الإعلانات

التواصل الاجتماعي

هدي النبي ﷺ في العبادة

  • April 8, 2020

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما تعلمون هو أفضل البشر وهو سيد المرسلين وخاتم النبين، والنبي صلى الله عليه وسلم قال عن نفسه كما روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة)، وعند الترمذي (ولا الفخر)، فالنبي صلى الله عليه وسلم أفضل البشر وهو أعبد الناس أعبد البشر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام كما جاء في الصحيحين من حديث أنس: (أما الله أني لأخشاكم لله وأتقاكم له)، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه كما تقول عائشة تقول رضي الله عنها: (لما تصنع هذا يا رسول الله ولقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيقول عليه الصلاة والسلام: أفلا أكون عبداً شكوراً)، وتقول عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين:( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يفطر)، وأيضاً تقول رضي الله عنها كما عند مسلم: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه)، وأيضاً قال بن عباس رضي الله عنه كما في الصحيحين: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة)، وقال أنس ذلك كما في الصحيحين: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس).

فهديه عليه الصلاة والسلام أكمل الهدي وأحسن الهدي، فلا يسع للمسلم إلا أن يتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم أكمل هذا الدين الدين كامل كما قال الله عز وجل: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)، كمل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدين فلا زيادة فيه ولا نقصان، فلا يسع للمسلم إلا أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم حذوة القذة بالقذة تماماً ما يزيد ولا ينقص هكذا، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك من شيء يقربنا إلى الله عز وجل وإلى جنته إلا وأمرنا به وحثنا عليه وأرشدنا إليه، وما ترك من شيء يبعدنا عن ربنا ويقربنا من النار إلا ونهانا عنه إلا وحذرنا منه، ويقول أبو ذر رضي الله عنه: (تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا به علماً)، وقيل لسلمان: قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة، فقال رضي الله عنه: أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة ببول وغائط وألا نستنجي باليمين وألا نستنجي بثلاثة أحجار وألا نستنجي بعظم أو رجيع هكذا ذكر شيئاً من بعض آداب قضاء الحاجة.

فالدين كامل، النبي صلى الله عليه وسلم بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وترك الأمة على البيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وبَيَّنَ عليه الصلاة والسلام بقوله: (ومن يعش منكم فسيرى اختلاف كثيراً) ما هو الحل عند الاختلاف قال عليه الصلاة والسلام: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)، وفي مقابل هذا يعني لما يذكر شيء ينهى عن شيء هكذا، وبضدها تتبين الأشياء، هكذا الأمر بالتوحيد والتحذير من الشرك التمسك بالسنة والحذر من البدع هكذا، قال: (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)، وزاد النساء (وكل ضلالة في النار)، قال عليه الصلاة والسلام: (خير الهدي هدي محمد)، وفي بعض ألفاظ الحديث (وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)، ليس هناك في ديننا بدعة حسنة وبدعة سيئة، قال: (كل بدعة ضلالة كل بدعة)، وقال: (شر الأمور محدثاتها)، فهذه البدع والمحدثات كلها شر، فلهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وقال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهذا رد)، وقال ابن عمر رضي الله عنه: (كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة)، فيكفينا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لا نزيد ولا ننقص، وقال ابن ماجشون: سمعت مالكاً يقول: (ابتدع فالإسلام بدعةً يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة؛ لأن الله عز وجل يقول: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً، ما لم يكن يوم إذاَ ديناً فلا يكون اليوم ديناً، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها)، فالذي يحدث في دين الله ويأتي بعبادات ما أنزل الله بها من سلطان فهو في حقيقة أمره ولسان حاله ولو لم يقل بلسانه ليس بلسان المقال بلسان الحال فهو متهم  للنبي صلى الله عليه وسلم بأحد أمرين:

الأول: الجهل حال المبتدع أنه يصف النبي صلى الله عليه وسلم بالجهل، أنه يعلم والنبي صلى الله عليه وسلم ما يعلم، أين النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه العبادة التي أتيت بها؟! إذاً هو ما يعلم، أنت الذي علمت، طيب يقول النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس، لا النبي صلى الله عليه وسلم يعلم لو قال كفر، لكن لسان الحال، يقول النبي صلى الله عليه وسلم يعلم عن هذه العبادة، طيب ما نقل عنه هذه العبادة إذاً وصفه بالكتمان ومن كتم خان، ولهذا قال الإمام مالك: (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة) هذا هو حال المبتدع والعياذ بالله.

