الإعلانات

التواصل الاجتماعي

هدي النبي ﷺ في قضاء الحوائج

  • April 8, 2020

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فالمسلم يعرف أخاه المسلم في المحن والشدائد والمواقف، وعند شدته يعرف معدن أخيه المسلم، هل سيقف بجانبه أو يتخلى عنه؟! هل سيقضي حاجته وهو قادر على قضاء حاجته أو لا؟! وهذا والله قضاء الحاجات من أجل الطاعات والعبادات والقربات.

قضاء الحاجات من الإيمان من العمل الصالح من التعاون على البر التقوى، وربنا جلا وعلا قال: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).

وقضاء الحاجات أيضاً من باب الشفاعة التي حث الله عز وجل عليها في كتابه قال تعالى: (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها)، وأيضاً قال عليه الصلاة السلام: (اشفعوا تؤجروا).

فالمسلم لابد أن يقف مع أخيه المسلم في شدته، هذا من أعظم ما يقوي صلى المسلم بأخيه المسلم قال تعالى: (إنما المؤمنون إخوة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم: (وكونوا عباد الله إخواناً)، وبَيَّنَ عليه الصلاة والسلام هذه الرابطة الأخوية كيف تكون، مثل عليه الصلاة والسلام بالجسد كما في صحيح مسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، ومثل أيضاً عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث أبي موسى، قال عليه الصلاة والسلام: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وشبك عليه الصلاة والسلام بين أصابعه.

هكذا يقف المسلم بجانب أخيه لاسيما في شدته وحاجته قال عليه الصلاة والسلام: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) انظر الجزاء من جنس العمل، وقال عليه الصلاة والسلام: (من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة) هذا المدين إن كان لك الدين فأسقط عنه الدين بالكلية فهذا أفضل المراتب أو خففت الدين عن هذا المدين أو أمهلته، وإن كان الدين لغيرك أعطيته المال إما أعطيته هذا المدين المال كله حتى يقضي دينه أو شيئاً من المال حتى يقضي جزءا من دينه فلك الأجر، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، وقال صلى الله عليه وسلم: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من نفس) كأنه سينفجر من الكربة والبلاء والمصيبة والحاجة فتأتي أنت تنفس عن أخيك المسلم (من نفس على مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)، وأيضاً (من فرج على مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة).

