إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فيقول الله تعالى في كتابه العزيز: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم)، فينبغي على المسلم إذا ذُكر الله تعالى عنده أن يخشع قلبه، وأن ينقاد لأمره سبحانه وتعالى، وأن يخضع لعظمته جل وعلا يقول الله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) فالخاشع لكلام الله عز وجل يظهر خشوعه على تلاوته يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله)، فينبغي على المسلم إذا تلى القرآن أو إذا سمع القرآن أن يخشع لسماعه وتلاوته، فالجبال الراسيات إذا أنزل الله عز وجل عليها القرآن لوجدتها قد خشعت يقول الله تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله).
فلنا عباد الله في نبينا صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة الحسنة، فقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن يقرأ عليه القرآن فقرأ رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم سورة النساء حتى إذا بلغ قوله تعالى (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً) قال النبي صلى الله عليه وسلم حسبك فالتفت ابن مسعود رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا عيناه تذرفان، فالذي تُفيض عيناه عباد الله هو من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله كما بين النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا ذَكر الله خاليا ففاضت عيناه، فنسأله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته أن يجعلنا خاشعين عند تلاوة القرآن وعند سماعه أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فيقول الله تعالى عن صفات المؤمنين: (وإذا عليهم آياته زادتهم إيمانا) فتلاوة القرآن مما يقوي الإيمان لاسيما إذا خشع في تلاوته، كذلك سماع القرآن مما يقوي الإيمان المسلم حريصا على الأعمال الصالحة، فتدبر القرآن من العلم كما قال ابن القيم: تتدبر القرآن إن كنت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآن فاحرصوا عباد الله الخشوع عند تلاوتكم للقرآن وعند سماعه، فالنبي صلى الله عليه وسلم بيَّن إن أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا نرى فيها خاشعا، وقال حذيفة رضي الله عنه: (أول شيء تفقدون من دينكم الخشوع).
فلهذا عباد الله احرصوا على تلاوة القرآن وعلى الخشوع في قراءتكم، أيضاً احرصوا على الخشوع عند سماع القرآن، واعملوا عباد الله بالقرآن وتخلقوا بأخلاق القرآن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن كما قالت عائشة رضي الله عنها، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الخاشعين يا رب العالمين اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا الشيخ خليفة ونائبه وولي عهده والشيخ الدكتور سلطان القاسمي وسائر حكام الإمارات، وارحم الشيخ زايد والشيخ مكتوم وإخوانهما شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إليك، اللهم احفظ الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها وعلى سائر بلاد الإسلام والأمن والأمان يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.
14رجب 1442 ه الموافق 26/2/2021
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ يعقوب البنا - حفظه الله
ﺑﺮﻣﺠﺔ: ﻓﺎﺋﻖ ﻧﺴﻴﻢ