بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله قال المصنف رحمه الله تعالى “بسم الله الرحمن الرحيم من أعجب العُجاب وأكبر الآيات الدالة على قدرة الملك الغلاب ستة أصول بيَّنها الله تعالى بياناً واضحاً للعوام فوق ما يظن الظانون ثم بعد هذا غلط فيه كثير من أذكياء العالم وعقلاء بني آدم إلا أقل القليل
الأصل الأول: إخلاص الدين لله وحده لا شريك له وبيان ضده الذي هو الشرك بالله وكون أكثر القرآن في بيان هذا الأصل من وجوه شتى بكلام يفهمه أبلد العامة ثم لما صار على أكثر الأمة ما صار أظهر لهم الشيطان الإخلاص في صورة تنقص الصالحين والتقصير في حقوقهم وأظهر لهم الشرك بالله في صورة محبة الصالحين وأتباعهم.
الحمد لله رب العالمين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
فهذه رسالة مختصره مفيدة قيمة ذكر فيها المصنف أصولاً عظيمة ستة أصول في كتاب الله تعالى يعني الأدلة على هذه الأصول في الكتاب والسنة بل الأدلة متضافرة وكثيرة جداً جدا على بيان هذه الأصول ومع ذلك غفل عنها وانحرف عنها كثير من الناس.
بدأ المصنف بالبسملة والبسملة يعني بدأ بها المصنف اقتداءً بكتاب الله وتأسياً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتب في رسائله لما يبعث هذه الرسائل إلى الملوك يعني يبدأ بالبسملة، لما بَعث الى قيصر هِرقل عظيم الروم كما في البخاري، وأيضاً تأسى بالعلماء.
“بسم الله الرحمن الرحيم” والبسملة يعني فيها الاستعانة وطلب العون من الله جل وعلا وطلب البركة باسم الله عز وجل، يعني لا أبدأ باسم أحد متبركً به ولا مستعيناً به إلا باسم الله هذا معنى البسملة، فالبسملة فيها الاستعانة كما قلنا، والبسملة هناك يعني فعل محذوف مؤخر تقديره مثلا بالنسبة للمصنف أُصنف باسم الله بالنسبة إلي أقرأ باسم الله وهكذا للذي يحفظ أحفظ باسم الله الذي يحفظ القرآن وهكذا للذي يقرأ القرآن أقرأ باسم الله والذي يدخل أدخل باسم الله والذي يأكل يعني تقديره آكل باسم الله، وأُخر هذا الفعل المقدر المحذوف من باب يعني التبرك بالبداءة باسم الله، وأيضا من باب الحصر لأن تقديم ما حقة التأخير يفيد الحصر.
ولفظ الجلالة يعني ذو الألوهية والعبودية وهذا الاسم هو العلم على الله يعني لا يسمى به غيره وسائر الأسماء تتبع هذا الاسم، فمعناه هو المألوه المعبود بحق حباً وتعظيماً.
لفظ الجلالة الله “الرحمن” يعني صفة الله الرحمن وصفهُ يعني الرحمن على وزن فعلان كغضبان وهذه الصيغة تدل على السعة والامتلاء يعني كما قال تعالى {ربكم ذو رحمة واسعة} وقال {ورحمتي وسعت كل شيء} وقال {كتب ربكم على نفسه الرحمة} وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه (ورحمتي سبقت غضبي) إلى آخره، فالرحمن وصفهُ رحيم جل وعلا بعباده المؤمن والكافر خلقهم ورزقهم وأرسل إليهم رسولا واضح فما تركهم هكذا هملا.
و“الرحيم” فعله {وكان بالمؤمنين رحيما} خاص بالمؤمنين باسم الله الرحمن الرحيم
قال المصنف رحمه الله
يعني قدم مقدمه لهذه الأصول لستة أصول قال” من أعجب العجاب“ يعني هذه الأصول التي أدلتها وبراهينها وحججها التي في الكتاب متظافرة وظاهرة وبينة لا تخفى على أحد مع ذلك انحرف عنها كثير من الناس فهذا من أعجب العجاب، ولهذا قال “من أعجب العجاب” يعني كيف ينحرف عنها أكثر الناس مع أنها معلومة، بل بيَّن المصنف أنها معلومة لدى أبلد العامة فكيف يعني يغفل عنها ويضل عنها وينحرف عنها ولا يدري عنها يعني أكثر الناس” من أعجب العجاب” قال” وأكبر الآيات الدالة على قدرة الملك الغلاب” لما انحرف عنها كثير من الناس مع أنها معلومة وظاهرة ولا تخفى على أحد هذا من أكبر الآيات الدالة على قدرة الله الملك الغلاب، كيف ذلك؛ لأن الله عز وجل بيده الملك يتصرف في كونه كيف يشاء يفعل ما يشاء {لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون} يعني بيده مقاليد كل شيء يتصرف يدبر الأمر يعني يرفع من يشاء ويخفض من يشاء يقبض ويبسط ويُعز ويُذل كما قال تعالى {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء} فالله عز وجل يُعطي ويمنع فلا معطي لما منع ولا مانع لما أعطى، يهدي من يشاء ويضل من يشاء، فهذا من أكبر الآيات الدالة علية سبحانه وتعالى حيث أن أكثر الناس يعني انحرفوا عن هذه الأصول لأن الأمر بيد الله، لكن لهم اختيار {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين} فمشيئة العبد ليست مستقله وإنما مشيئة يعني تحت مشيئة الله مقيدة يعني تحت مشيئة الله واضح تابعة لمشيئة الله عز وجل له مشيئة العبد وله إرادة واختيار لكن تحت مشيئة الله عز وجل.
