الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فالمسلم إذا رأى اشتداد الريح وكانت الريح قوية ورأى السحب كثيفة فإنه لا يفرح، بل يكون قلقاً روى البخاري ومسلم من حديث عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى غيماً عُرف في وجه، قالت عائشة رضي الله عنها يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيمة فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفتُ في وجهك الكراهية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه العذاب قد عذب قوم بالريح وقد رأى قوم الريح فقالوا هذا عارض ممطرنا كما حصل لقوم عاد أهلكوا بالريح.
فالمسلم إذا رأى ريحاً قوية وشديدة فإنه يسأل الله خيرها ويستعيذ بالله من شرها كما عند مسلم (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به)، واحذر أن تسب الريح فلا يجوز هذا كما أنه لا يجوز سب الدهر، أيضاً لا يجوز سب الريح؛ لأن الريح مأمورة ومدبرة ومسخرة بأمر الله عز وجل، فلهذا ثبت عند أبي داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الريح من روح الله) يعني من الأرواح التي خلقها الله، وأضيفت إلى الله من باب إضافة الخلق والإيجاد؛ (الريح روح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها) هذا هو الهدي النبوي تسأل الله خيرها وتستعيذ بالله من شرها.
الريح قوية والسحب كثيفة فالسماء ترعد وهناك برق وصوت، فمن السنة أن تسبح الله تقول: (سبحان الله سبحان الذي يسبح الرعد بحمده وملائكة من خيفته)، وأيضاً ثبت عن ابن عباس إذا سمع الرعد يقول: (سبحان الذي سبحت له)، فالرعد كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ملك من ملائكة الله موكل بالسحاب، أقبل اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الحديث الصحيح فقالوا: يا أبا قاسم الرعد ما هو؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من النار يسوق السحاب حيث شاء الله، قالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أُمر، قالوا: صدقت) وأيضاً ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (الرعد ملك ينعق بالغيث كما ينعق الراعي بغنمه)، هكذا الرعد معه مخاريق من النار يزجر السحاب يسوق السحاب حيث شاء الله.
وإذا نزل المطر تقول: (اللهم صيبنا نافعاً)، يعني اجعل هذا المطر النازل من السماء نافعاً لا ضاراً، وأيضاً إذا مطرنا نقول: (مطرنا بفضل الله ورحمته) هذه نعمة من الله (وما بكم من نعمة فمن الله)، فمن شكر هذه النعمة أن تنسب النعمة إلى الله، أما أن تنسب النعمة لغير الله فهذا شرك، إما شرك أكبر إما شرك أصغر؛ الشرك الأكبر إذا اعتقدت أن هذا المطر نزل بالكوكب؛ الكوكب والنجم هو الذي نزل المطر أو خلق المطر فهذا شرك أكبر خرج من الملة، أما إذا اعتقدت أن النجمة والكوكب والنوء سبب في نزول المطر إذا طلع أو إذا غاب فهذا شرك أصغر؛ لأنك جعلت هذا النوء سبباً، والله عز وجل ما جعل النوء والنجم والكوكب سبباً لنزول المطر ،فالحذر تنسب النعمة إلى الله تقول: (مطرنا بفضل الله ورحمته)؛ ثبت في الصحيحين من حديث خالد بن زيد الجهني أنه قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت بالليل، يعني على إثر مطر كان بالليل: قال: فلما انصرف أقبل على الناس، يعني انصرف قضى صلاته أقبل على الناس، قال أتدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال ربنا، يعني ربنا قال: (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فهذا مؤمن بي كافر بالكوكب) هذا الذي ينبغي بالمسلم أن يقول: (إذا مطر مطرنا بفضل الله ورحمته) فذلك مؤمن بالله كافر بالكوكب، وأما من قال: (مطرنا بنوم كذا وكذا)، يعني بنجم كذا وكذا أو بكوكب كذا وكذا، يعني بسبب النجم الفلاني إذا طلع أو إذا غاب مثلاً هذا شرك أصغر وكفر دون كفر، فالحذر فأما من قال: (مطرنا بنوء كذا وكذا) فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب، فالحذر من أن تنسب النعمة لغير الله عز وجل هذا كفر بالنعمة إما كفر أكبر إما كفر أصغر، فالحذر أشد الحذر.
وإذا نزل المطر يسن ويستحب أن تكشف شيئاً من جسدك ومن أعضائك حتى يصيبه المطر قال أنس كنا، قال أنس: (أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المطر فحسر رسول صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه المطر فقلنا يا رسول الله لما صنعت هذا قال لأنه حديث عهد بربه) للتو نزل هذا الطر من عند الله وخُلق هذا المطر، فالنبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يصيبه هذا المطر الذي هو حديث عهد بربه.
فإذا زاد المطر وحصل الضرر فيشرع أن تدعوا الله عز وجل (اللهم حوالينا ولا عيبنا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر)، هكذا يُسن، والدعاء عند نزول المطر مستجاب عند النداء وعند التحام الصف وعند نزول المطر الدعاء مستجاب، ولا حرج عند المطر وعند اشتداد الريح والبرد الشديد وطين لا بأس بالجمع بين الصلاتين المؤذن يقول: (صلوا في الرحال)، يقول: (صلوا في بيوتكم) هذا أيضاً لا بأس إذا كان الإنسان ما يستطيع أن يأتي بالمسجد، ويجوز بالجمع عند المطر وعند اشتداد الريح.
بارك الله فيكم وعلى نبينا وعلى صحبه أجمعين.
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