الإعلانات

التواصل الاجتماعي

الأصل الخامس

  • April 3, 2020

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، قال المصنف (رحمه الله) الأصل الخامس: بيان الله سبحانه لأولياء الله وتفريقه بينهم وبين المتشبهين بهم من أعداء الله المنافقين الفجّار، ويكفي في هذا آية من سورة (آل عمران)، وهي قوله: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ…﴾ الآية (آل عمران: 31). وآية في سورة (المائدة)، وهي قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ…﴾ الآية (المائدة:54). وآية في سورة (يونس)، وهي قوله:﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾،(يونس: 62-63). ثم صار الأمر عند أكثر من يدّعي العلم، وأنه من هداة الخلق ، وحفّاظ الشرع إلى أن الأولياء لابد فيهم من ترك اتباع الرسل ومن تبعهم فليس منهم. ولابد من ترك الجهاد فمن جاهد فليس منهم، ولابد من ترك الإيمان والتقوى، فمن تعهد بالإيمان والتقوى فليس منهم، يا ربنا نسألك العفو والعافية إنك سميع الدعاء.

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فهذا الأصل أيضًا عظيم مهم في غاية الأهمية، وهو أن تفرق بين أولياء الله وأعداء الله، بين أولياء الله وأولياء الشيطان؛ فقال المصنف (رحمه الله)عن هذا الأصل:  بيان سبحانه لأولياء الله يعني لأوليائه. ماهي صفاتهم، وما هي علاماتهم ، وتفريقه بينهم وبين المتشبهين بهم من أعداء الله المنافقين والفجّار؛ أولياء الله وأولياء الشيطان ، كيف تفرّق؟ فهؤلاء لهم صفات، وهؤلاء لهم صفات، أوصاف وعلامات وأعمال هكذا. الله عز وجل ما ترك العباد هكذا، وإنما بيّن الله سبحانه وتعالى في كتابه، وأيضًا النبي ﷺ بيّن في سنته، بيّن أوصاف أولياء الله      وأوصاف أولياء الشيطان ، بيّن أوصافهم في سنته؛ ولشيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) كتاب نفيس في هذا الباب سمّاه ” الفرقان بين أولياء الله وأولياء الشيطان”، فالشاهد أن الله عز وجل ما ترك عباده هكذا بل بيّن لهم، حتى الإنسان يميّز بين المؤمنين والكافرين، بين أوليائه سبحانه وتعالى وبين أعدائه.

قال: وتفريقه بينهم وبين المتشبهين بهم، بل هؤلاء يتشبهون يعني بيّن الله عز وجل من يتشبه بأهل الحق، من يتشبه وليس منهم، من يتشبه بأولياء الله، ليس فقط بيّن من هم أولياء الشيطان ؛ بل ممن يتشبه بأولياء الله وليس منهم، ذكر أوصافهم في الكتاب وأيضًا النبي ﷺ في السنة؛ قال من أعداء الله المنافقين والفجّار، يعني الفتنتين فتنة الشبهات والشهوات، ويكفي في هذا آية في سورة (آل عمران) وهي قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ…﴾ الآية (آل عمران: 31). هذه الآية بيّن الله عز وجل الميزان، من هو ولي لله ، ومن هو عدوّ لله أو ولي للشيطان، الولي للشيطان هو عدوّ لله ، والعكس كذلك ، من كان وليّا لله عز وجل فهو عدو لإبليس فهو عدو للشيطان هكذا؛ كما قال الله عز وجل ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا…﴾ (فاطر:6).

