إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فيقول الله تعالى في كتابه العزيز: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من كظم غيظاً وهو قادرٌ على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء)، وأيضاً يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا).
فعلى العبد المسلم أن يكظم غيظه وألا يغضب، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً بألا يغضب، فقد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم الوصية فأوصاه النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الغضب، وكرر الوصية والنبي صلى الله عليه وسلم يوصيه بعدم الغضب؛ لأن الغضب مفتاح كل شر، وفي ترك الغضب حسن الأخلاق، كما قيل لابن المبارك رحمه الله: اجمع لنا حسن الخلق في كلمة، فقال رحمه الله: ترك الغضب، وكذا قال الإمام أحمد رحمه الله وإسحاق ابن راهويه: (حسن الخلق ترك الغضب).
الغضب عباد الله جمرة يلقيها الشيطان في قلب العبد فيغلي دمه في قلبه فتحمر عيناه وتنتفخ أوداجه، فلهذا بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الحل والعلاج، استب رجلان عند النبي صلى الله وسلم وأحدهما قد احمر وجهه وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، فنسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجنبنا الغضب وأن يجعلنا ممن يكظم غيظه يا رب العالمين، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فعلى العبد المسلم أن يكظم غيظه ولا يغضب، وإذا غضب يسكت ولا يستمر في كلامه إن كان يقول قولاً قبيحاً أو سيئاً أو ما شابه ذلك يسكت ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، (إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله سكن غضبه) كما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم، والغضبان إذا كان قائماً عليه أن يجلس، فإن ذهب غضبه وإلا عليه أن يضطجع كما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا قابلك أحد بالإساءة فلا تقابله بالإساءة، وإنما اكظم غيظك، عليك أن تتحلى بالصبر وأن تحسن إليه وأن تعفو عنه هكذا، فتنقلب هذه الإساءة إلى إحسان، وهذا الرجل سينقلب فيما بعد إلى أخٍ وصديقٍ حميم كما بيًّن الله عز وجل في كتابه بقوله: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم).
إذا علينا أن التحلي بالصبر، علينا أن نعفو، والعفو فيه أجر عظيم، (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) (وليعفو وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم)، وقد كان صلى الله عليه وسلم لا يجزئ بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ويمتثل قول الله عز وجل: (فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين)، فنسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس وأن يجعلنا من المحسنين يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ محمد بن زايد ونائبه وولي عهده والشيخ الدكتور سلطان القاسمي وسائر حكام الإمارات، وارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم والشيخ خليفة وإخوانهم شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إليك، اللهم احفظ الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها وعلى سائر بلاد الإسلام والأمن والأمان يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.
28 ذو القعدة 1442 ه الموافق 9/7/2021
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