الإعلانات

التواصل الاجتماعي

هدي النبي ﷺ في بيعه وشرائه

  • April 8, 2020

 

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في بيعه وشرائه

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد عمل قبل البعثة بالرعي برعي الأغنام، وأيضاً قد تاجر بمال خديجة رضي الله عنها، فعُرف عنه عليه الصلاة والسلام بالصادق الأمين؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان صادقاً أميناً في بيعه وشرائه.

وهكذا المسلم ينبغي أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في عقيدته وعبادته وأخلاقه وسلوكه ومعاملته حتى في المعاملة في البيع والشراء، والله عز وجل حث العباد على العمل والكسب وأن يسعوا في ابتغاء الرزق، قال الله عز وجل: (وجعلنا لكم فيها معايش) يعني في الأرض، وأيضاً قال تعالى: (وجعلنا النهار معاشا)، وقال تعال: (وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله)، والآيات في ذلك كثيرة.

فأحل الله عز وجل البيع والشراء وهذه المعاملات التجارية؛ الأصل في المعاملات في البيع والشراء الحل والإباحة، (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه)، وأيضاً قال الله: (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيبا)، ثم قال: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)؛ إذاً الكسب الحرام من خطوات الشيطان فقد أباح الله عز وجل البيع والشراء إلا أنه حرم بعض البيوع وبعض المعاملات.

فينبغي أن يتجنب العبد هذه المعاملات ولا يدخل في هذه الطرق الملتوية، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (يا أيها الناس اتقوا الله) عليك أن تتقي الله في بيعك وشرائك وفي معاملتك، (يا أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب) هكذا من يتق الله يفتح الله له ما أقول باباً، بل أبواباً من الرزق إذا اتقى الله في بيعه وشراءه، (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) عليك أن تتقي الله؛ أن تسلك الطرق المشروعة في كسب الحلال؛ تتوكل على الله؛ تسعى في الأرض؛ تأخذ بالأسباب؛ تسعى في الأرض وتتوكل على الله وتفوض أمرك إلى الله، والله عز وجل يرزقك، (ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا)، قال عليه الصلاة والسلام: (يا أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها)، فأنت ستأخذ رزقك كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم (حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ) سيأتيك رزقك لا تستعجل، لكن عليك أن تأخذ رزقك بالحلال أن تسلك السبل المشروعة في الكسب الطيب، وأن تبتعد عن الكسب الخبيث؛ لأن الله عز وجل كتب رزقك وأنت في بطن أمك أرسل إليك ملكاً وأمره بكتب أربع كلمات، ومن هذه الكلمات أن يكتب رزقك، والإنسان لابد أن يأخذ رزقه كاملاً ما ينقص من رزقك درهم واحد، لكن خذ بالحلال كما بيَّن عليه الصلاة والسلام (وإن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله)، هكذا الرزق يأتيك؛ الرزق يطلبه كما يطلبك أجلك.

فالإنسان عليه أن يجمل في الطلب، هذا قال عليه الصلاة والسلام: (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب فخذوا ما حل ودعوا ما حرم) اترك المعاملات المحرمة والكسب الخبيث والمال الحرام؛ لأن الوعيد شديد قال عليه الصلاة والسلام: (كل جسد نبت عن سحت فالنار أولى به، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت.)، وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد سيسأل عن ماله كيف اكتسبه، (لا تزول قدم عبد حتى يسأل عن أربع)، وذكر وعليه الصلاة والسلام (عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه)، فعلى الإنسان أن يسلك السبل المشروعة في كسب الرزق.

والفقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام بنصف يوم، فالإنسان عليه أن يتقي الله عز وجل؛ ربنا عز وجل يبارك في المال الحلال والكسب الطيب، ويمحق البركة من الكسب الخبيث والمال الحرام، بل تجد أثر المال الحرام في دنياك قبل أخراك، إذا رفعت يديك ما يقبل الله عز وجل دعائك لماذا؟ لأن الكسب خبيث، ذكر عليه الصلاة والسلام كما جاء عند مسلم من حديث أبي هريرة الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب، انظر إلى هذه الأسباب أسباب إجابة الدعاء، (يطيل السفر) المسافر دعاؤه مستجاب، بل هذا يطيل السفر، (وأشعث وأغبر)، (ويمد يديه إلى السماء)، وأيضاً (يقول يا رب يا رب)، لكن هناك مانع عظيم (ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له)، كيف يستجاب له وهو يأكل السحت والحرام ما يستجاب له.

فإذاً لا بد أن ننتبه، بل المال الحرام ما يكون ضرره فقط على الفرد، بل على المجتمع أيضاً إذا كان الناس يتعاملون بالكسب الخبيث، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث (ولم يمنعوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين) يعني بالقحط والجدب والشدة المؤنة.

