إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد: فنقف اليوم مع صحابية من الصحابيات الجليلات رضي الله عنهن أجمعين، نقف مع خديجة بنت خويلد رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فهي من السابقات إلى الإسلام، والله عز وجل قال عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم)، فخديجة رضي الله عنها بشرها النبي صلى الله عليه وسلم ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: اقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، فخديجة رضي الله عنها أفضل نساء أهل الجنة وخير نساء العالمين، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (خير نساء العالمين أربع مريم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون)، فخديجة رضي الله عنها لها المواقف المشرفة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فهي التي وقفت مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته فآزرته، صدقت النبي صلى الله وسلم وآمنت به وطمأنته وواست بمالها، ومما طمأنت به النبي صلى الله عليه وسلم قولها: (والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق)؛ نعم والله من كانت هذه خصاله فالله عز وجل لا يخزيه أبداً من يصل الرحم ويصدق في الحديث ويساعد الضعيف ويعطي الفقير وأيضا يكرم الضيف، هذا والله لا يخزيه ربنا جل وعلا أبداً، كما قالت خديجة رضي الله عنها: (كلا والله لا يخزيك الله أبداً)؛ هذه هي المرأة الصالحة التي تقف بجانب زوجها في محنته وشدته، فخديجة رضي الله عنها ضربت أروع الأمثلة في التضحية والصبر ومواساة الزوج، فهي عباد الله الأسوة والقدوة لزوجاتنا، فالمرأة الصالحة هي التي تقف بجانب زوجها في محنته وشدته، والمرأة عباد الله إذا كانت صالحة كانت من أهل الجنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت)، فالمرأة هي التي تحدد مصيرها بنفسها إما إلى جنة وإما إلى نار، فقد جاءت عمة حصين بن محصن إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة، فلما فرغت من حاجتها، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أذات زوج أنت؟ قالت نعم، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: كيف أنت له؟ قالت لا آلوه إلا ما عجزت عنه، أي أبذل وسعي وجهدي في خدمته إلا في شيء عجزت عنه، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: فانظري أين أنت منه فإنه جنتك ونارك، فحق الزوج عظيم على زوجته حتى إن معاذ قدم من الشام فسجد للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قال: يا رسول الله قدمت الشام فوجدتهم يسجدون لبطارقتهم وأساقفتهم، أي لعظمائهم وكبرائهم فأردت أن افعل ذلك بك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تفعل لو كنت آمراً احدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها)، فصلاة المرأة عباد الله لا ترتفع عن رأسها إن عصت زوجها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما عبد أبق عن مواليه حتى يرجع وامرأة عصت زوجها حتى ترجع)، فللنساء ولزوجاتنا القدوة والأسوة الحسنة في هذه الصحابية الجليلة خديجة رضي الله عنها وأرضاها، فنسأل الله سبحانه وتعالى عباد الله أن يجعل نساءنا يقتدين بهذه الصحابية الجليلة خديجة رضي الله عنها أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فكما قلنا فلزوجاتنا الأسوة والقدوة الحسنة في هذه الصحابية خديجة رضي الله عنها، فهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم أولاده، والمرأة عباد الله مسؤولة عن بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، فالأم تربي أولادها على طاعة الله عز وجل أولا تغرس فيهم العقيدة الصحيحة، وتربيهم على الصلاة والمحافظة على هذه الصلوات الخمس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر)، وأيضا الأم تربي بناتها على العفة والحشمة والطهارة والحجاب يقول الله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذالك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً)، ويقول تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن)، ثم ذكر ربنا جل وعلا بقية المحارم، وإذا سألت متاعاً تسأل من وراء حجاب كما قال الله تعالى: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)، الأم عباد الله تحذر بناتها من الاختلاط بالرجال الأجانب، فلا يخلو رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، فالحذر الحذر عباد الله من الاختلاط وعلى الأمهات إن يربين أولادهن التربية الصالحة، فنسأل الله سبحانه وتعالى عباد الله أن يصلح زوجاتنا وذرياتنا يا رب العالمين اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ خليفة ونائبه وولي عهده والشيخ الدكتور سلطان القاسمي وسائر حكام الإمارات، وارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم وإخوانهما شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم احفظ الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها وعلى سائر بلاد الإسلام والأمن والأمان يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى ونعوذ بك من النار ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.
1 رجب 1440 ه الموافق 8/3/2019
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