الإعلانات

التواصل الاجتماعي

هدي النبي ﷺ في المجلس

  • April 8, 2020

 

فمن الآداب العظيمة الاستئذان ثلاثاً من آداب المجلس الاستئذان ثلاثاً والسلام إذا دخلت المجلس وإذا خرجت تسلم فليست الأولى بأحق من الثانية من الأخرى؛ البعض يعني يستبدل بالأدنى من الذي هو خير، يعني البعض إذا دخل مجلساً فإنه يقول مرحباً أهلاً وسهلاً ولا يسلم وهذا خطأ، بل تسلم تقول: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) هكذا، وأيضا إذا خرجت تقول: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، البعض يقول مع السلامة أو في أمان الله لا، وإنما تأتي بما ورد (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) إذا دخلت المجلس وأيضا إذا خرجت هكذا.

وإذا دخلت تجلس يعني حيث ينتهي بك المجلس كما جاء في حديث جابر بن سمرة (كنا إذا أتينا النبي صلى الله عليه وسلم يجلس أحدنا حيث ينتهي) يعني ينتهي به المجلس، وكان النبي صلى الله وسلم إذا انتهى إلى قوم يجلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك، ولا تفرق بين اثنين في المجلس إلا بإذنهما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما، وما تقيم أحد من مجلسه لتجلس مكانه لا، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك (لا يقيمن أحدكم رجلاً من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن توسعوا وتفسحوا يفسح الله لكم) كما قال الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم)، وإذا يعني خرج الرجل إلى حاجة من مجلسه وعاد إلى المجلس فهو أحق يعني بمكانه وبمجلسه الذي جلس في أول مرة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به) ما تجلس مكان هذا الرجل الذي خرج لحاجة وتجلس مكانه فهو أحق بمجلسه ولو قام من مجلسه ذلك لأنه سيعود.

وهكذا أيها الإخوة تتأدب بآداب المجالس آداب عظيمة ما ينبغي للمسلم أن يجلس جلسة ما تناسب مثلاً جلسة تنكشف من هذه الجلسة عورته أو جلسة فيها سوء أدب مع الآخرين يمد رجليه في وجوه الآخرين ما ينبغي للمسلم أن يصنع هكذا، إنما يجلس جلسة يعني تناسب القوم، وما يستلقي أو يضع أحدى رجليه على الأخرى نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك كما في صحيح مسلم (ولا يضع أحدكم أحدى رجليه على الأخرى)، يعني إذا استلقى هكذا يعني هناك بعض الأمور ينبغي أن يتحلى بها المسلم ما يجلس مثلاً بين الظل والشمس، أيضاً ما يجلس هذه الجلسة التي بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم أنها جلسة المغضوب عليهم يضع يده اليسرى خلف ظهره ويتكأ على يده اليسرى هكذا، يعني يضع راحة يده على الأرض من خلف ظهره يتكئ على يده اليسرى؛ الشريد بن سويد يقول: مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا جالس قد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري هكذا، يعني يقول: اتكأت على إلية يدي فنهاه النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تقعد قعدة المغضوب عليهم).

فينبغي أن تتحلى أيها المسلم بهذه الآداب العظيمة، يعني ما تتناجى مع زميلك وفي المجلس ثلاثة أنت وفلان وفلان، فتتناجى مع فلان ويبقى الثالث، يعني ما يدري ماذا تقول لصاحبك؛ لهذا جاء النهي أن يتناجى اثنان دون الثالث إذا كنتم ثلاثة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن يحزنه) يعني هذا مما يحزن فلان ما تُسر الكلام مع زميلك والثالث ما يدري ماذا تقول ما ينبغي، قد يأتيه الشيطان فيلقي في قلبه أنك تتآمر أنت وهذا عليه أو تتكلم عليه وهكذا، أيضاً يدخل في هذا الحكم من يتكلم مع زميلك ولو بصوت مرتفع يسمع، لكن ما يفهم اللغة يدخل هذا أيضاً في التناجي، التناجي هو يعني الإسرار في الكلام تُسر الكلام مع زميلك دون الثالث، لكن إذا كان هناك عدد لا بأس أن تُسر مع من بجانبك، لكن إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث، أيضاً تتكلم ولو بصوت مرتفع ما تتناجى وإنما تتكلم بصوت مرتفع لكن بلغة ما يفهم الثالث واضح هكذا هدي النبي عليه الصلاة والسلام.

أيها الإخوة لابد من احترام الكبير في المجالس (ليس منا من لم يعرف حق كبيرنا)، والشفقة على الصغير والرأفة والرحمة الصغير (ليس منا من لم يرحم صغيرنا)، وأيضاً لابد أن نعمر مجالسنا يعني بذكر الله عز وجل، من أفضل المجالس مجالس الذكر القائمة على طاعة الله وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم.