الملك الغلاب {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} طبعاً الملك قال تعالى {تبارك الذي بيده الملك} قال تعالى {الذي بيده ملكوت كل شيء} {الذي له ملك السماوات} آيات كثيرة تدل على مُلك الله عز وجل.
والغلاب {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} يعني حكمه، نافذ حكمة نافذ لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه فهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء.
قال “ستة أصول: ستة يعني هذا العدد من باب يعني حصر المسائل حتى ترسخ هذه المسائل في الذهن هذا أسلوب نبوي في أحاديث كثيرة قال النبي صلى الله عليه وسلم (ثلاثة يدخلون الجنة) (وثلاثة لا يدخلون الجنة) مثلا (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) مثلاً (عشرة من الفطرة) (خمس من الفطرة) وهكذا أحاديث كثيرة فالحصر بعدد هذا أدعى لحفظ هذه المسائل، وضبط هذه المسائل فهذا من حسن تعليمه رحمه الله وهذا الأسلوب أسلوب نبوي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
” ستة أصول” وأصول جمع أصل يعني ما يبنى عليه غيره وأساس لغيره يعني كالجذع بالنسبة للشجرة أساس للشجرة، قال تعالى {ألم ترى كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء}.
“ستة أصول” يعني هذه قواعد وأصول عظيمة بيَّنها الله تعالى بياناً واضحاً للعوام يعني بياناً جليا واضحا كافيا شافيا تقرأ القرآن يتبيَّن لك هذه الأمور للعوام لعوام الناس فضلاً عن طلاب العلم فضلاً عن العلماء فضلاً عن العلماء الراسخين.
قال” فوق ما يظنه الظانون” يعني فوق ما تتصور هذا تأكيد لكلامه لما قال بيَّنها الله تعالى بيانا واضحاً للعوام مع ذلك ضل أكثر الناس.
قال “ثم بعد هذا غلط فيها” يعني في هذه المسائل “كثير من أذكياء العالم “ولهذا الإنسان ما يعتمد على عقله ما يقول أنا أميِّز أنا أدري إذا تكلم فلان أنا أميِّز يعني الخطأ من الصواب، هذا يلبس هذا من أهل الأهواء يأتي بشبهات فهو يقلب الحقائق، فأنت تغتر به يتكلم بكلام معسول بالكتاب والسنة ويشرح هذا الكلام ويفسر قول الله ويشرح قول النبي صلى الله عليه وسلم، فما تصغي إلى أحد ما تقول أنا ذكي أنا ذكي ويعني سأستمع لك أحد لا. فلهذا أذكياء العالم انحرفوا عن هذه الأصول وما أدركوا هذه الأصول وما عرفوا هذه الأصول مع أنها واضحة.
قال “غلط فيها كثير من أذكياء العالم وعقلاء بني آدم “لأن البعض يعني يغتر بذكائه وفطنته وعقله لما يرى نفسه أنه يعني في الدنيا أُوتي ذكاءً يعني يغتر ويظن أنه على حق وصواب ويسمع لكل أحد فيضل، يعني يفتح سمعه للشبهات فيَشرب هذه الشبهات فيضل، فالإنسان يحذر ولهذا ذم الله عز وجل الذين يعلمون أمور الدنيا ولا يعلمون أمور الآخرة، قال تعالى {وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا} هم أذكياء في أمور الدنيا {يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون}، فالشاهد حتى في أمر الدنيا ليس الأمر على العقل يعني تجد من الناس من أوتوا يعني ذكاءً خارقاً لكنه من أفقر الناس، وإنسان عامي كبير السن أُمي لا يعرف يقرأ ولا يكتب من أغنى الناس، هذا في أمر الدنيا فما بالك في أمر الدين، هذا توفيق والإنسان إذا أراد الخير فالله عز وجل يوفقه فما تعتمد تقول أنا ذكي والصواب معاي والحق معي تعتمد على ذكائك، يقول المصنف “غلط فيها كثير من أذكياء العالم ومن عقلاء بني آدم إلا أقل القليل “هكذا كما قال تعالى {وقليل من عبادي الشكور} وقال تعالى {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} والآيات في ذلك كثيرة وقال تعالى {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} وآيات كثيرة في ذلك يعني أكثر الناس يعني في بُعد عن الهداية.
