الإعلانات

التواصل الاجتماعي

هدي النبي ﷺ في معاملة اليتيم

  • October 18, 2020

 

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فإن هذه الشريعة الغراء شريعة الإسلام راعت جميع أطياف المجتمع وفئات المجتمع فأعطت كل ذي حق حقه ولم تنس فئة من الفئات، وهذه الفئة التي سنذكرها اليوم اليتامى فربنا جل وعلا أوصى بحق اليتامى.

في كتاب الله عز وجل آية تسمى عند العلماء بآية الحقوق العشرة ذكر ربنا فيها عشرة حقوق وبدأ بحقه جل وعلا وثنى بحق الوالدين ثم ذكر بقية الحقوق، ومن هذه الحقوق حق اليتامى فقال ربنا جل وعلا: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً)، وأيضاً ذكر ربنا جل وعلا حق اليتامى في موضع آخر من كتابه في سورة الأنعام، وهذه الآيات تسمى عند العلماء بالوصايا العشر؛ لأن الله عز وجل ختم هذه الآيات وهي ثلاث آيات ختم بقوله: (ذلكم وصاكم به) في الآية الأولى قال: (لعلكم تعقلون)، وفي الآية الثانية قال: (ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون)، وفي الآية الثالثة قال: (ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)، ففي هذه الوصايا العشر خمسة أوامر وخمسة نواهي، كذلك في هذه الوصايا العشر بدأ ربنا جل وعلا بحقه وثنى وقرن بعد ذلك بحق الوالدين ثم ذكر الأوامر والنواهي فقال ربنا جل وعلا: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً) النواهي نجعل في هذه اليد والأوامر نجعل في هذه اليد عشرة وصايا فيها خمسة أوامر وخمسة نواهي، قال ربنا جل وعلا: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليه ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا)، قال: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده) أكملنا خمسة نواهي وعندنا أمر واحد (وبالوالدين إحساناً)، قال: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)، وأيضاً ربنا جل وعلا ذكر في سورة الإسراء ثمانية عشرة مسألة، كذلك بدأ بحقه وقرن وثنى بحق الوالدين (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) بعد ذلك ذكر من هذه المسائل حق اليتامى (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده)، فحق اليتيم عظيم فلابد للوصي على اليتيم أن يحفظ مال اليتيم.

من هو اليتيم اليتيم الذي فقد أباه وهو صغير لم يبلغ، أما الذي بلغ ففقد أباه ما يسمى يتيماً، أما الذي فقد أمه ما يسمى يتيماً، إذا فقد أباه وهو صغير لم يبلغ، لو فقد أباه وهو صغير لم يبلغ ثم بلغ ارتفع عنه هذا الوصف، فلا يجوز للوصي أن يعتدي على مال اليتيم، بل يحفظ مال اليتيم ينمي مال اليتيم ما يأكل مال اليتيم، عد النبي صلى الله عليه وسلم أكل مال اليتيم من السبع الموبقات جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله)، بدأ عليه الصلاة والسلام بالشرك، قال: (الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).

فلا يجوز الاعتداء على مال اليتيم، لكن من كان يُراعي مال اليتيم وينمي مال اليتيم، فإن كان فقيراً فليأكل بالمعروف كما قال الله عز وجل، وإن كان غنياً فليستعفف قال تعالى: (ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف)، وقبلها قال: (ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا)، ما يجوز أن تأكل مال اليتيم ظلماً؛ لأن هذا سحق فلا يجوز، فالحذر من هذا الفعل الشنيع ربنا جل وعلا قال في كتابه عن الذين يكذبون بيوم القيامة ما هي صفاتهم أنهم لا يعاملون اليتيم معاملة حسنة، قال جل وعلا (أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين) يدع اليتيم يدفع اليتيم دفعاً عنيفاً قويا بكل قسوة وغلظة وشدة من غير رحمة ولا رأفة، (فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين) فالحذر أن تتصف بصفات من يكذب بيوم الدين، بل أكرم اليتيم، أما إن كنت لا تكرم اليتيم ولا تحسن إليه فإني أخشى على هذا أن يدخل في قوله تعالى: (كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين)، ربنا جل وعلا قال: (فأما اليتيم فلا تقهر) ما تقهر اليتيم بأخذ ماله ما تقهر اليتيم بإذلاله واحتقاره وبظلمه والقسوة عليه لا، بل ترعى اليتيم وتحسن إلى اليتيم وتكرم اليتيم.

والوصي إذا أنفق على اليتيم من ماله فله أجر عظيم، هذا من أبواب الخير والإنفاق والبذل والعطاء قال تعالى: (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم)، فهذا باب عظيم من أبواب الإنفاق والعطاء والبذل من البر، من صفات أهل البر والتقوى أنهم يراعون اليتيم وينفقون على اليتيم ويعطون اليتيم حقهم يبذلون لليتامى؛ آية تسمى عند العلماء بآية البر الجامعة في سورة البقرة ذكر ربنا جل وعلا فيها حق اليتامى والإنفاق على اليتامى قال تعالى: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمسكين وابن السبيل والسائلين في الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون)، فالشاهد إذا قام الوصي على اليتامى فله أجر عظيم، إذا أنفق من ماله أو راعى أموالهم وأنفق عليهم بالمعروف وحفظ أموالهم فله أجر عظيم ينجو من النيران ويدخل الجنان، بل مع النبي عليه الصلاة والسلام إذا كفل اليتيم جاء في البخاري من حديث سهل رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: (أنا وكافل اليتيم كهاتين وأشار السبابة والوسطى وفرج بينهما هكذا) تخيل.

فالشاهد أن الإنسان يرعى اليتامى وينفق على اليتامى ويحسن المعاملة ويكرم اليتامى، وجاء أيضاً في الصحيحين من حديث أبي أنه عليه الصلاة والسلام قال: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال كالقائم الذي لا يفتر والصائم الذي لا يفطر)؛ سؤال نحن قلنا في هذا الحديث الساعي على الأرملة والمسكين، أين اليتيم؟! لماذا جئنا بهذا الحديث؟! ها من يعرف ها الأرملة أحسنت كيف ها أحسنت الأرملة يعني المرأة التي مات زوجها قد يكون لها أبناء وأولاد، فأولادها يتامى (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال كالقائم الذي لا يفتر والصائم الذي لا يفطر)، فالشاهد أن حفظ حق اليتيم من الأمور العظيمة في شريعتنا، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة) أحرج الإثم الشديد الذنب العظيم، لما نقول لا حرج عليك ما معنى لا حرج عليك يعني لا إثم عليك، قال: (اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة)، فلا يجوز الاعتداء على أموال الناس لا سيما اليتامى، فيأكل هذا الوصي أموال هؤلاء الضعفة ظلماً وزوراً وبهتاناً ويأكل هذا المال سحقاً فلا يجوز، فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتقين بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.