هذه الآية تسمى عند العلماء بآية المحنة، ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ…﴾ الآية (آل عمران: 31). ذكر ابن كثير (رحمه الله) في تفسيره عن الحسن البصري عن قوم زعموا أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية، يعني ليس مجرد دعوى ، والإنسان يزعم أنه يحبّ الله ، لا ؛ وإنما توزن الأعمال والأقوال والتصرفات على ميزان الشرع ، على الكتاب والسنة، فذكر ابن كثير قوله عن هذه الآية أنها حاكمة، حاكمة في من ادّعى محبة الله وليس هو منهم فإنه كاذب، وفي نفس الأمر حتى يتّبع الشرع المحمدي ، والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله، كما قلنا يعني هذه الآية حاكمة على المرء إن كان صادقًا فنعم، إذا كانت أعماله وأقواله موافقة لسنّة النبي ﷺ. ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ ﴾ يعني يا محمد قل لهؤلاء الذين يدّعون ويزعمون ﴿ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ ﴾ إن كنتم صادقين في محبتكم لله ﴿ فَاتَّبِعُونِي﴾ يعني النبي ﷺ يقول لهم اتبعوني، ما هي علامة محبة الله؟ الاتباع ، إذا كنت متّبعًا للنبي ﷺ فأنت ممن تحب الله ، وأنت ممن تحب النبي ﷺ، فالشاهد ليس مجرد دعاوى ، الدعاوى ما لم يقيموا عليها بينات فأهلها أدعياء، يعني ليس المرء أن يقول كذا وكذا ، وإنما ننظر في أفعال الشخص، وقد يدّعي شيء لكن أفعاله تخالف أقواله، فالإنسان يوزن بميزان الشرع ، كما قال الشاعر:

تعصي إلــــــــــه وتــــــــــزعم حبــــــــــــــــّه        هذا لعمري في القياس بديعُ                 لو كان حبّك صادقًا لأطعته        إن المحبّ لمن يحبّ مطيع           إنّ كنت صادقا في محبتك لله لأطعته ، وتطيع النبي ﷺ.     الشأن كما قال أهل العلم هو أن يحبك الله ، ليس الشأن أن تُحِب الله ، إنما الشأن أن تُحَب، الشأن أن يحبك الله ، فإن كنت صادقًا في محبتك لله عز وجل ؛ أحبك الله والجزاء من جنس العمل. كيف تكون صادقًا في محبتك لله عز وجل؟ باتباعك للنبي ﷺ، إذا من علامات أولياء الله أنهم يتّبعون النبي ﷺ ، واضح ، إذا أول العلامات الاتباع. ومن أول علامات لهؤلاء الذين يستترون ويتشبهون بأولياء الله أنهم لا يتبعون النبي ﷺ. ثم ذكر الآية التي في سورة (المائدة) وهي قوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ…﴾ الآية (المائدة:54). هذه هي العلامة الأولى ، أن الله عز وجل يحبهم وهم يحبون الله ، وقلنا أن محبة الله تتحقق بماذا؟ باتباع النبي ﷺ، في هذه الآية أربع علامات غير هذه العلامة ، أنهم يحبون الله وعلامة المحبة الاتباع. قال تعالى:﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾ (المائدة:54). أربع علامات ، قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ﴾ يعني من ينقلب على عقبيه، من يكفر، من يبدّل دينه، من يغيّر دينه ، فالله عز وجل غنيٌ ليس بحاجة لك وإلى دينك ما يحتاج ؛ فهو سبحانه وتعالى كامل في غناه، فالله عز وجل يقول ﴿…وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ (محمد:38)، آيات كثيرة ﴿…وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ…﴾ (الأنعام:133)، فالشاهد أن الله عز وجل ما ينتفع بطاعتنا ، وإنما نحن الذين ننتفع إذا عبدنا الله واستقمنا على شرع الله ، ولهذا جاء في الحديث ” يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضرّي فتضرّوني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحد منكم ما زاد في ملكي شيئا، والعكس ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا”. فإذا ارتدّ الإنسان ما يضرّ إلا نفسه ، ما يضرّ الله عز وجل بشيء، ولهذا قال الله عز وجل ﴿ …وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا…﴾ (آل عمران: 144)، فهو يضرّ نفسه ولا يضرّ الله عز وجل بشيء، فالشاهد أن من ارتدّ وبدّل دينه وغيّر وما استقام على الإيمان فالله عز وجل يُبدِل دينه بأناس آخرين قال ربنا جلا وعلا ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ﴾ هؤلاء هم أولياء الله ولهم أوصاف أولا: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ كما قلنا وعلامة محبة العبد لله عز وجل الاتباع ، اتباع النبي ﷺ، وقد ذكر النبي ﷺ عن رجل يحبه الله وهو أيضًا صادقٌ في محبته لله ، تنطبق هذه الآية ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ قال لأعطينّ الراية غدًا رجلٌ يحبّه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله ، وكان علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، ثم قال ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ كما في قوله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُم…﴾ (الفتح: 29). أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ كقوله أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ، و رُحَمَاءُ بَيْنَهُم كقوله أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يعني رحماء في ما بينهم ، يتعاطفون ويتراحمون ويساعد بعضهم بعضًا ويقف بعضهم مع بعض، كما ذكر النبيﷺ ” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى”، ” المؤمنين للمؤمنين كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا”. الصفة الثالثة: قال تعالى ﴿يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يعني يجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا،﴿ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ يعني لا يخافون في الله لومة لائم ، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، وليس معني هذه الكلمة يعني البعض يستدل بهذه الكلمة بجواز الإنكار العلني على الحاكم أنه ما تأخذه في الله لومة لائم ، أنه جريء ويذكر الحق، كما استدل بعضهم يعني أفضل الجهاد كلمة عدل وكلمة حق عند سلطان جائر، يعني أنه يذكر وينكر على ولي الأمر يشهّر أو يذكر يعني ينكر إنكارًا علني هذا خطأ، وإنما النبي ﷺ قال: عند ، يعني جاءت الأحاديث بالإسرار في النصيحة ، أما النصيحة على الملأ هذا تشهير، فضيحة؛ لهذا جاء عن النبي ﷺ من كانت عنده نصيحة لذي سلطان قال ﷺ فلا يبدها علانية وليأخذ بيده ولْيخلُ به فإن قبلها قبلها، وإن ردّها كان قد أدّى الذي عليه ، فالشاهد يعني أن الإنسان يقول الحق ولو على نفسه، واضح ، يعني هذه صفات أولياء الله: أولا: أنهم يحبون لله عز وجل ومحبة الله تكون بالاتباع النبي ﷺ. ثانيا: أذلة على المؤمنين. ثالثا: أعزة على الكافرين. رابعا: يجاهدون في سبيل الله. خامسا: ولا يخافون لومة لائم.