ثم ذكر الأصل الأول” إخلاص الدين لله تعالى وحده لا شريك له” إخلاص الدين يعني إخلاص العمل، الدين يأتي بمعنى العمل وأيضاً يأتي بمعنى الجزاء {مالك يوم الدين} كما قلنا كما تدين تدان يعني كما تعمل تُجازى، وربنا جل وعلا ذكر آيات كثيرة تدل على أن معنى الدين العمل وأن معنى الدين الجزاء {مالك يوم الدين} {وما أدراك ما يوم الدين} وأيضا معنى العمل {ألا لله الدين الخالص} وآيات كثيرة تدل على هذا المعنى.
“إخلاص الدين” يعنى الإخلاص يعني تنقية العمل وتصفية العمل يعني أن يكون العمل خالصاً يعني نقيا صافياً ليس فيه شائبة الشرك ولا كدر الشرك، وإنما خالص هذا العمل تبتغي به وجه الله لا تريد سمعةً ولا رياءً ولا دنيا ولا مال منصب ولا فلان وفلان وإنما تبتغي وجه الله يعني نقي خالص، ولهذا المعنى اللغوي بالنسبة الإخلاص النقاء والصفاء قال تعالى {وإن لكم في الأنعام لعبره نسقيكم مما في بطونهِ من بين فرث لبناً خالصا سائغاً للشاربين} قال {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبناً خالصاً} يعني نقياً صافياً سبحان الله هذا اللبن نقي الصافي وقد أخبرنا الله عز وجل من أين يخرج؟ يخرج من بين فرث ودم ولا تجد قطرة دم ولا في هذا اللبن قطعة فرث مع أنه يخرج من بين فرث ودم يخرج صافي نقي، والإنسان يعلم من أين يخرج ومع ذلك يستسيغه ويشربه ويتلذذ بشربه، ولهذا قال {سائغا للشاربين} فمعنى الإخلاص يعني تُصفي وتُنقي العبادة من شوائب الشرك والعمل من شوائب الشرك.
قال” إخلاص الدين لله” يعني لله عز وجل وحده أيضاً إشارة الى الإخلاص.
“تعالى “يعني إشارة إلى علو الله عز وجل.
“وحده” تأكيد للإثبات، الإخلاص ما يكون إلا بالإثبات والنفي، “لا شريك” له تأكيد للنفي، لابد من الأمرين تثبت العبادة لله وتنفي عما سواه يعني “وحده” تأكيد لإثبات العبادة لله عز وجل، و “لا شريك له” تأكيد لنفي العبادة عما سواه، فالإخلاص ما يكون إلا بالإثبات والنفي.
التوحيد والإيمان والإخلاص ما يكون إلا بأمرين فمن أثبت ولم ينف لا يكون موحداً، ومن نفى ولم يثبت لا يكون موحداً، ومن أثبت ونفى يكون موحداً يعني أثبت العبادة لله عز وجل ونفى العبادة عما سواها هذا هو الموحد، أما من نفى ولم يثبت هذا ما يكون موحداً هذا ملحد نفى لا إله ثم سكت لا إله يعني لا إله موجود يعني ما هي عقيدة الملاحدة لا إله موجود، ومن أثبت ولم ينف هذا لا يكون موحداً أيضاً لماذا؟ لأن هذا ما يمنع أن يجعل العبادة لغير الله عز وجل لابد من الإثبات والنفي والآيات في ذلك كثيرة {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله} {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} مثلاً أيضاً {وعبدوا الله} هذا اثبات{ولا تشركوا به} هذا نفي آيات كثيرة تدل على الإثبات والنفي.
وإذا أردت معنى الإخلاص أيضاً وبضدها تتبين الأشياء قال” وبيان ضده الذي هو الشرك بالله” يعني إذا أردت أن تعرف الإخلاص لابد أن تبتعد عن الشرك عرفت الشرك وابتعدت عنه هذا هو الإخلاص، ما هو الإخلاص إلا تشرك بالله وأن تعبد الله هذا هو الإخلاص.