أيها الإخوة يعني بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم (لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده)، ما جلس قوم يعني مجلساً يذكرون الله فيه ناداهم مناد من السماء قوموا مغفوراً لكم الله أكبر، أما إذا ما ذكرت الله، وكان هذا المجلس على كذا وكذا ما صليت على النبي صلى الله عليه وسلم هذا المجلس يكون حسرة وندامة يوم القيامة، تتندم كيف ضيعت هذه الأوقات في هذه المجالس، قال عليه الصلاة والسلام: (ما جلس قوم مجلساً لا يذكرون الله فيه ولم يصلوا على نبيهم – الله أكبر – إلا كان عليهم ترة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم) الحذر، (ما يقوم قوم من مجلس لم يذكروا الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار)، يعني هذا مجلس نتن فيه ريحة خبيثة ونتنة كمن يقوم عن مثل جيفة حمار؛ لأن هذا المجلس ما كان فيه من ذكر الله جل وعلا،  كيف بهذه المجالس التي يعني كثر فيه اللغط والكذب والغيبة والنميمة والقيل والقال؛ الإنسان مأمور أن يحفظ لسانه إلا في الخير قال عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)، ما تتكلم بالكذب وتنقل كل ما تسمع لا، لابد أن تتثبت من الكلام (كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما يسمع)، تحذر من هذا المسلك الخطير تكذب على الناس أو الغيبة أن تتكلم في فلان وفي فلان من ورائه كأنك تأكل لحم أخيك المسلم (ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه)، لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج رأى أقواماً لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم صدورهم، قلت: من هؤلاء يا جبريل، قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم، فالحذر ما تغتاب تتكلم في فلان، إذا أردت أن تتكلم في فلان وفلان تتكلم فيهم بالخير واضح بالخير، أما أن تغتاب فاحذر هذه الكلمات التي تخرج من فيك مسجلة إما لك وإما عليك (وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون)، (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)، وعائشة رضي الله عنها قالت عند النبي صلى الله عليه وسلم: (حسبك من صفية كذا وكذا)، يعني أنها قصيرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته) الله أكبر لعل الإنسان يتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالاً تكون من سخط الله فيهوي بهذه الكلمة في نار جهنم، يحذر الإنسان من أن يتكلم في سخط الله.

وأيضا ما يمشي بالناس بالنميمة فاكهة المجالس الغيبة والنميمة يلقى هؤلاء بوجه ويأتي بمجلس آخر بوجه آخر من شر الناس صاحب الوجهين صاحب اللسانين يأتي هؤلاء بلسان وهؤلاء بلسان، والجزاء من جنس العمل فالله عز وجل يجعل له لسانين من نار يوم القيامة، ينم ويفرق بين الأحبة يقول: (فلان قال فيك كذا وكذا، ويأتي إلى هذا يقول: (فلان قال فيك كذا وكذا)، يعني من أفسد الأشياء أن تفسد بين اثنين فساد ذات البين الحالقة ما تحلق الشعر وإنما تحلق الدين، بل من أجل الأعمال إصلاح ذات البين، وليس أن تفرق ذات البين إصلاح ذات البين من أجل الأعمال (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين)، فكيف أنت تفرق بين فلان وفلان بين الأخ وأخيه تفرق بين الأحبة بنقل الكلام، مرة عليه الصلاة والسلام على قبرين، فقال: (أنهما يعذبان وما يعذبان إلا في كبير)، ثم بين أن أحدهما كان يمشي بالنميمة يمشي بين الناس بالنميمة ينقل الكلام ويضرب بهذا بهذا وهذا بهذا (لا يدخل الجنة نمام) قال عليه الصلاة والسلام، فتحذر من القيل والقال في المجالس ومن الكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً، وأيضاً تبتعد عن الغيبة والنميمة.

أيها الإخوة تبحث عن المجالس الطيبة عن يعني الرفقاء الطيبين عن الخير لا رفقاء السوء احذر جلساء السوء وأهل الشر (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)، (لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي) الصاحب ساحب والمجالسة تولد المجانسة، وكما قيل قديمًا قل لمن تصاحب أخبرك من أنت، لا تسأل عن المرء واسأل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي أيها الأخوة، فإذا تحذر (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، ما تصاحب إلا المؤمن التقي ما تجلس مع الأشرار وأهل السوء تتعلم وتأخذ منهم شيئا فشيئا، لا تجلس مع أهل المعاصي لا تجلس مع أهل البدع هكذا تحذر من هؤلاء، وإذا رأيت في مجلس منكر إما أن تنكر عليهم وتأمر وتنهى عن المنكر وإلا لا تجالسهم أخرج أخرج من هذا المكان الذي فيه المنكر، وإلا كنت معهم وإلا  كنت من المشاركين (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)، وليس معنى ذلك فبقلبه وذلك أضعف الإيمان أنك تشارك وتجالسهم وتواكلهم، هذا راضي بالمنكر.

أيها الإخوة إذا لابد أن نسير كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم في مجالسنا نجلس مع أهل الخير نستفيد منهم أو نفيد من هو يعني دوننا نعلمهم ونستفيد من أهل الخير والفضل وأهل العلم هكذا ينبغي أن نتأدب بهذه الآداب العظيمة؛ بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.