ثم ذكر آية (يونس) وهي قوله تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾،(يونس: 62-63). العلامة الأولى: الَّذِينَ آمَنُوا، وعلامة الثانية: وَكَانُوا يَتَّقُونَ. إذا من صفات أولياء الله أنهم يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر يؤمنون بالقدر خيره وشره، ويتقون وعندهم التقوى، أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ يعني لا خوف عليهم في ما يستقبلونه من أهوال وشدائد، في يوم القيامة الناس قلوبهم إلى الحناجر، أبصارهم خاشعة، قلوبهم واجفة، وجوههم ذليلة خاشعة، أما المؤمنون المتقون فهم لا خوفٌ عليهم ، لا يحزنهم الأفزع الأكبر، ما يخافون ، لهم الأمن ، لما ذكر الله تعالى ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ (الأنعام:82). في الدنيا وفي الآخرة. وقال وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ما يحزنون علي شيء فاتهم ، ومضى عليهم في الدنيا من أمر الدنيا ؛ لأن أمر الآخرة أعظم ، في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر. قال: الذين آمنوا ؛ من أوصافهم ، من هم أولياء الله؟ الذين آمنوا الصفة الأولى، وكانوا يتقون الصفة الثانية، يعني جمعوا بين الإيمان والتقوى، جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح، آمنوا بقلوبهم واتقوا بجوارحهم، وهنا أيضًا دليل على أن الإيمان يكون اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان والجوارح، يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. الناس يتفاوتون في التقوى ، الذين آمنوا وكانوا يتقون، والأولياء على درجتين: درجة المقتصدين، ودرجة السابقين والمسارعين، ولهذا قال النبي ﷺ قال: قال الله تعالى ” من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب” ثم قال ” وما تقرب عبدي إلي بشيء أحبّ إلي مما افترضته عليه” هذه درجة من أتى بالفرائض وابتعد عن المحرمات فهو من أولياء الله ، والدرجة التي هي أعلى من هذه من جاء بالفرائض وابتعد عن المحرمات وسارع في الخيرات والنوافل ، قال الله تعالى: ” ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبّه، فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به” إلى آخر الحديث. فالشاهد أن الناس يتفاوتون في الإيمان ، فمنهم قوي الإيمان ، ومنهم من هو دون ذلك. ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾، جمعوا بين الإيمان والتقوى، التقوى: أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية، بفعل الأوامر واجتناب النواهي، وذكرنا إذا جاءت التقوى مقرونة مثلا مع البر فالمراد بالتقوى ابتعاد عن المحرمات والبر فعل الأوامر والخيرات، قال تعالى: ﴿…وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى…﴾ (المائدة:2)، التقوى لوحدها فعل الأوامر واجتناب النواهي لكن لما تأتي مثلا مع البر، البر: فعل الأوامر والخيرات والتقوى اجتناب النواهي، وهنا أيضًا التقوى مع الإيمان، فالمراد من الإيمان العقائد الصحيحة وامتثال الأوامر وفعل الخيرات والتقوى الابتعاد عن العقائد الباطلة واجتناب النواهي إلى آخره. 

ثم قال المصنف: ثم صار الأمر عند أكثر من يدّعي العلم، يعني عند أدعياء العلم يدّعون العلم وهم ليسوا من أهل العلم يعني المتعالمين عند المتعالمين، وأنه من هداة الخلق يعني هو من هداة الخلق وحفاظ الشرع إلى أن أولياء الله لابد لهم من ترك اتباع الرسل، صار الأمر مقلوب ، يعني الولي ما يتبع الرسل لماذا؟ لأنه يأخذ دينه من ربه مباشرة ، يقال هذا وصل ، هذا واصل هذا العارف واصل ، واصل إلى الله ، يقول حدثني قلبي عن ربي ، البعض يقولون أنتم تأخذون دينكم عن ميت ثم عن ميت ثم عن ميت هكذا يقصدون الأسانيد، أما نحن ، هو يدعي الولاية يزكي أصلا نفسه، نحن مثلا نأخذ ديننا عن الله مباشرة ، يقول بعضهم حدثني قلبي عن ربي نأخذ عن الحيّ أنتم تأخذون عن الميت، نحن نأخذ عن الحيّ الذي لا يموت ، هكذا،  والبعض يدّعي الولاية يقول أنا ولي هذا خطأ، ربنا جلا وعلا نهانا أن نزكّي أنفسنا قال تعالى: ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ (النجم:32)، يعني البعض يزعم أنه ولي وأنه يفعل كذا وكذا باسم الولاية وهو من أولياء الشيطان، البعض يجلس يعني انظر كيف يخدع الناس يجلس ويصلي على رسول ﷺ وهو في مكانه جالس يصلي ويكثر من صلاة على رسول ﷺ ، لكن انظر إلى كيفية صلاته على النبي ﷺ تجد العجب العجاب، والأذان يؤذّن وهو جالس ، والصلاة تقام وهو جالس يصلي يظن أن هذا أعلى درجة، الناس يصلون وانتهى الناس من الصلاة ، وهو جالس لا يزال يصلي على النبي ﷺ يزعم أنه ولي لله عز وجل هكذا؛ الناس يطوفون بالبيت وهو ما يطوف ببيت الله عز وجل هكذا تجد عند بعض أهل الطرق، ما يطوف بالبيت ، يزعم أن البيت الكعبة تطوف بهم هكذا ، وصل بهم الحال الناس يطوفون وهو لا يطوف بالبيت ، وهو يزعم أن الكعبة تطوف بالأولياء تطوف بهم هكذا وصل الأمر. إذا كان سيد الأولياء النبي ﷺ يطوف بالبيت، حتى يعني هناك مسألة فقهية في بعض هذه الكتب، يعني من تأثر بهذه الخزعبلات والخرافات يعني أين يستقبل الناس إذا كانت الكعبة تطوفُ بالأولياء؟ يعني مسألة فقهية ، وذكر صاحب هذه الكتاب قولين: القول الأول: يصلون إلى الكعبة باعتبار الأصل ، أصل الكعبة أصل البيت، لأنه لا يتمكن أحد أن يعرف أين ذهبت الكعبة هل في الهند أو في أفريقيا أو في أوروبا أو كذا وكذا عند الأولياء في الهند أو في أفريقيا، والبعض قال لا ؛ لابد من التحري القول الآخر هكذا يعني يأتون بالأمور غربية وعجيبة. وهم يدّعون الولاية ويفعلون المنكرات باسم الولاية ، كما قلنا لكم.