فالإنسان عليه أن يتقي الله عز وجل في كسبه تنظر إلى المعاملة إذا خالطها الكذب فاعلم أن في المعاملة أمر محرم؛ احذر الكذب في أي معاملة من هذه المعاملات من بيع وشراء وإجارة وكذا وكذا، يقول عليه الصلاة والسلام: (يا معشر التجار إياكم والكذب)، بل قال عليه الصلاة والسلام في حديث ابن مسعود: (وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)، فلاسيما البائع والمشتري لا يكذب في تعامله، قال عليه الصلاة والسلام: (البيعان بالخيار ما لم يفترقا فإن صدقا وبين بورك لهما في بيعهما، وإن كذب وكتم محقت بركة بيعهما) كما جاء في الصحيحين من حديث حكيم ابن حزام رضي الله عنه، وأيضاً جاء في صحيح مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولديهم عذاب أليم) فأبو ذر قال رضي الله عنه فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار وهو يقول عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة) هذه هي العقوبة الأولى، (ولا ينظر إليهم) هذه العقوبة الثانية، (ولا يزكيهم) هذه الثالثة، (ولهم عذاب أليم) هذه العقوبة الرابعة، قال أبو ذر رضي الله عنه فقلت خابوا وخسروا من هم يا رسول الله، وذكر عليه الصلاة والسلام (المنفق سلعته بالحلف الكاذب) يحلف على يمين وهو فيها فاجر كاذب ليقتطع مال امرئ مسلم.

فالحذر من الكذب ولاسيما من صور الكذب الغش؛ الغش فيه كذب، وما يخفى عليكم أنواع وصور الغش التجاري جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على صبرة طعام، يعني على كوم من طعام فأدخل عليه الصلاة والسلام يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب طعام، قال: يا رسول الله أصابته السماء، قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس، لماذا تخفي العيب، قال: من غشنا فليس منا، وقال عليه الصلاة والسلام: (المكر والخديعة في النار)، فالإنسان عليه أن يتحرى.

أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أقوام في آخر الزمان كما في البخاري يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء، يعني من أين أخذ أمن حلال أم من حرام، فالإنسان يتحرى في كسبه عليه بالكسب الطيب ويبتعد عن الكسب الحرام.

وأيضاً انظر إلى أي معاملة من المعاملات إذا دخل فيها الربا فاعلم أن هذه المعاملة محرمة، قال الله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا)، وقال في الآية الأخرى التي بعدها (يمحق لله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم)، فالحذر من الربا، ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة اجتنبوا السبع الموبقات، يعني المهلكات قالوا: يا رسول الله ما هن، ذكر الربا بعد أن ذكر الشرك والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، قال: (أكل الربا)، فأكل الربا من الموبقات، وقال عله الصلاة والسلام عن الربا ولو كان يسيراً ولو دريهمات (درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية)، وقال عليه الصلاة والسلام: (الربا اثنان وسبعون باباً)، وفي رواية (ثلاثة وسبعون باباً أيسرها)، وفي رواية (أدناها مثل أن ينكح الرجل أمه)، يعني أن يأتي الرجل أمه والعياذ بالله.

فالأمر شديد فما يجوز أن يتساهل الإنسان في هذه المعاملة الربوية؛ يسمونها الآن فائدة يسمون هذه المعاملة بغير اسمها حتى تروج، ويظهرونها باسم آخر يحسنون هذه المعاملة.

فالحذر من هذه المعاملات المحرمة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندك، هكذا كل شيء حرم فثمنه حرام، هذه قاعدة في البيوع إذا حرم الشيء ثمنه محرم؛ نهى عن بيع الميتة نهى عن بيع الخمر والخنزير والأصنام.

وهكذا فكل ما أسكر فهو حرام فلا يجوز بيعه، وأيضاً مما يدخل بيع ماذا بيع هذه المخدرات من هذه السموم القاتلة الفتاكة بالأبدان، يعني كالهروين والكوكايين وغيرها من هذه السموم والحشيش.

وأيضاً مما لا يجوز بيعه الدخان والشيشة؛ لأن الله عز وجل قال: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار) هذه الأمور تضر بالأجساد وتضيع الأموال، وأيضاً تضيع الأوقات، كم من شاب يجلس على المقاهي يشرب الدخان والشيشة تضيع قت وقتل للأوقات.

وأيضاً نهى عن بيع الأصنام، وأيضاً مما يدخل بيع الصور صور الطيور والحيوانات وصور الآدميين، وأيضاً بيع هذه المجلات التي فيها الصور الماجنة صور النساء اللاتي يعني أظهرن الزينة، المجلات فيها فتنة، وأيضاً هذه الأفلام إلى آخره الأفلام المحرمة التي فيها العري ما يجوز؛ الشيء المحرم ما يجوز بيعه.

فإذاً علينا أن نتقي الله في بيعنا وشرائنا، والنبي صلى الله عليه وسلم قال كما في البخاري رحم الله عبداً سمحاً إذا باع سمحاً وإذا اشترى سمحاً وإذا اقتضى سمحاً.

فالإنسان عليه أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأن يتأسى به عقيدة وعبادة وأخلاقا وسلوكاً ومعاملةً، أي في بيعه وشرائه.

بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.