، ويقول ايضاً رضي الله عنه “إنا نتبع ولا نبتدع ونقتدي ولا نبتدي ولن نضل ما تمسكنا بالأثر” الله أكبر، ويقول رضي الله عنه “اقتصادٌ في سنة خيرٌ من اجتهاد في بدعة”.

فعليكم أيها الإخوة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ودوروا معها حيث دارت، كما قال الأوزاعي رحمه الله يقول الزهري رحمه الله: قال “علمائنا الاعتصام بسنة نجاة”، يقول الإمام مالك رحمه الله: “السنة سفينة نوح من أخذ بها نجا ومن خالفها هلك” فالنجاة بالتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم مخالفتها، يقول سفيان الثوري رحمه الله “إن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل” الله أكبر فاحذر يا عبد الله أن ترد سنةً لقول فلان أو فلان إياك إياك، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: “يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبوبكر وعمر” يقول الإمام أحمد رحمه الله: “عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته” يعني عرفوا الحديث الصحيح ثم قال الإمام أحمد: “ثم يذهبون إلى رأي سفيان” يعني إلى رأي سفيان الثوري تعجب الإمام أحمد كيف يتركون الحديث الصحيح ويذهبون إلى رأي سفيان، ويقول الإمام مالك رحمه الله: “ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم”، ويقول أيضاً: “ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر”، ويقول الشافعي رحمه الله: “أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل أن يدعها لقول أحد” إذا تبينت السنة لك فلا يجوز أن تحيد عن السنة ولا أن تخالف السنة لقول أحد، يقول أبو حنيفة النعمان وكذلك صح عن الشافعي: “إذا صح الحديث فهو مذهبي”، ويقول الشافعي أيضاً رحمه الله: “إذا صح الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط” هكذا يقول رحمه الله وأيضاً يقول: “إذا صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذوا به ودعوا قولي”، يقول الإمام أحمد رحمه الله: “لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكاً ولا الشافعي وخذوا من حيث أخذنا”، ويقول أيضاً رحمه الله “من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة”.

أيضاً أيها الإخوة النجاة يكون بلزوم الجماعة كما أمر الله تعالى بقوله: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) فالحذر الحذر من الفرقة والاختلاف والتنازع فهذا سبيل المشركين كما قال الله تعالى: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات)، وأيضاً يقول الله تعالى: (ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعة كل حزب بما لديهم فرحوا)، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالاجتماع ونهانا عن الفرقة كما قال: (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة)، وأيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الجماعة رحمة والفرقة عذاب) ويد الله مع الجماعة كما بين النبي صلى الله عليه وسلم وقال أيضاً: (عليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية)، قال الطحاوي رحمه الله “ونرى الجماعة حقاً وصوابا والفرقة زيغاً وعذابا”، لكن لابد أن نعلم يعني ليس كل اجتماع محمود وليس كل افتراق مذموم الاجتماع المحمود هو الذي يكون على الحق والهدى والخير هذا هو الاجتماع المحمود، أما الاجتماع على الباطل والظلال والشر والفساد فهذا الاجتماع مذموم، والافتراق المذموم يكون بمفارقة الجماعة وبمفارقة أهل السنة والسلفيين يعني يبتعد عنهم يحاربهم هذا الافتراق لاشك أنه مذموم، والافتراق المحمود يكون بمفارقة أهل الكفر والشرك والإلحاد ويكون بمفارقة أهل البدع والأهواء هكذا لا نجالسهم ولا نخالطهم ولا نؤاكلهم ولا نشاربهم وإلا كنا منهم ومعهم؛ لابد أيها الإخوة من التمايز، كيف يكون التمايز؟ يكون بمفارقتهم هكذا ينبغي على السلفي أن يكون.