فالمسلم عليه أن يتمسك بالسنة وبهدي الصحابة رضي الله عنهم هذا مهم جداً، ولهذا يقول حذيفة: (كل عبادة لم يتعبدها أصحاب محمداً صلى الله عليه وسلم فلا تعبدها)، ويقول ابن مسعود: (من كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة) قال بعد ذلك: (أولئك أصحاب محمداً صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة وأبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً اختارهم الله لصحبة نبيه ولإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم على آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم فإنهم كانوا على الهدي المستقيم) أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال سعيد بن جبير: (ما لم يعرفه البدريون فليس من الدين)، الله عز وجل أثنى على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا تأخذ الكتاب والسنة بفهم سلفنا الصالح بفهم الصحابة ومن بعدهم من التابعين وأتباع التابعين، قال ابن القيم: (العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أول العرفان)، الله عز وجل أثنى على الصحابة ثناءً عظيماً (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار)، ثم قال: (والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)، وقال تعالى: (ومن  يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين)، يعني غير سبيل الصحابة (نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً)، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (أن اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة والنصارى افترقت على اثتني وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هم يا رسول الله قال: هي الجماعة)، وفي بعض الأحاديث (ما أنا عليه اليوم وأصحابي) إذاً نتبع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الكل يدعي أنه يتبع القرآن والسنة الكتاب والسنة، لكن ليس بفهم السلف بفهم الصحابة، هذا مهم جداً في غاية الأهمية، فالإنسان عليه أن يتبع ويتمسك بالسنة يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة)، ويقول رضي الله عنه: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق) بالأمر الأول، وقال رضي الله عنه: (أنا نتبع ولا نبتدع ونقتدي ولا نبتدئ ولن نضل إن تمسكنا بالأثر) هكذا المسلم يتمسك بالآثار، يقول الزهري: (كان علمائنا يقولون الاعتصام بالسنة نجاة، ويقول الإمام مالك: (السنة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها غرق)، هكذا من ركب يعني من تمسك بالسنة نجا ومن لم يتسمك يعني ما ركب السفينة غرق وهلك.

فعلينا بأن نتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه في العبادة، يقول الأوزاعي رحمه الله: (اصبر نفسك على السنة)، يعني كيف نتبع هدي الصحابة، (اصبر نفسك على السنة وقل بما قالوا وقف حيث وقف القوم وكف عما كفوا عنه)، ولا تزد ولا تنقص (قف حيث وقفوا القوم وقل بما قالوا واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك كما وسعهم)، وأيضاً قال الاوزاعي رحمه الله: (عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس)، الناس يرفضونك إن تمسكت بالأثر وبالسنة (وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول) فلان يتكلم لبق عنده فصاحة وبيان عنده يعني كلام مزوق بهرجة في الكلام لا تغتر، العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة، لا تغتر بكثرة الكلام والرواية، لابد أن يكون العلم على كتابة الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وآثار السلف، لا تغتر بكلام الرجال لا تقدم العقل ولا كلام الرجال على كتابة الله وسنة النبي صلى الله عليه وفهم السلف الصالح، كل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف، ويقول الأوزاعي: (تدور مع السنة حيث دارت)، وأيضاً كما قيل: (إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، إذا ورد الأثر بطل النظر) هكذا ما تقدم آراء الرجال على النصوص القرآنية والنبوية انتبه، ولهذا قال عمر: (إياكم وآراء الرجال فإنهم أعداء السنة أعيتهم الأحاديث)، يعني أتعبتهم الأحاديث (أعيتهم الاحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا)  فالحذر من أتباع هؤلاء.

