الإعلانات

التواصل الاجتماعي

هدي النبي ﷺ في حفظ اللسان

  • April 8, 2020

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فإن الله عز وجل مَنَّ علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصاه؛ من هذه النعم نعمة الجوارح، فهذه الجوارح لابد أن نشكر الله عز وجل عليها، ومن شكر الله عز وجل على نعمة الجوارح أن نجعل وأن نستعمل هذه الجوارح في طاعة الله عز وجل، ومن الجوارح العظيمة في الإنسان اللسان؛ اللسان الذي به يتكلم العبد، فإما أن يقول الخير وإما أن يقول قول سيئاً وقبيحاً، فالعبد محاسب على كل كلمة وقول، فربنا جلا وعلا يقول: (وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون) ملكان على العبد عن اليمين وعن الشمال، فعن اليمين يكتب الحسنات وعن الشمال يكتب السيئات، ويقول الله عز وجل (عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب).

وربنا جلا وعلا أمرنا أن نقول القول الحسن الطيب (وقولوا للناس حسناً)، وقال عليه الصلاة والسلام: (والكملة الطيبة صدقة)، أما الكلام الفاحش والسيء والبذيء والمحرم فهو من الشيطان ربنا جلا وعلا أمرنا بالقول الحسن قال تعالى: (وقل لعبادي يقولوا هي التي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً) هذا من الشيطان ما يقع بين فلان وفلان من سب وشتم ولعن هذا من الشيطان جاء في صحيح مسلم أن عليه الصلاة والسلام قال: (إن الشيطان قد يأس يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم) فأمسك عليك لسانك احفظ هذا اللسان من القول المحرم من كذا وكذا من السب والشتم واللعن جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) فلا ثالث فلا ثالث إما أن تقول خيراً وإما أن تسكت أما الثالث فلا، فاحذر أن تلغ في أعراض الناس جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) هذا هو المسلم الحقيقي هذا المسلم الصادق الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده لا بالقول ولا بالفعل، فلابد من المسلم أن يتكلم بالكلام الحسن الطيب ما يكون فاحش بذيء يتكلم بالكلام السوقي ويسب ويشتم لا؛ لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً كما جاء في الصحيحين، وكان يقول عليه الصلاة والسلام: (إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً)، فهذا من الخلق الحسن أن تدع القول المحرم وأن تتمسك بالقول الطيب والحسن هذا من الخلق الحسن، وقال عليه الصلاة والسلام (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)، وأيضاً جاء في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر).

فالحذر من السب والشتم والوقوع في أعراض الناس احفظ هذا اللسان كلمة واحدة والله تخسر الدنيا والآخرة كلمة واحدة ربنا جلا وعلا قال: (وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم)، وجاء في الصحيحين عند أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال: (وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله قال من سخط الله لا يلقي لها بالاً فيلقي بها في جهنم)، فالحذر كلمة واحدة جاء عند الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت قالت رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: (حسبك من صفية كذا وكذا) أشارت بيدها يعني أنها قصيرة حسبك من صفية كذا وكذا قال عليه الصلاة والسلام: (لقد قلتِ كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته)، فالحذر كلمة واحدة الإنسان يخسر الدنيا والآخرة جاء عند أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: كان رجلان في بني إسرائيل متواخين كان أحدهما يُذنب والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى المذنب على الذنب يراه على الذنب فيقول له أقصر، فوجده يوماً على ذنب فقال له أقصر، قال خلني وربي أبعثت علي رقيباً فقال هذا الذي يعبد الله هذا المجتهد في العبادة فقال: ولله لا يغفر لك أو لا يدخلك الجنة فقُبض أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين فقال للمجتهد أكنت بي عالماً أو ما في يدي قادراً أكنت بي عالماً ألا أغفر لفلان أو ما في يدي قادراً، المغفرة بيد من؟! بيد الله عز وجل، ليس بيد فلان وفلان وفلان، الجنة والنار بيد من؟! بيد الله عز وجل، أما أن تقول والله لا يغفر لفلان أو لا يدخل فلان الجنة، فقال ربنا جلا وعلا للمذنب اذهب فادخل الجنة اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر اذهبوا به إلى النار، وجاء في صحيح مسلم (أن رجلاً قال لفلان: والله لا يغفر الله لك، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتأله علي ألا أغفر لفلان فإني قد غفرت له أحبط عملك) فالحذر من هذه الكلمة الواحدة قد يتهاون بها العبد لا؛ نحذر من هذه الكلمات، فلهذا قال أبي هريرة (والذي نفسي بيده لقد تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته) خسر الدنيا والآخرة من وراء هذه الكلمة.

فالحذر فهذه الجوارح مرتبطة باللسان جاء في الترمذي من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء تكفر اللسان تخضع للسان تقول اتق الله فينا، فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا)، وأيضا جاء عن أنس أنه عليه الصلاة والسلام قال: (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) هكذا جاء في حديث معاذ عند الترمذي أنه رضي الله عنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام أن يخبره عملاً إذا عمله يدخل الجنة ويبتعد عن النار، قال: أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسر الله تعالى عليه، ذكر له أركان الإسلام ودله على أبواب الخير وذكر له رأس الأمر وعموده وذروة سنامه، ثم قال له: ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه، وقال: كف عليك هذا يعني أمسك عليك هذا، قال معاذ: يا رسول الله وإن لمؤاخذون بما نتكلم يا رسول الله، قال معاذ يا رسول الله وإن لمؤاخذون بما نتكلم قال ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم، وفي رواية على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم، يعني من جراء اللسان ومن وراء اللسان، قال (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة) حفظ اللسان وحفظ الفرج.

دخل عمر رضي الله عنه يوما على أبي بكر وهو يجبد لسانه، فقال: مه غفر الله لك ما تصنع يا خليفة رسول الله، قال: إن هذا أوردني شر الموارد، قال ابن بريدة: (رأيت ابن عباس رضي الله عنه آخذا بلسانه، وهو يقول: قل خيراً تغنم أو اسكت عن سوء تسلم وإلا فاعلم أنك ستندم) قال محمد بن واسع لمالك بن دينار: (يا أبا يحيى حفظ اللسان أشد على الناس من حفظ الدينار والدرهم) أمر شديد، ولهذا عليه الصلاة والسلام قال: (طوبى لمن ملك لسانه)، قال: (من صمت نجا)، وسأل عقبة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن النجاة، ما النجاة؟ قال: أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وأبكي على خطيئتك)، فالعبد عليه أن يحفظ لسانه من كل قول محرم.

فالبعض الآن يتكلم بكلمات شركية وكفرية، يحلف مثلاً بغير الله عز وجل يحلف بالنبي والنبي يقول هذا حلف بغير الله عز وجل شرك هذا كفر أصغر (من حلف بغير الله فقد أشرك) كما عند الترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، يقول والنعمة والرفجة ورأس أبي وأمي، يقول والكعبة هذه كلمات شركية وكفرية حلف بغير الله عز وجل، يقول وشرفي وأمانة لا يجوز هذا حلف بغير الله عز وجل (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) لا تحلفوا بآبائكم كما بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم.

أيضاً ما تسوي بين الخالق والمخلوق، فاحذر احذر هذه الألفاظ التي فيها التسوية (واو) تقول: (ما شاء الله وشئت)، هذه الواو واو التسوية لا يجوز هذا تسوي بين الخالق والمخلوق (ما شاء الله وشئت)، قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: (ما شاء الله وشئت) غضب عليه الصلاة والسلام قال: (أجعلتني لله نداً بل قل ما شاء الله وحده)، إما أن تقول: (ما شاء الله)، أو تقول: (ما شاء الله ثم شاء فلان)، البعض يقول: (لولا الله وفلان ما صابنا كذا كذا) لا هذا شرك أصغر، تقول: (لولا الله ثم فلان) هذا سبب سخره الله عز وجل لك، يقول: (لولا الله وفلان) (لولا الله وفلان ما حصلنا على كذا وكذا) لا، تقول: (لو لا الله ثم فلان).

البعض يلعن اليوم والساعة فلا يجوز، يقول مثلاً: (لعنة الله على اليوم الذي رأيتك فيه، أو الساعة التي رأيتك فيها) هذا من سب الدهر، جاء في الحديث القدسي (يؤذيني يا اين آدم يسب الدهر، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار).

الإنسان يبتعد عن هذه الكلمات، يبتعد عن الكذب عن الغيبة عن النميمة عن قول الزور وشهادة الزور، ويبتعد عن السب والشتم واللعن والوقوع في أعراض الناس فليحذر، يحفظ لسانه ويشغل هذا اللسان بذكر الله عز وجل وبقراءة القرآن والدعاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هكذا يسلم العبد وينجو من النيران إذا اتقى الله عز وجل، وسخر هذه الجوارح في طاعة الله عز وجل.

بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين