بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، قال المصنف (رحمه الله): الأصل الرابع بيان العلم والعلماء والفقه والفقهاء، وبيان من تشبه بهم وليس منهم وقد بيّن الله تعالى هذا الأصل في أول سورة البقرة من قوله: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ …إلى قوله قبل ذكر إبراهيم (عليه السلام) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ ، الآية. ويزيده وضوحًا ما صرّحت به السنة في هذا من الكلام الكثير البيّن الواضح للعامي البليد، ثم صار هذا أغرب الأشياء، وصار العلم والفقه هو البدع والضلالات ، وخيار ما عندهم لبس الحق بالباطل، وصار العلم الذي فرضه الله تعالى على الخلق ومدحه لا يتفوه به إلا زنديق أو مجنون، وصار من أنكره وعاداه وصنف في التحذير منه والنهي عنه هو الفقيه العالم.
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فقد ذكرنا أن هذه الأصول التي ذكرها الشيخ (رحمه الله) أنها كلها تحقق الأصل الأول وهذه الأصول مترابطة بعضها مع بعض، كما قلنا أنك ما تستطيع أن تقيم دينك إلا بالجماعة ، أما في الفرقة ما تستطيع، ما تستطيع أن تعبد الله كما أمرك، ما تستطيع يعني أن تعبد الله بطمأنينة وخشوع وسكينة ، وإنما في خوف وهلع ، ما تستطيع أن تشهد الجمعة والجماعات فهذه الأصول مترابطة ، والاجتماع ما يكون إلا بالإمام ، والإمام ما يكون إلا بسمع والطاعة هكذا ، وأيضًا كما قلنا من أعظم التفرق في الدين أن تعبد الله عز وجل على ضلال ، هكذا يكون التفرق في الدين فارقت الحق. وكما قلنا بالسمع والطاعة للإمام ، بوجود الحاكم ، والسمع والطاعة تنتظم المعيشة ، ويصلح حال الناس في أمر دنياهم، وأيضًا بالالتفاف حول العلماء تستطيع أن تعبد الله على بصيرة ، وبما جاء به النبي ﷺ ، هكذا يعني بالالتفاف حول الأمراء تستقيم الدنيا ، وبالالتفاف حول العلماء يستقيم الدين ، والمراد من قوله ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ…﴾ (النساء_59) أولي الأمر يعني العلماء و الأمراء ، فالشاهد كما ذكر عبد الله بن سهل التستري (رحمه الله) “لا يزال الناس بخير ما عظّموا السلطان والعلماء ” فإن عظّموا هذين أصلح الله دينهم ودنياهم ، وإن استخفوا بهذين أفسدوا دينهم ودنياهم”. فالشاهد كما أنك تسمع وتطيع لولي أمرك ، وتحرص على الجماعة ، وتحذر من الفرقة حتى تقيم دينك، أيضًا تلتف حول العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، من أين تأخذ علم النبي ﷺ ؟ من العلماء ، ولهذا قال النبي ﷺ :” وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورّثوا العلم فمن أخذه، أخذ بحظ وافر”. فلابد إذا أردنا أن نخلص العبادة لله ؛ لأن العبادة مبنية على أمرين الإخلاص يعني تجاهد نفسك الإخلاص وعدم الرياء ، ما تصرف العبادة لغير الله أيضًا هذا يحتاج إلى علم، وأيضًا تجاهد نفسك على عدم الرياء، والشيطان يأتيك فأنت لابد أن تجاهد نفسك وتجاهد الوساوس الشيطان، الإخلاص ؛ العبادة مبنية على الإخلاص والمتابعة أن تكون العبادة على هدي النبي ﷺ وهذا يحتاج إلى سؤال ، إلى تعلّم، والله عزوجل قال: ﴿…فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النحل_43) فهذا الأصل مهم قال: بيان العلم أي علم ومن هم العلماء ، بيان العلم والعلماء والفقه والفقهاء و بيان ضد أولائك أو من تشبه بهم وليس منهم ، فالمقصود بالعلم هو العلم الشرعي إذا وجدت العلم في كتاب الله أو في سنة النبي ﷺ ، فاعلم أنه هو العلم الشرعي ، فقد مدح الله وأثنى على العلم يعني على العلم الشرعي في كتابه ، هذا هو المقصود من العلم، لا علوم الدنيا ليس بالمقصود العلم الذي ذكره الله وذكره النبي ﷺ في سنته علوم الدنيا؛ يعني علم الهندسة وعلم طب وعلم كذا وكذا ، لا، وإنما العلم الشرعي ذكره الله في كتابه آيات كثيرة ، فقال تعالى: ﴿…إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ…﴾ (فاطر_28) وقال تعالى: ﴿…يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ… ﴾ (المجادلة_11) وقال تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ…﴾ (ال عمران_118) الآيات كثيرة فالمراد بالعلم المذكور في هذه الآيات وكذلك قوله تعالى:﴿…وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (طه_114) هو العلم الشرعي علم الكتاب والسنة. وأيضًا قال النبي ﷺ :” من يرد الله به خيرًا يفقهه فى الدين” المقصود بالفقه فقه الكتاب والسنة، وقال ﷺ : ” من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة” هذا هو العلم والفقه والعلماء والفقهاء، فالمقصود من العلماء والفقهاء، فالعلماء هم الذين يحملون هذا العلم الصحيح ، والفقهاء هم الذين يحملون هذا الفقه الصحيح ، المستمد من كتاب الله ومن سنة النبي ﷺ على فهم سلف هذه الأمة ؛ يعني من الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، على فهم الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ، ومن مشى على نهجهم ودربهم إلى يومنا هذا، هكذا أهل القرون الثلاثة المفضلة ، الأئمة الأربعة ، والله عز وجل قال:﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ…﴾ (التوبة _100) هؤلاء هم السلف، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ (النساء_115) يعني يتّبع غير سبيل الصحابة، ولهذا لمّا ذكر النبي ﷺ الفِرَق قال: ” افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة قالوا وما هي؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي ، وفي رواية الجماعة” أصحاب النبي ﷺ ومن سار على دربهم هؤلاء هم العلماء، من سار على درب الصحابة بفهم الكتاب والسنة، وتفهم ما جاء عن السلف على فهم العلماء ؛ علماء زمانك واضح. ثم لابد من معرفة العلماء، العالم كما قلنا الذي يتكلم بالكتاب والسنة وبفهم الصحابة كما قال ابن القيم (رحمه الله) عن العلم هذا هو العلم الصحيح: ” العلم قال الله وقال رسوله وقال الصحابة هم أولوا العرفان” هذا هو العلم ، فالشاهد أن العالم الرباني هو الذي يستمد أقواله من كتاب الله وسنة الرسول ﷺ على فهم سلف هذه الأمة، والذي يدندن حول التوحيد يعني يجمع الناس على السنة ، ويدور بهم حيث دارت هذا هو العالم، العالم الذي يعلّم الناس صغار العلم قبل كباره يتدرج بهم، يبدأ بالتوحيد أولا ، ويعلم الناس السنة ويفقّههم في دين الله عز وجل، يعلّمهم ما فرض الله عليهم من فرائض وأركان و صلوات الخمس وهكذا، هذا هو العالم يتدرج ، ما يقفز إلى المطوّلات قبل المختصرات، العالم الرباني هو الذي يعلّم الناس صغار العلم قبل كباره، والعالم الرباني هو الذي يعمل بعلمه ، هذا هو العالم الرباني، ويكون مخلصا ، من كان عالمًا عاملًا مخلصًا في طلبه للعلم وفي عمله، ولهذا قال الفضيل (رحمه الله):” لا يزال العالم جاهلا حتى يعمل بعلمه ، فإذا عمل بعلمه صار عالمًا” الإنسان يعمل بعلمه وإلا كان هذه العلم ضارًّا وما كان نافعًا ، ويكون هذا العلم وبالًا وحجة عليه يوم القيامة “
وعالمٌ بعلمه لا يعملنّ *** معذبٌ قبل عباد الوثن” يعني الإنسان ينتبه لهذا الأمر يطلب العلم لوجه الله ؛ حتى يرفع الجهل عن نفسه وعن الآخرين ، هذا هو العالم، صالحًا مصلحًا، صالحًا في نفسه ، مصلحًا لغيره يدعو إلى الله لا إلى نفسه هذا هو العالم، يجمع الناس ويربطهم بالعلماء، ما يحب الظهور ، و إنما يخاف على نفسه من العجب والغرور، ما يحب الظهور ، يدعو إلى الله ، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي…﴾ (يوسف_108) وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إلى اللَّه…﴾ (فصلت_33) فالإنسان والعالم الرباني ، العالم الحقيقي الذي يدعو إلى الله إلى كتاب الله وسنة النبي ﷺ وبفهم السلف الصالح يدعو إلى التوحيد ، ويربط الناس بالعلماء يجمع الناس على السنة هكذا هذا هو العالم الرباني.
وبيان من تشبه بهم وليس منهم، لبسوا ثوب يعني لباس العلم زورًا وتزيّوا بزي أهل العلم ، وتقمصوا قميص العلم وهم ليسوا بالعلماء، تصدروا للناس ويتكلمون في مسائل ما تهم الناس في أمر دينهم بل يشغلونهم بالقيل والقال، ويبعدون الناس عن أهل العلم يصدونهم هكذا ينفرون الناس من العلماء كما سيأتي، يبنون علومهم على العقل ، على الأراء ، ويذكرون للناس القصص هكذا يحببون الناس إلى ما عندهم بالقصص ؛ لأن العلم ثقيل ، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ (المزمل_5) فيزهّدون هؤلاء يعني من علاماتهم أنهم يزهدون الناس في التوحيد ، يزهدون الناس في السنة، يستدلون بأحاديث الضعيفة، يأوّلون ويحرّفون النصوص ، ويزهّدون الناس في العلماء، يفصلونهم عن أهل العلم، ويصدّون الناس عن العلماء ، هؤلاء هم الذين تشبهوا بأهل العلم وهم ليسوا من أهل العلم يعني هؤلاء هم أهل الأهواء أهل البدع ، والنبي ﷺ بيّن أنّه في آخر الزمان ربنا جلا وعلا يقبض العلم فقال:” إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من الناس وإنما يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقِ عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهّالا ، فسألوا فأفتوا فضلوا وأضلوا” كما بيّن ﷺ في آخر الزمان ينطق الرويبضة ؛ الرجل التافه الذي يتكلم في أمر العامّة، لابد أن نعرف ، فمن تكلم في الفتن هؤلاء هم ؛ يعني من تشبه بهم وليس منهم دعاة السوء ، علماء السوء، ودعاة الفتنة ، هم هؤلاء الذين تصدروا للناس في المجالس وفي القنوات وفي كذا وكذا في وسائل الإعلام ، كل من تكلم في دين الله ولم يتأصل التأصيل العلمي ، ولم يأخذ العلم من أفواه العلماء، يعني ما ثنّى ركبته عند العلماء، يعني ما جلس عند العلماء ؛ وإنما أخذ شيئًا يسيرا من بطون الكتب، ما يرجع إلى أهل العلم الربانيين أبدًا ، وإنما يعرض هذه الأمور على عقله ، على أقوال فلان وفلان من أهل الأهواء وهكذا ، فلابد أن نعرف العالم وممن تشبه بهم يعني بالعلماء.
قال(رحمه الله): وقد بين الله تعالى: هذا الأصل في أول سورة البقرة من قوله تعالى: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ (البقرة_40)…إلى قوله: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ (البقرة_47). كما قلنا ربنا جلا وعلا أمرنا بأن نسأله الهداية في الكتابه ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (الفاتحة_6) حتي نرفع الجهل هكذا نرفع الجهل بأن ندعو الله في كل يوم أكثر من سبع عشرة مرة في صلاتنا لمّا تقرأ الفاتحة ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (الفاتحة_6) صراط من؟ ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم…﴾ (الفاتحة_7) من أنعم الله عز وجل عليهم ورضي عنهم، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ (النساء_69) ﴿…غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ (الفاتحة_7) لا سبيل الضالين ، ولا سبيل المغضوب عليهم ، لا طريقة اليهود ولا طريقة النصرى، فاليهود علموا ولم يعملوا بل خالفوا ما علموا، والنصرى عبدوا الله على جهل وعلى غير هدى ، عبدوا الله على ضلالة، لا سبيل هؤلاء ولا سبيل هؤلاء وإنما سبيل المؤمنين واضح. فجاءت للتفصيل والرد على هاتين الطائفتين في أول سورة البقرة الرد على المغضوب عليهم استحقوا اللعنة والغضب ؛ لأنهم خالفوا ما علموا ، هكذا من أجل الدنيا ، من أجل المال والمناصب والمكانة، أرادوا من الناس أن يسمعوا لهم فكتموا الحق، اليهود كتموا الحق ، ولهذا قال سفيان: ” من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود” فاليهود عرفوا الحق وخالفوه ، فجاء الرد في سورة البقرة ، وبيان ما عندهم. وجاء الرد أيضا على النصارى في أول سورة ال عمران في آيات كثيرة ، لما ذكر الله عن زكريا وعن عيسى (عليهما السلام) فالشاهد أن اليهود ومن شاكلهم ، ومن كان من علماء السوء ودعاة الضلالة يكتمون الحق، ويلبّسون على الناس ، ولهذا قال ربنا جلا وعلا ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (البقرة_42) ثم ذكر بعد آية ، قال: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ (البقرة_43) فـهؤلاء يلبّسون على الناس، يقلبون الحقائق ، من تشبه بأهل العلم يعني وليس من أهل العلم يعني يكتم الحق، ويلبّس على الناس.
