إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن منزلة الصلاة عظيمة في ديننا، فقد فرضت في الملأ الأعلى، وهي عماد الدين، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد ركن التوحيد، وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة يحاسب، فإن صلحت صلاته صلح له سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله كما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم.
قد كتب الله عز وجل على العباد خمس صلوات في اليوم والليلة من جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة.
حافظوا عباد الله على هذه الصلوات الخمس، فمن حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها فليس له نورٌ ولا برهانٌ ولا نجاةٌ يوم القيامة؛ لهذا لابد أن نحذر من تضييع هذه الصلوات، فبين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة كما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أيضا: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها كفر)، وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة كما قال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي المتفق على جلالته، وقال عمر رضي الله عنه: (لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة)، وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: (لا إيمان لمن ترك الصلاة)، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (من ترك الصلاة فلا دين له).
فلهذا عباد الله علينا أن نحافظ على هذه الصلوات الخمس من حيث ينادى بهن، أي في مساجد الله تصليها جماعة قال ابن مسعود رضي الله عنه كما في صحيح مسلم: (من سره أن يلقى تعالى غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف)، فحافظوا عباد الله على هذه الصلوات الخمس لاسيما صلاة الفجر، فأثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر كما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عمر رضي الله عنه: (كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء وصلاة الفجر أسأنا به الظن)، فعلينا عباد الله أن نحافظ على هذه الصلوات الخمس، ونسأله سبحانه وتعالى أن يعيننا على ذلك يا رب العالمين، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فبعد أداء الفريضة يقول المصلي أستغفر الله ثلاثاً، ويسبح ثلاثاً وثلاثين ويحمد ثلاثاً وثلاثين ويكبر ثلاثاً وثلاثين ويختم هذا الذكر بلا إلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
ويشرع للمصلي بعد كل صلاة مكتوبة أن يقرأ آية الكرسي فمن قرأ آية الكرسي بعد المكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت كما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك يشرع للمصلي أن يقرأ الإخلاص والمعوذتين بعد كل فريضة.
وينبغي على المصلي أن يحافظ على سنن الرواتب القبلية والبعدية حتى إذا كان هناك خلل أو نقص تجبر هذه السنن ما وقع من النقص والخلل في الفريضة، فمن صلى هذه السنن الرواتب بنى الله له بيتاً في الجنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة) كما عند مسلم، وزاد الترمذي (أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الغداة).
فعلينا عباد الله أن نحافظ على هذه الصلوات الخمس، وأن نستزيد من النوافل والمستحبات، فنسأله سبحانه وتعالى أن يعيننا على ذلك.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ محمد بن زايد ونائبه وولي عهده والشيخ الدكتور سلطان القاسمي وسائر حكام الإمارات، وارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم والشيخ خليفة وإخوانهم شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إليك، اللهم احفظ الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها وعلى سائر بلاد الإسلام والأمن والأمان يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.
19 رجب 1444 ه الموافق 917/2/2023
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