إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فيقول الله تعالى في كتابه العزيز: (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)، فصاحب القلب السليم هو الذي استسلم لله تعالى بالتوحيد وانقاد له بالطاعة وتبرأ من الشرك وأهله، أي هو الذي أفرد الله تعالى بالعبادة دون سواه، وامتثل أمره جل وعلا واجتنب نهيه، ولم يصرف شيئاً من العبادات لغير الله لا إلى ملك مقرب ولا لنبي مرسل ولا لولي صالح، جعل العبادة كلها لله وحده دون سواه، لم يقع في الشرك صغيره وكبيره عظيمه ويسيره دقيقه وجليله، وإنما اخلص العبادة لله تعالى؛ لم يقع في الشرك الأكبر، لم يذبح لغير الله عز وجل، ولم ينذر لغير الله عز وجل، ولم يدع غير تعالى، وإنما إذا دعا دعا الله وحده، وإذا نذر نذر لله تعالى، وإذا ذبح ذبح لله تعالى.
صاحب القلب السليم هو الذي لم يقع في الشرك الأصغر، لم يقل ما شاء الله وشاء فلان، إذا حلف حلف بالله وحده، لم يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يحلف برأس أبيه أو أمه، أو يحلف بالرفقة أو بالنعمة أو بحياة فلان أو بالشرف وما شابه ذلك، وإنما إذا حلف حلف بالله وحده؛ لأن من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
صاحب القلب السليم لم يعلق على صدر أو على جزء من بدنه شيئاً من هذه التمائم. صاحب القلب السليم لم يأتِ كاهناً ولا عرافاً؛ لأنه يعلم أن الغيب لا يعلمه إلا الله. صاحب القلب السليم عباد الله هو الذي اتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة.
هكذا صاحب القلب السليم هو الذي اجتنب الذنوب والمحرمات لاسيما الكبائر كالقتل والزنا وشرب الخمر وأكل الربا والسرقة.
هكذا صاحب القلب السليم يحب الخير لإخوانه يلين معهم ويرفق بهم كما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة ثلاثة رجل رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم.
هكذا صاحب القلب السليم لا ضغينة تجاه إخوانه، لا يحمل كراهية أو بغضاء تجاه إخوانه، وإنما يكون صدره سليماً وقلبه سليماً تجاه إخوانه؛ لا يتكبر عليهم ولا يعجب بنفسه ولا يصيبه الغرور، ولا يحمل حسداً على إخوانه هذا هو صاحب القلب السليم، فنسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا قلباً سليماً نلقاه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالعقل السليم عباد الله هو الذي صاحبه اجتنب كل ما يضر بعقله، كهذه المسكرات، كالخمور والمخدرات فإنها من المهالك، ولا يجوز لأي إنسان أن يقتل نفسه بهذه المهلكات، ومن قتل نفسه بشيء منها عذب بهذا الشيء، كما بيَّن النبي عليه وسلم ومن تحسى سما فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.
فصاحب العقل السليم عباد الله هو الذي يقدم قول الله وقول رسول صلى الله عليه وسلم على كل الأقوال والآراء.
صاحب العقل السليم هو الذي ينبذ فكر الخوارج هذا هو صاحب العقل السليم؛ ينبذ فكر الخوارج ومن انبثق من هذه الفرقة من الإخوان والسرورية والبنائية والقطبية، وكذلك غيرهم كالقاعدة والنصرة والدواعش، فهؤلاء لهم أفكار يفسدون أفكار وعقولاً أولادنا وشبابنا؛ يزرعون في عقولهم وأفكارهم الأفكار الهدامة الخبيثة، هذه الافكار والله جاءتنا من الخارج من هؤلاء الخوارج؛ يزرعون في عقولهم وأفكارهم قتل الأبرياء باسم الجهاد وباسم الغيرة على الدين فلابد أن نحذر هؤلاء.
هؤلاء يزرعون فكر المظاهرات والاعتصامات والنزول إلى الميادين ورفع الرايات والشعارات، فهذه الأفكار دخيلة وهي خبيثة، فلابد أن نجتنبها، فالعقول السليمة تنبذ هذه الأفكار الخبيثة التي تأتينا من هؤلاء الخوارج وغيرهم من الإخوان والسرورية والبنائية والقطبية، فنسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحفظنا وأن يحفظ أولادنا وشبابنا من هذه الأفكار الخبيثة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ محمد بن زايد ونائبه وولي عهده والشيخ الدكتور سلطان القاسمي وسائر حكام الإمارات، وارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم والشيخ خليفة وإخوانهم شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إليك، اللهم احفظ الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها وعلى سائر بلاد الإسلام والأمن والأمان يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.
4 شعبان 1444 ه الموافق 24/2/2023
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