الإعلانات

التواصل الاجتماعي

هدي النبي ﷺ مع زوجاته

  • April 8, 2020

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فإن الله عز وجل بعث محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين كما قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) بعثه بالتوحيد إلى الناس أجمعين ليخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور من ظلمات، من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ومن ظلمات البدع والأهواء إلى نور السنة، ومن ظلمات المعاصي إلى نور الطاعة، فهو عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة كما قال عليه الصلاة والسلام: (يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة).

وأيضاً بعثه الله عز وجل ليتمم صالح الأخلاق كما جاء في البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بعثت لأتمم صالح الأخلاق)، فالنبي صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس معاملة، من أحسن الناس خلقاً، فهو القدوة والأسوة جاء بالمعاملة الحسنة والأخلاق الطيبة، حتى أن الله عز وجل أثنى عليه في كتابه فقال: (وإنك على خلق عظيم)، ولما سألت عائشة رضي الله عنها كما في صحيح مسلم عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت رضي الله عنها: (كان خلقه القرآن)، وسُئلت عائشة كما في صحيح البخاري ما كان يصنع النبي صلى اله عليه وسلم في أهله قالت رضي الله عنها: (كان يكون في مهنة أهله) هكذا يعني يخدم نفسه، وأيضاً سُئلت عائشة ما كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته قالت رضي الله عنها: (كان يخصف نعلة ويخيط ثوبه ويرقع دلوه ويحلب بشاته ويخدم نفسه)، هكذا كان بشراً من البشر، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته، كان متواضعاً عليه الصلاة والسلام فهو القدوة والاسوة، فلهذا أمرنا الله عز وجل في كتابه أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم وأن نتأسى به عليه الصلاة والسلام فقال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً)، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يحث المسلمين بالتخلق بالأخلاق الحسنة، والاهتمام بالأهل والأولاد خيركم قال عليه الصلاة والسلام: (خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله)، هكذا فهو القدوة ويحثنا على الاقتداء به ويحثنا على الإحسان إلى الله يقول عليه الصلاة والسلام: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً)، يقول عليه الصلاة والسلام: (خياركم لنسائهم خلقاً) الله أكبر هكذا المسلم عليه أن يتمسك بوصايا النبي صلى الله عليه وسلم، ففي أعظم موقف وأكبر اجتماع حينما خطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس بعرفة خطبة الوداع قال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم من حديث جابر قال عليه الصلاة والسلام: (فاتقوا الله في النساء)، وجاء في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام قال: (استوصوا بالنساء خيراً)، وقال كما في لفظ الترمذي (ألا واستوصوا بالنساء خيراً)، لماذا يوصينا النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء خيراً؟! لأننا مسؤولون أمام الله عز وجل عن الأهل والأولاد (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)، فأنت مسؤول (وقفوهم أنهم مسؤولون مالكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون) تقف بين يدي رب العالمين يوم لا ينفع لا مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ليس بينك وبين الله عز وجل ترجمان ولا حجاب، تنظر أيمن منك فلا ترى إلا ما قدمت وتنظر أشئم منك فلا ترى إلا ما قدمت وتنظر أمامك فلا ترى إلا النار، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا النار ولو بشق تمرة).

إذاً ستسأل عن هذه الأمانة (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)، (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها)، هكذا ستسأل عن هذه الأمانة وعن هذه المسؤولية أحفظت هذه الأمانة أم ضيعت هذه الأمانة؟! أديت هذه المسؤولية أم لا؟! ستسأل عن هذه المسؤولية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر: (كلكم راعي وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راعي في أهل وهو مسؤول عن رعيته)، وجاء في الصحيحين من حديث معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من عبدٍ يسترعيه الله عز وجل رعية يموت يوم يموت وهو غاش رعيته إلا حرم الله تعالى عليه الجنة)، وأيضاً ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله سائل كل راع عن ما استرعاه حفظ أم ضيع)، فالإنسان سيسأل عن أهله وعن أولاده (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت) لاسيما في أمر الدين (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها)، هكذا ستسأل عن هذه الأمانة وعن هذه المسؤولية، لابد أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، لابد أن تبذل النصيحة، أن تربي أهلك وأولادك تنظر في شؤون دنياهم، وأيضاً في شؤون آخرتهم لكن بالكلمة الطيبة.

إذا أردت أن تطاع عليك بالمعاملة الحسنة الكلمة الطيبة والأسلوب الحسن، هكذا ينبغي للمسلم كما قال تعالى: (وقولوا للناس حسناً)، الكلمة الطيبة تفعل الأفاعيل، عليك أن تتبسم لما تتكلم تصل إلى القلوب أولاً، تتطرق القلوب قبل أن تطرق الأذان التبسم، والكلمة الطيبة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والكلمة الطيبة صدقة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)، والأهل هم أولى الناس بك أن تعاملهم معاملة حسنة وطيبة، عليك أن ترفق بهم أن تتأنى قال الله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) ما تمسك يعني الأخطاء وتعقب لا، إذا أردت يعني الانتقاد يعني وبيان الخطأ، لكن من باب النصيحة ليس من باب التصيد لا، قال عليه الصلاة والسلام: (لا يفرك مؤمن مؤمنة)، يعني ما يبغض مؤمن مؤمنةً، (إن كره منها خلقاً رضي منها آخر)، أنت ما تنظر يعني  إلى السلبيات دائماً، انظر أيضاً إلى إجابياتها هكذا، انظر بعينين لا تنظر بعين عوراء من جانب واحد وإنما من سائر الجوانب، وإذا نظرت إلى السلبيات تنظر نظرة إصلاح ونصيحة لا مؤاخذة وتصيد واضح، هكذا تكسب القلوب أولاً، الرجل مع أهله يرفق بأهله ولا يتعجل (التأني من الله والعجلة من الشيطان)، جاء رجل من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليكم، ففطنت عائشة رضي الله عنها فقلت: السام عليكم واللعنة وغضب الله عليكم إخوة القردة والخنازير، فقال عليه الصلاة والسلام: مهلاً يا عائشة عليك بالرفق إياك والفحش والعنف، وفي رواية قال: عليك بالحلم وإياك والجهل، لا يكون الرفق في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه، إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، إن الرفق إذا كان في شيء زان وما نزع من شيء إلا شانه، فالإنسان يرفق بأهله ويعلم أهله الخير ما ينظر إلى مصلحته، وإنما مرات يتغاضى عن بعض الأخطاء، لكن الشيء المحرم في شرع الله نعم يُبَيِّن الإنسان، ما ينتصر لنفسه ويريد أن ينتصر، يعني بكلمته لا وإنما مرة ومرة، يُلين الجانب إذا رأى من أهله يعني الشدة، وأيضاً المرأة عليها أن تلين إذا رأت من الزوج الشدة، يعني هكذا شيئاً فشيئاً ما يشد الرجل وتشد المرأة وينقطع الحبل الذي بينهما لا، وإنما وسط هكذا الرجل ينغي أن يداري المرأة ويعفو ويصفح.

وعلى الرجل وأيضاً المرأة إذا أردا السعادة الحقيقية السعادة الدنيوية والأخروية، إذا اختلفا أن يرجعا إلى كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)، وقال تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)، إذا اختلفنا في شيء نرجع؛ لأن الشيطان حريص في التفريق بين الإخوة بين المرء ويعني زوجه حريص، إن الشيطان قد يأس أن يُعبد في جزيرة العرب ولكن بالتحريش بينهم، كما جاء في صحيح المسلم في حديث جابر إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناه منه منزلة يعني أقربهم منه منزلة أعظمهم فتنة يعني أشدهم فتنة، فيجي أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، يقول: ما صنعت شيئاً ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله، فيقول: نعم أنت يدنيه منه؛ لأنه فرق بين المرء وزوجه.

فعلينا أن نترفق بأهلنا وأن نتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وحسن الخلق له وزن يوم القيامة (ما شيء أثقل في ميزان المؤمن من خلق حسن)، (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)، والنبي صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ إذا أردت القرب من النبي عليه الصلاة والسلام تأسى بأخلاقه، كما كنت في الدنيا تتشبه به وتقتدي به فتجلس عند النبي صلى الله عليه وسلم بالقرب منه (إن من أحبكم إليه وأقربكم مني مجلساً أحسنكم أخلاقا).

إذاً علينا أيها الإخوة أن تقتدي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في أخلاقه لاسيما مع أهله، هكذا ينبغي المسلم حتى يفوز في الآخرة بالجنان نسأل الله عز وجل ذلك، بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.