قال: ويزيده وضوحًا ما صرحت به السنة في هذا من الكلام الكثير البيّن الواضح للعامي البليد، يعني السنة جاءت أيضًا كما جاءت في كتاب الله أيضًا السنة جاءت ببيان العلم والعلماء ، وأيضًا بيان من تشبه بهم وليس منهم في كتاب الله ، وأيضًا في سنة النبي ﷺ هذا الشيء لو قرأه العامي يجده ، لكن لابد أن يتجرد عن الهوى، يكون طالب للحق. قال: ثم صار هذا أغرب الأشياء يعني ثم صار هذا العلم الصحيح المستمد من الكتاب والسنة على فهم السلف هذه الأمة ثم صار هذا العلم أغرب الأشياء، فصار العلم والفقه هو البدع والضلالات عند من؟ عند أهل الأهواء الذين يتبعون كل ناعق ، ويتبعون كل من تصدر، هؤلاء يلبّسون على الناس، يقلبون الحقائق ، ويسمّون الأشياء بغير اسمها، فصار العلم والفقه هو البدع و الضلالات، هكذا إذا ما بيّن الراسخين الرّبانيين الحق وسكتوا وكتموا وما أمروا بالمعروف ، وما نهوا عن المنكر، هكذا الناس يظنون أن السنة بدعة والبدعة سنة لماذا؟ لأن العلماء سكتوا، وهؤلاء يلبسون على الناس فلابد من الرد والبيان ، وإلا كان هذا غش وكتمان للحق، فلهذا البيان والرد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة من أفضل الجهاد ومن أفضل الكلام أفضل من الجهاد في سبيل الله ، ما يقوم به العلماء أفضل من الجهاد في سبيل الله ، وقال الله عز وجل ﴿…وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ (الفرقان_52) من أعظم الجهاد بيان بطلان هؤلاء.
ولهذا الإمام أحمد بن حنبل(رحمه الله) ردّ وبين الحقائق ، ردّ على الأهل الكلام هؤلاء الذين قالوا بخلق القرآن ردّ عليهم ، وبيّن أن القرآن كلام الله ليس مخلوق، كلام الله حقيقةً تكلم به بصوت وحرف. وهكذا شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) ردّ على المتكلمين. وأيضًا الشيخ المصنف (رحمه الله) ردّ على القبوريين وهكذا. قال: و خيار ما عندهم ، يعني عند أهل الأهواء ومن تشبه بالعلماء وهو ليس منهم وخيار ما عندهم لبس الحق بالباطل، يعني أحسن ما عندهم أنهم يجيدون ويحسنون ويتفنون في لبس الحق بالباطل وقلب الحقائق وتسمية الأشياء بغير اسمها هكذا كما قلنا علينا بالحقائق لا بالمسميات قد يغيرون المسميات، يسمّون الخروج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يسمّون التهييج نصيحة، يسمّون الشرك محبة للصالحين، ويسمّون التوحيد بغض الصالحين، هكذا قلب الحقائق. وخيار ماعندهم بل هذا يعني لبس الحق بالباطل هذا ليس فيه خير بتاتّا، لكن هم يتفنون فعلمنا أن هؤلاء ما عندهم خير بل هم ضائعون، تائهون، ضالون لأن ما عندهم خير أصلًا، فإذا كان أحسن ما عندهم هذا ليس عندهم شيء، وخيار ماعندهم لبس الحق بالباطل.