قال هنا: ثم صار الأمر عند أكثر من يدعي العلم، وأنه من هداة الخلق وحفاظ الشرع إلى أن الأولياء لابد فيهم من ترك اتباع الرسل ومن تبعهم يعني من تبع الرسل فليس منهم يعني ليس من الأولياء هكذا تكون الأمور مقلوبة؛ من اتبع الرسل ليس من أولياء الله ، ومن لم يتبع الرسل فهو من أولياء الله هكذا يقلبون الحقائق. فهؤلاء يعني من أفجر الناس يتركون الفرائض، يعني من علامات أولياء الله أنهم يحافظون على الفرائض ويتركون المحرمات، و قلنا المرتبة الزائدة على هذه المرتبة من هم من يسارع في الخيرات، وهؤلاء يتركون الفرائض ويرتكبون المحرمات. يقول أحدهم يعني ما يأتي إلى صلاة الفرض يقول صليت في المكة، ما أدري تحمله الشياطين فيذهب إلى هناك هكذا يخدع الناس، يقول صليت في المكة اذهبوا أنتم وصلوا، وهم البعض منهم إذا كان في المرتبة عندهم درجة ومرتبة تسقط عنهم التكاليف ، فلا يؤدون فرضا ولا واجبا بل لهم أن يفعلوا ما يشاءون من المحرمات، يأكلون أموال الناس، يكذبون، يغشون، يزنون، عندهم لواط عندهم شرب خمور، عندهم كذا وكذا…، عندهم الأمور يعني يسمون هذه الأمور كرامات يأتون بشعوذة والدجل ويسمون هذه الأمور كرامات. الكرامة تحصل للأولياء تحصل لولي من أولياء الله لكن ما يجمع الناس ويأتي بالكرامة في أي وقت، يريد هذه الكرامة يأتي بها، وإذا أراد أن يأتي بها ما تحصل له أصلا، إنما تأتي يعني هكذا. أما هذا يجمع الناس ويريهم هذه الكرامة ويأكل النار ويأكل الزجاج ويدخل السياخ الحديد في جسده إلى آخره… ويدخل في النار هذه الشعوذة ودجل وأمور شيطانية، ما نشك أن الشياطين تعاونهم وهذا ما يكون إلا بالكفر بالله عز وجل. فلابد من معرفة أوصاف أولياء الله و أوصاف أولياء الشيطان.       