ومن أعظم صور الاجتماع أن تلزم جماعة المسلمين وإمامهم يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وأيضاً جاء الأمر بالاجتماع على ولاة الأمر وعدم مفارقتهم في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله) ثم قال (ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني) وجاء أيضاً في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على المرء المسلم السمع والطاعة في ما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية)، وأيضاً جاء في الصحيحين عن عبادة رضي الله عنه أنه قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله) وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من مفارقة الجماعة فقال: (ولا تنزعوا يداً من طاعة) وقال أيضا (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة ثم مات مات ميتة جاهلية) وقال أيضاً: (من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعه مات ميتة جاهلية) فإذا أمرنا ولي الأمر  بأمر ما ليس في هذا الأمر  معصية لله عز وجل وجب علينا السمع والطاعة مثلاً إذا قال: لا تخرجوا من بيوتكم من ساعة كذا إلى ساعة كذا أو مثلا حظر التجول نقول: سمعنا وأطعنا وجب علينا السمع والطاعة وكل ذلك لمصلحتنا يعني لكي لا ينتشر هذا الوباء بين أفراد المجتمع، إذا منع ولي الأمر صلاة الجماعة في هذه الظروف وجب السمع والطاعة فنصلي الصلوات الخمس في بيوتنا لا بأس بالرجل أن يصلي بأهل بيته جماعة، أما من أفتى الناس بأن هذا لا يجوز أو لابد من صلاة الجماعة يعني بأن يجتمعوا الناس ويصلوا في بيت فلان وفلان أو يصلوا في مصلى هذا خطأ ولي الأمر أمر بالصلاة في البيوت لأجل التقليل من انتشار هذا الوباء في المجتمع فلهذا نعلم أن الفتوى بإقامة صلاة الجماعة في البيوت يعني باجتماع أهل الحي وولي الأمر منع من ذلك فتوى غير صحيحة ومخالفة لولي الأمر ومخالفة لما عليه كبار العلماء فلابد من الرجوع إلى العلماء لاسيما في النوازل والفتن ف(البركة مع أكابركم) كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، ولابد أن نحذر الرويبضة (الرويبضة الرجل التافه الذي يتكلم في أمر العامة) كما بين البي صلى الله عليه وسلم يقول ابن مسعود رضي الله عنه: “لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وأمنائهم وعلمائهم فإذا أخذوا عن صغارهم وشرارهم هلكوا” فاحذروا أن تأخذوا يعني العلم عن أهل الأهواء والبدع أو ممن حذر منهم العلماء أو عن الجهال والمتعالمين، فإن هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذون دينكم هؤلاء دعاء على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها؛ هؤلاء يفسدون في الأرض أكثر مما يصلحون، فأساس الفتن هو الجهل والأخذ عن هؤلاء، يعني كما قال الإمام مالك رحمه الله: “إن أقوام ابتغوا العباد وأضاعوا العلم فخرجوا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأسيافهم ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن ذلك”، فالناس لاسيما في هذا الزمان بحاجة العلم الصحيح أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب والنفس، فكونوا أيها الإخوة مع العلماء الربانيين الراسخين في العلم لاسيما في زمن الفتن فالنجاة يكون بذلك وأحسن مثال على ذلك في قضية محمد بن هادي فالذي كان مع الشيخ ربيع حفظه الله والشيخ عبيد حفظه الله سلم؛ سلم من هذه الفتنة لم يقع في التناقضات لم يقع في لمز والطعن في العلماء كم سمعنا من يقول: (أن الشيخ ربيع أثروا عليه) أو (جعلوا يتكلم في محمد بن هادى)، أليس هذا من الطعن؟ والله إنه لطعن والله إنه لطعن في الشيخ ولا أقول إنه طعن مبطن، بل هو طعن صريح؛ الشيخ ربيع حفظه الله طالب محمد بن هادي بالأدلة فلم يأت بنصف دليل، فكونوا مع الجماعة وكونوا مع العلماء الكبار لاسيما في الفتن والنوازل.

أيها الأخوة مسألة الوباء السنة بينت كيفية التعامل في هذه الظروف قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها) هذا هو الهدي النبوي في هذه النازلة فدائماً أيها الإخوة كونوا مع الجماعة مع ولاة أمركم ومع العلماء الكبار لاسيما في هذا الزمان في زمن الفتن والنوازل تسلحوا أيها الإخوة بسلاح العلم فهو خير السلاح فهو خير السلاح يتسلح عليه العبد لمواجهة الفتن، فالنجاة أيها الإخوة يكون لتحقيق التوحيد وبلزوم السنة وأن يكون المرء مع الجماعة مع ولاة أمرهم وأن يكون مع أكابر العلماء فنسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائهم الحسنى وصفاته العلى أن يحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يحفظنا من الأوبئة والأمراض يا رب العالمين بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وإله وصحبه أجمعين.