وصار العلم الذي فرضه الله يعني العلم الصحيح المستمد من الكتاب والسنة على فهم السلف، وصار العلم الذي فرضه الله تعالى على الخلق ومدحه لا يتفوه به إلا زنديق أو مجنون هكذا أهل الأهواء والمتشبهين بالعلماء زورًا وبهتانًا هؤلاء الذين تقمّصوا قميص العلم يقلبون الحقائق، ويطعنون في أهل الحق، يرمونهم بما فيهم، بما فيهم يرمونهم يلبسون على الناس هكذا، يقولون أنهم زنادقة أنهم مجانين، وكما قلنا هذه سنة الله في ماذا؟ في خلقه، يعني الكفار قالوا للنبي ﷺ شاعر، مجنون، كاهن، ساحر، كذاب هكذا ، كذلك كما قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ (الذاريات_52) هكذا كانوا يتطيّرون بالرسل كانوا يتشاءمون بهم ، لماذا؟ تنفيرًا، حتى ينفّروا الناس من الرسل ، وأنّ ما أصابهم بسبب الرسل، بل ما أصابهم بسبب أنفسهم، وهذا مقدّر عند الله طائرهم عند الله يعني بقدر الله ، وطائركم معكم أي بسبب أنفسكم ، هكذا كانوا يتشاءمون بالرسل يعني تنفيرًا، و هكذا تجد حتى زماننا هذا منذ القديم ، الرسل قالوا عن موسى(عليه السلام) كذاب و مجنون وهكذا قالوا عن النبي ﷺ ، وهكذا عن الأئمة ومن بعدهم، تجد الآن من يقول يعني ينفرون الناس يعني يلقبونهم بالألقاب يعني يقولون (الوهابي) لماذا؟ حتى ينفروا الناس من دعوة الشيخ لأنه كان يحارب الباطل والشرك ؛ لأنه كان يحارب أهل الشرك، ينفرون الناس من دعوته زورًا ، هكذا زنديق أو مجنون، وأيضًا يعني لو فتحت كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب (رحمه الله) ما تجد إلا آيات وأحاديث وأقوال الصحابة وآثار عن السلف. كذلك في زمننا هذا يقولون (جامية) يقولون (مداخلة) لماذا؟ لأن الشيخ محمد أمان الجامي بين عوار هؤلاء الذين طعنوا في العلماء في حرب الخليج ، لما قالوا هؤلاء ما يفقهون الواقع ، وقالوا علماء حيض و نفاس ، وهكذا يلقبونهم بالألقاب يصدّون الناس عن العلماء. هكذا لمّا بين أمرهم وكشف عوارهم ، وكل من ردّ وبيّن خطر هؤلاء وتكلم على أهل البدع ، قالوا أنه (جامي) أو (مدخلي) أو (مداخلة) هكذا يقولون من باب التنفير، لماذا؟ لأن الشيخ ربيع ومن معه من العلماء يبينون كل من انحرف عن السنة وأحدث في دين الله ، ردّ الشيخ مثلا برد علمي وهؤلاء ما يحبون الردود ، ويقولون أن هذه الردود تقسي القلب، وهذه الردود تفرّق الصف ويأتون بهذه الأمور. فالشاهد أنهم يلقبون أهل الحق بهذه الألقاب من باب التنفير ، ومن باب صدّ الناس عن العلماء يعني صد الناس عن دين الله هذا المقصود.
وقال: صار من أنكره يعني أنكر العلم الصحيح المستمد من كتاب الله وسنة النبي ﷺ وعاداه يعني من عادى العلم الصحيح المستمد من كتاب الله وسنة النبي ﷺ على فهم سلف الأمة ، وصنّف يعني الكتب وكتب المقالات وكذا وكذا وقال في التحذير منه يعني من العلم الصحيح والنهي عنه هو الفقيه العالم ، صارت الأمور معكوسة. فالشاهد علينا أن نلتفّ حول علمائنا ، وأن لا نفارق أهل العلم ، وأن نرجع إليهم دائمًا وأبدًا والعلماء موجودون ، كان الشيخ ابن باز(رحمه الله) وابن عثيمين والألباني والشيخ مقبل والشيخ زيد والشيخ أحمد النجمي وغيرهم ، وأيضًا إلى الآن العلماء موجودون الشيخ صالح الفوزان والشيخ العباد و آل الشيخ والشيخ ربيع والشيخ عبيد واللحيدان، فنرجع عند الإشكال إلى هؤلاء العلماء، كما قال تعالى: ﴿…فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النحل_43) هكذا الإنسان يرجع إلى أهل العلم ، فما يتخبط في دينه ؛ إذا رجع إلى أهل العلم، فلابد أيها الأخوة أن نعبد الله عز وجل على بصيرة، فمن عبد الله عز وجل على بصيرة بإخلاص وهدى قَبِل الله عز وجل منه ؛ و إلا العبادة كانت مردودة إذا فقدت يعني الشرط الأول الإخلاص أو المتابعة. فنسأل الله عز وجل أن يتقبل منّا وأن يجعلنا ممن يتّبع أهل العلم الربانيين ، يعني يجعلنا أيضًا نتّبع الكتاب والسنة بفهم سلف هذه الأمة ، وأن نلتفّ حول ولاة أمرنا وحول علمائنا و أن لا نفارق الجماعة، بارك الله فيكم وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