 قال: فمن جاهد فليس منهم يعني من جاهد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا ليس من أولياء الله عند هؤلاء الذين يدّعون العلم، ولابد من ترك الإيمان والتقوى، يعني الولاية عندهم ترك الإيمان وترك التقوى فمن تعهد بالإيمان والتقوى يعني تمسك بالإيمان والتقوى فليس منهم يعني ليس من أولياء الله هذا عند هؤلاء الذين يدّعون العلم ، عند المتعالمين ، عند المتصوفة إلى آخره. فلهذا هذا الأمر مسغرب يثير العجب،  فقال المصنف يا ربنا نسألك العفو والعافية إنك سميع الدعاء. فالشاهد أيها الإخوة لابد أن نعرف أوصاف وعلامات وسمات المتقين وسمات أولياء الله حتى نكون منهم، وأيضًا نعرف علامات وسمات أولياء الشيطان؛ هكذا تعرف سمات أهل السنة وتعرف سمات أهل البدع حتى تكون من أهل السنة، هكذا تعرف سمات السلفيين الذين هم على الحق الذين يدورون مع السنة حيث دارت، وتعرف سمات مثلا أهل الأهواء بل تعرف سمات المندسين بين السلفيين والمتسترين ، منهم من يتستر لكن في بعض الأمور تستطيع أن تعرف المندس والمتستر إذا عرفت السمات السلفية، فإنهم أولا: يتمسكون بكتاب الله وبسنة النبي ﷺ ويفهمون الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ، بفهم الصحابة، بفهم الأئمة الأربعة ، بفهم الأئمة من أهل قرون الثلاثة المفضلة ومن سار على نهجهم ودربهم إلى يومنا هذا، وهكذا من يرجع إلى أهل العلم الربانيين الراسخين ، هكذا يعظمون العلماء ويجلونهم ويحترمونهم ويأخذون العلم عنهم، ويعظمون ويجلون الصحابة، وأيضًا يرون السمع والطاعة لولي الأمر هذه علامات السلفية أهل الحق أهل السنة. أما علامات أهل الأهواء وأهل البدع والمندسين والمتسترين مثلا لو قالوا أننا نتمسك بالكتاب والسنة لكن ما يفهمون الكتاب والسنة على فهم السلف ، ما يرجعون إلى أهل العلم، تجدهم البعض يطعن في الصحابة، تجدهم عندهم منابذة لولي الأمر، إنكار علني، تشهير، ذكر مساوئ ولي الأمر، عندهم الخروج ولو بالقول هذه العلامات وسمات أهل الأهواء والمندسين والمتسترين، عندهم وقيعة في العلماء يمبزون أهل العلم، كما قال بعض السلف، علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر، هذه علامة وسمة ظاهرة  و واضحة، أيضًا مخالطة أهل الأهواء والبدع علامة ، ولهذا المسلم ينبغي أن يخالط أهل الحق يخالط العلماء ومن سار على دربهم، ما يخالط أهل البدع. وأيضًا من علامات أهل الحق والسلفيين أنهم يثنون على العلماء ويرون الرد وما يدافعون عن أهل الباطل والأهواء بل يردون على أهل الأهواء والباطل ، أما المندسين والمتسترين باسم السلفية مثلا ، تجدهم يطعنون في أهل العلم ويثنون على أهل الأهواء والبدع ويدافعون عنهم ، هذه علامات واضحة، فإذا عرفت هذه العلامات تستطيع أن تعرف المندس والمتستر فهذا أشدّ خطرًا من الذي أظهر مثلا بدعته، ولهذا قال بعض سلف من يجالس أهل البدع أشد علينا من أهل البدع. فلهذا أيها الإخوة لابد من معرفة هذه الأوصاف، أوصاف أهل الحق أوصاف الباطل ؛ حتى نكون من أهل الحق ولا نكون من أهل الباطل ، حتى نكون من أولياء الله ولا نكون من أولياء الشياطين. بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى اله وصحبه أجمعين.