قال “وبيان ضده الذي هو الشرك بالله” هذا هو الأصل الأصيل الإخلاص وعدم الشرك بالله يعني هذا هو أصل الأصول هذا هو المقصد أصالةً يعني هذا هو الذي خلقنا الله عز وجل لأجله الغاية التي خُلقنا من أجلها أن تعبد الله وحده لا تشرك به شيئا
“وبيان ضده الذي هو الشرك بالله “والشرك أنواع عندنا الشرك الأكبر والشرك الأصغر الشرك الأكبر يعني ما يُخرج العبد من الملة ويكون مأواه النار ويخلد في نار جهنم لا يخرج منها أبد الأبدين يعني يعذب في النار العذاب سرمدي وهذا يكون بالذبح لغير الله والدعاء لغير الله ومثلاً النذر لغير الله وهكذا صرف العبادة لغير الله، وهناك شرك في الربوبية والألوهية وفي الأسماء والصفات، والمعترك في شرك الألوهية في شرك العبادة لهذا أنزل الله عز وجل الكتب وأرسل الرسل لهذا الأمر حتى يَترك الناس الشرك في الألوهية في العبادة يعني ما وقعت الخصومة إلا في هذا في شرك الألوهية في شرك العبادة، وهناك شرك أصغر وأكبر الشرك الأصغر هو الذي يعني وصفه الشارع بالشرك، لكن هذا الشرك ما يصل إلى درجة الشرك الأكبر وإلى رتبة الشرك الأكبر يعني ما ينافي الإيمان والتوحيد منافاة مطلقة وإنما يعني ما يخرج من الملة ولا يُخلد في النار يعني كالألفاظ كل قول أو فعل أطلق عليه الشارع وصف الشرك يعني لم يصل إلى درجة الشرك الأكبر وما ينافي التوحيد والإيمان منافاة مطلقة هذا هو الشرك الأصغر، مثل شرك الألفاظ يعني الحلف بغير الله، قول ما شاء الله وشئت، لولا الله وفلان وأيضاً لولا الكلب ما أتانا اللص، لولا البط ما أتانا اللص وهكذا هذه الأقوال فيعني الإنسان يتكلم ومجرد هي ألفاظ لا يعتقد بحقيقتها وبمضمونها ما يعتقد وإنما يحلف بغير الله لكن ما يقصد أن يعظم هذا المحلوف به وهو غير الله عز وجل كتعظيم الله أو أشد من تعظيم الله وإنما جرى على لسانه هذا شرك أصغر لو عظم كتعظيم الله وأشد من تعظيم الله هذا شرك أكبر يخرج من الملة.
“ وبيان ضده الذي هو الشرك بالله وكون أكثر القران لبيان هذا الأصل من وجوه شتى” يعني هذا القرآن كله في التوحيد، كما قال ابن القيم رحمه الله” ما من آية إلا وفيها تقرير للتوحيد” {إياك نعبد وإياك نستعين} آيات لو تأملت فيها تجد التوحيد.
” وكون أكثر القران لبيان هذا الأصل“ يعني الإخلاص لله التوحيد الإيمان بالله يعني عبادة الله وحده وعدم الإشراك به، هذا الأصل العظيم.
“من وجوه شتى “يعني مرة يذكر ربنا مثلاً الركوع لله السجود لله أو مثلاً النذر لله وهكذا يعني ينوع في العبادات كلها لله {إياك نعبد} ثم قال {وإياك نستعين} على وجوه شتى كذلك الشرك، التوحيد مثلاً قال تعالى {فاعبد الله مخلصا له الدين إلا لله الدين الخالص} {قل إني أمرت أن اعبد الله مخلصا له الدين} وأيضاً قال {قل أعبد الله مخلصاً له ديني} أيضاً يعني بصيغة أخرى يعني إشارة إلى الإخلاص {قل هذه سبيلي أدع الى الله} إشارة إلى الإخلاص أيضاً في آيه أخرى {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} هكذا يعني تنوعت الدلالات على التوحيد والإخلاص وهي كثيرة، وكذلك في الشرك يعني قال تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا} وأيضاً {ومن يدع مع الله} {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء} مثلاً آيات كثيرة تدل على ذم الشرك {تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم} دليل على ذم الشرك {إذ نسويكم برب العالمين} {ثم الذين كفرو بربهم يعدلون} يعني بصيغ تنوعت الدلالات من وجوه شتى كما أن الأدلة كثيرة على علو الله يعني مرة ربنا جل وعلا يصرح {وهو العلي العظيم} وأيضاً {يخافون ربهم من فوقهم} مرة يذكر الأشياء أن الأشياء تعرج إليه وتصعد إليه {إليه يصعد الكلم الطيب} هذا دليل على علو الله، انظر كيف الأدلة تنوعت كذلك في التوحيد، ونزول الأشياء {إنا أنزلناه في ليلة القدر} مثلاً هذا دليل على علو الله بصعود الأشياء وبنزول الأشياء وأيضاً {يخافون ربهم من فوقهم} وهكذا تنوعت الأدلة على علو الله، وكذلك تنوعت الأدلة على الإخلاص والتوحيد، وأيضاً على بيان ضد ذلك وهو الشرك الذي يناقض التوحيد ويهدم التوحيد.
قال يعني هذه الأدلة كثيرة على هذا الأصل متظافرة وظاهرة وبيِّنة قال “من وجوه شتى بكلام يفهمه” ما قال العامة بل “أبلد العامة” ليس هذا مختصاً بطلاب العلم أو بالعلماء أو بالعلماء الراسخين بل أبلد العامة يفهم هذا، لو فتحت القرآن وقرأت لعرفت الإيمان والتوحيد والإخلاص وعرفت الشرك فالقرآن موجود فليس لأحد حجه كما يعني ذكر الشيخ صالح الفوزان حفظه الله يعني ما يقرؤون القرآن القرآن حجة ما يعذرون بالجهل إذا كانوا يقرؤون القرآن حجة هذا حجة.
“ثم لما صار على أكثر الأمة ما صار” يعني اندرس العلم وطغى الجهل عليهم وقل الفهم بكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم “أظهر لهم الشيطان الإخلاص في صورة تنقص الصالحين والتقصير في حقوقهم” هكذا كما حصل في قوم نوح لما نُسخ العلم ولما نُسي العلم جاءهم الشيطان أن الآباء والأجداد كانوا يعبدون هذه التماثيل وهذه الصور هكذا لَبس عليهم لما اندرس العلم وذهب العلم ونُسخ العلم، وهنا قال “ثم لما صار على أكثر الأمة ما صار” يعني اندرس العلم وذهب العلم وقل العلم والفهم” أظهر لهم الشيطان الإخلاص في صورة تنقص الصالحين والتقصير في حقوقهم” هكذا يلبس، قلب الحقائق وتسمية الأشياء بغير اسمها يعني من عبد الله وأخلص في عبادته أنت متنقص لماذا؟ لأنك لم تذهب إلى القبر لم تدع القبر ولم تتوسل بصاحب القبر يعني لم تشرك يعني إذا أردت أن تكون موحداً لابد أن تشرك وإذا كنت موحداً أنت مشرك وأنت يعني متنقص للأولياء والصالحين هكذا يلبسون على الناس ويقلبون الحقائق ويعني يصير توحيد شركاً والشرك توحيداً وتصير السنة بدعة والبدعة سنة هكذا هذا عند أهل الباطل، نحن ما علينا من أهل الباطل نحن علينا بالحقائق ما نلتفت للمسميات ولو سموا ما سموا العبرة بالحقائق لا بالمعاني والمسميات العبرة بماذا؟ بالحقائق.
قال” أظهر لهم الشيطان الإخلاص” يعني التوحيد” في صورة تنقص الصالحين والتقصير في حقوقهم” يقولون أنتم ما تحبون النبي، والله أنني سمعت من فتره وجيزة والله عامي قال أنت ما صليت على النبي صلى الله عليه وسلم أصلاً صليت على النبي صلى الله عليه وسلم لكن هو يريد أن يتتبع الأخطاء قال أنتم عندكم يعني جفاء للنبي صلى الله عليه وسلم جفاء رطب جفاء رطب قال عندكم جفاء رطب طبعاً هو ذكر من هنا وساير فقال عندنا حب للنبي أما من هنا وطالع عندكم جفاء رطب أنا ما فهمت ما معنى جفاء رطب أول مرة أسمع جفاء رطب بعد ذلك عرفت أنه يعني على منهج منحرف على كل حال.
قال” وأظهر لهم الشرك بالله في صورة محبة الصالحين وأتباعهم” هكذا كما قلنا يقلبون الحقائق فإذا هتفت بأسمائهم واستغثت بهم ودعوتهم من دون الله قال أنت تعظم الصالحين وتعرف قدر الصالحين وتنزل الصالحين في أماكنهم تعرف قدرهم ومقامهم هكذا يلبسون على الناس.
فالإنسان يهتم بهذا الأصل الأول وسائر الأصول تُعين العبد في تحقيق هذا الأصل الأصيل الذي هو أعظم هذه الأصول بارك الله فيكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