هذا عليه الأئمة الأربعة، الإمام أبو حنيفة والشافعي يقولان: (إذا صح الحديث فهو مذهبي)، الإمام مالك يقول: (كل يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم، إلا صاحب هذا القبر)، والإمام الشافعي يقول: (أجمع المسلمون على أن من استبان  له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد)، أي كائناً من كان، والإمام أحمد يقول: (عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته ويذهبون إلى رأي سفيان)، كما قال ابن عباس: (يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون قال أبو بكر وعمر)، فما يقدم قول أحد على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية كائناً من كان، ما تقدم العقل ما تقدم آراء الرجال على كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

إذاً هدي النبي صلى الله عليه وسلم أيها الإخوة في العبادة لابد أن نلحظ في أي عبادة من العبادات أمرين:

الأمر الأول: الإخلاص فإذا خللت في الإخلاص وقعت في السمعة والرياء، تأتي بالعبادة تريد وجه الله ما تريد جزاءً ولا شكوراً ولا مدحاً ولا ثناءً ولا مالاً ولا أجراً ولا أن يقال فلان ولا أن يشار إليك بالبنان، وإنما تريد وجه الله رضا الله ثواب الله هكذا.

والأمر الثاني: أن تلحظ مسألة الاتباع تأتي بالعبادة بالإخلاص وعلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى ما تقع في البدع والمحدثات (إنما الاعمال بالنيات) هذا الإخلاص، (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) هذا هو الإتباع ما تحدث في دين الله.

وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في العبادة من غير غلو ولا تنطع ولا تشدد، وإنما وسط ولا تساهل ما تفرط في الواجبات وما تقع في المحرمات، وإنما وسط تأتي بالعبادة بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، حذرنا من التنطع (هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون)، قال: (إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)، لا تشدد وإنما عليك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

وتعلمون قصة الثلاثة الذين جاءوا إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فسألوا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلم أخبروا تقالوها، فقال: أحدهم أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أما أنا فأصوم ولا أفطر، فقال الآخر: أصلي ولا أرقد، وقال: الآخر أعتزل النساء ولا أتزوج، فسمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أما أنا فأصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)، هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم توسط.

وهديه عليه الصلاة والسلام في شعبان الصيام، هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان الصيام اما أن تأتي ببدع ومحدثات فلا، الصيام كان أحب الصوم إليه في شعبان ما استكمل النبي صلى الله عليه وسلم شهراً قط إلا شعبان، وما رأيت تقول عائشة أكثر صياماً في شهراً من شعبان كان يصومه إلا قليلاً، بل كان يصومه كله، يعني كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الصيام في شعبان.

أما بالنسبة لليلة النصف من شعبان ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم عبادة معينة لا صيام ولا قيام، أقول لا صيام ولا قيام ما تحدث في دين الله ولا قراءة القرآن، وإنما تكثر الصيام من أول شعبان إلى آخر شعبان لا حرج، إن كنت تصوم من كل شهر فلا بأس، أما أن تخصص شعبان فتصوم ثم تقول لا أنا أريد أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، نقول قد أتيت بأمر في هذا الشهر ما جئت به في الشهور السابقة فالحذر.

فالأحاديث الواردة في فضل ليلة النصف كلها ضعيفة، بل منها موضوعة، إلا أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل ليلة النصف أن الله عز وجل يغفر لجميع الخلق هذا ثبت عند الطبراني وعند البيهقي في شعب الإيمان ثبت (يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن)، وأيضاً في الحديث الآخر (فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم) إذاً هذه المغفرة ما علقت بعبادة معينة ولا بصيام ولا بقيام ولا في سورة يس ولا بدعاء مخصص ولا بصلاة ألفية من ألف ركعة ولا كذا وكذا ما ورد ولا بإطعام طعام ولا بتوزيع حلوى ولا باتخاذ هذه الليلة موسماً ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بتاتاً هذه الأمور، خير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم، المغفرة علقت على ماذا؟! إلا لمشرك ومشاحن يعني تحقيق التوحيد إلا لمشرك ما تقع في الشرك تحقيق التوحيد وتحقيق الإخوة الإيمانية يعني تؤدي حق الله وتؤدي حقوق الناس، تصلح ما بينك وربك وتصلح ما بينك وبين الناس (إلا لمشرك أو مشاحن)، (يغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم)، أما أن تخصص ليلة النصف من شعبان بعبادة معينة فما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم ونكتفي بهذا وبارك الله فيكم وصلى الله عليه نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.