فالمسلم يقف بجانب أخيه في قضاء حوائجه قال عليه الصلاة والسلام كما عند الطبراني من حديث أبي أمامة: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد العمر)، قال عليه الصلاة والسلام بعد ذلك: (وكل معروف صدقة)، وقال بعد ذلك عليه الصلاة والسلام: (وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة)، ثم قال عليه الصلاة والسلام: (وأول من يدخل الجنة أهل المعروف) أهل الخير هؤلاء الذيم يقضون حوائج الناس ويتصدقون ويعطون، النبي صلى الله عليه وسلم أول الأمة يدخل الجنة، يأتي إلى باب الجنة فيأخذ بحلقة الباب ويدق باب الجنة، فيقول خازن الجنة: من أنت، فيقول: أنا محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك، النبي صلى الله عليه وسلم أول من يدخل الجنة وأمته، وفي هذا الحديث قال عليه الصلاة والسلام: (وأول من يدخل الجنة أهل المعروف) الله أكبر، وروى الإمام مسلم من حديث جابر قال عليه الصلاة والسلام: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل) في الخير في شيء ينفعه، أما في شيء يضره لا، وروى الأصبهاني وهذا الحديث حديث حسن لغيره كما حسنه الألباني في الترغيب من حديث ابن عمر أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله، فقال عليه الصلاة والسلام: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس) الذي يقضي حوائج الناس الله أكبر، قال عليه الصلاة والسلام: (وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم)، هكذا سرور تدخله على مسلم على قلب مسلم، وبَيَّنَ عليه الصلاة والسلام كيف تدخل السرور في قلب المسلم هذا على سبيل المثل وليس على سبيل الحصر، قال: (تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً)، قال عليه الصلاة والسلام بعد ذلك: (ولئن أمشي في حاجة أخ أحب إليه من أن أعتكف شهراً في هذا المسجد) والله أكبر قضاء الحاجة أعظم من الاعتكاف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم شهراً  كاملاً، تخيل تتفرغ للعبادة تعتكف في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام تتفرغ للذكر تتفرغ للدعاء تتفرغ لتلاوة القرآن تتفرغ لقيام الليل وصلاة الضحى والرواتب وتحافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها تدرك التكبير الأولى وتدرك الصف الأول فقضاء الحاجة أفضل تخيل أفضل من أن تعتكف شهراً كاملاً في  مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال عليه الصلاة والسلام: (ومن كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه)، يعني يستطيع أن ينفذ غيظه لكن ما نفذ، قال: ملأ الله قلبه يوم القيامة رضاً)، والجزاء من جنس العمل رضي بحاله ولم يمض يعني غيظه وإنما صبر فملأ الله له يوم القيامة قلبه رضاً، ثم قال: (ومن مشى في حاجة أخيه حتى يقضيها أثبت الله قدميه يوم تزل الأقدام)، وفي رواية (يوم تزول الأقدام) تخيل تقضي حاجة من حوائج أخيك المسلم فالله عز وجل يثبت قدمك يوم القيامة يوم تزل الأقدام، هذا الصراط أيها الإخوة ما تثبت عليه الأقدام إلا الأقدام الذي سلمهم الله عز وجل، هذا الصراط جسر على جهنم تخيل أحد من السيف وأدق من الشعر على جانبيه خطاطيف وكلاليب تخطف الناس بأعمالهم، والناس يتفاوتون على هذا الصراط بحسب أعمالهم منهم من يسير عليه كالطرف ومنهم كالبرق ومنهم كالريح ومنهم كالطير لماذا؟! لأنهم أسرعوا في طاعة الله عز وجل وكانوا من أبطئ الناس عن معصية الله عز وجل، فيسيرون على الصراط كسرعة الطرف والبرق والريح والطير ومنهم كأجاويد الخيل ومنهم كمن يجري جرياً ومنهم كمن يمشي مشياً ومنهم من يزحف زحفاً يمشي مرة ويكبوا مرة وتسفعه النار مرة.

والناس أيها الإخوة على الصراط على ثلاثة أقسام: ناجي المسلم وناجي المخدوش ومكدوس في نار جهنم.

ناجي المسلم ينجو ويسلم من النيران والخطاطيف.

وناج مخدوش ينجو في آخر الأمر ينجو ويجتاز الصراط، لكن تمسه النيران وتخدشه النيران وتخطفه الكلاليب تخيل.

ومكدوس في نار جهنم ما يلبث أن يضع قدمه على الصراط إلا وهوى في جهنم.

ولهذا دعاء الرسل على الصراط اللهم سلم سلم، وأول من يجتاز الصراط نبينا صلى الله عليه وسلم وأمته هذه الأمة المحمدية، فمن مشى في حاجة أخيه حتى يقضيها ثبت الله قدميه يوم تزل الأقدام.

أيها الإخوة قضاء الحاجات لا تقتصر على إعانة أخيك المسلم بالمال فقط، وإنما قضاء الحاجة أوسع من ذلك بكثير، لهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة)، فكل بحسب مكانه أنت موظف في عملك تقضي حوائج الناس ما تعطل الناس ما ترمي الأوراق توقع الأوراق بعد أسبوع وتأخر الناس لا تقضي حوائج الناس أنت مسؤول أنت مسؤول، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (فطوبى لمن جعله)، أي الله (لمن جعله مفتاحاً للخير ومغلاقاً للشر، وويل لمن جعله مفتاحاً للشر ومغلاقاً للخير)، هكذا هناك أناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وهناك العكس مفاتيح للشر مغاليق للخير، أنت مسؤول كل بحسنه صاحب الجاه صاحب المنصب صاحب الرتبة يقضي حوائج الناس ما يعطل الناس، والله عز وجل سيثبتك في هذا المكان في هذا المنصب في هذا الجاه كما جاء في حديث والحديث حسن كما في الترغيب حسنه الألباني رحمه الله قال عليه الصلاة والسلام: (إن لله أقواماً اختصهم الله بالنعم لمنافع العباد قال يقرهم فيها ما بذلوا)، يبقى معهم هذا الجاه وهذا المنصب (فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم)، فالإنسان يشكر نعمة الله (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) اقض حوائج الناس إذا كان هذا الأمر في مقدورك لا تؤخر الناس.

والعقوبة الأخروية من عطل الناس ولم يقض حوائج الناس إذا ولاه الله عز وجل شيئاً من أمر المسلمين عقوبة عظيمة، جاء في الترمذي ومسند الإمام أحمد قال عليه الصلاة والسلام: (ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من ولاه الله شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم ومسكنتهم احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة)، فجعل الله عز وجل كما في الحديث معاوية رجلاً على حوائج المسلمين.

فهكذا أيها الإخوة نحن نحمد الله أن جعل الله عز وجل لنا هؤلاء الولاة يقضون حوائجنا يقضون حوائج شعب الإمارات، والنبي صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة والخلفاء الراشدون الأسوة والقدوة أيضاً، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حوائج الناس وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية وغيرهم من الصحابة، وأيضاً تجد من التابعين وأتباع التابعين في سيرهم الشيء العجب في قضاء حوائج الناس، لكن من يقضي حاجة الناس ما يمن لأن المن يبطل العمل ويفسد العمل (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى)، وأيضاً قال صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم عن أبي ذر (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، كررها عليه الصلاة والسلام ثلاثاً، قال أبو ذر: خابوا وخسروا من منهم يا رسول الله، قال المسبل والمنان عطاءه والمنفق عطاءه بالحلف الكاذب).

فالشاهد أيها الإخوة المسلم إذا استطاع أن يقضي حوائج المسلمين فليفعل، ولا يجوز أن تطلب قضاء الحوائج من الأموات كما يفعله الجهال وهؤلاء الذين يقعون في شرك الأكبر هذا شرك أكبر ما يجوز أن تدعو وتسأل وتطلب من الأموات تطلب من الإنسان الحي الحاضر القادر، لابد من هذه الشروط الثلاثة أن يكون حياً ما يكون ميتاً ويكون حاضراً ما يكون غائباً ما تدعوا الجن والغائبين، وأن يكون قادراً في شيئاً يقدر عليه ما تطلب من فلان الرزق والولد والغيث، لا هذا سفه أن يذهب الرجل إلى القبر ويدعو الميت ويطلب منه قضاء الحاجات هذا سفه ما يملك شيء ما يستطيع الميت أن يذر التراب عن نفسه، بينه الله عز وجل قال تعالى: (يولج الليل في النهار) هذا هو الله الذي يولج الليل في النهار، قال: (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك)، ثم قال (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير) ما يملكون هذا الشيء اليسير، تخيل إنسان محتاج يذهب إلى فقير هذا سفه هذا فقير ما يملك، كيف تذهب عند الفقير؟! اذهب إلى الغني اذهب إلى الملك اذهب إلى أصحاب الأموال، هذا يذهب إلى القبر ويطلب من القبر قضاء الحاجات هذا سفه (إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير)، قال تعالى: (ومن أضل مما يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) لا يقولون أن هؤلاء يشفعون لنا ويرفعون الحاجات إلى الله عز وجل هذا دعاء، هؤلاء يقربون إلى الله نحن مذنبون عندنا تقصير، قال تعالى: (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله)، وقال تعالى: (فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله له الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى).

فالشاهد أيها الإخوة الإنسان يلجأ إلى الله ويعلق قلبه بالله، وإذا كان هناك حاجة عند فلان لا بأس أن تطلب حاجتك من فلان وفلان، هذا الشخص إنما هو السبب سبب فقط، والقلب تعلقه بالله عز وجل، نسأل الله عز وجل أيها الإخوة أن يجعلنا من الموحدين، بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين